سحب 292 ملفا للترشح في انتخابات النقابات الفرعية للمحامين    رسائل قوية من السيسي لقادة أفريقيا وروسيا وبريطانيا وكوريا    التخطيط تترأس اجتماعا تحضيريا للجنة المصرية الأذربيجانية المشتركة للتعاون    خطة السلام الأمريكية تنص على تخلي أوكرانيا عن إقليم دونباس لروسيا    موعد المؤتمر الصحفي لمدرب الزمالك قبل مباراة زيسكو    بن رمضان ومعلول يقودان قائمة تونس في كأس العرب    رئيس صرف صحي القاهرة الكبرى يتفقد محطتي رفع بهتيم وبيجام بشبرا الخيمة    أحمد كامل يفاجئ جمهوره ب لسه حي، أول ميني ألبوم بقلم شاعر واحد    الرعاية الصحية تطلق حملة توعية لضمان الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية    زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب بنغلاديش    جامعة بنها وحياة كريمة ينظمان قوافل طبية وتوعوية بقرية الجلاتمة بمنشأة ناصر    أسعار الفراخ والبيض اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    طاقم تحكيم مباراة الزمالك وزيسكو في الكونفدرالية يصل القاهرة    كهرباء الإسماعيلية مهتم بضم كهربا    موعد التدريب الختامي للزمالك وزيسكو قبل موقعة الكونفدرالية    السياحة: تزايد أعداد السائحين البولنديين للمقصد المصرى بنمو 37% خلال 9 شهور    "النيابة" تستمع لأقوال المتهمين في واقعة قتل شاب بالدقهلية وإخفاء جثمانه 6 سنوات    أسماء مصابي مشاجرة الأسلحة النارية في أبو تشت بقنا.. إصابات بالغة بينها طلق ناري بالعين    ضبط 367 قضية مخدرات و229 قطعة سلاح نارى فى حملة موسعة    قائمة بنوك تتلقى رسوم حج القرعة 2026.. اعرف التفاصيل    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بين عائلتين بقنا    زيلينسكى يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة رشوة ال100 مليون دولار    فى ندوة اغتراب.. المخرج مهدى هميلى: أهدى هذا الفيلم إلى روح أمى    إكسترا نيوز من موسكو: العائلات وكبار السن من أبرز مشاهد انتخابات النواب    جامعة القاهرة: أصداء إعلامية عالمية واسعة للزيارة التاريخية للرئيس الكوري الجنوبي    تعرف على سر سورة الكهف.. وفضل قراءة السورة يوم الجمعة❤️    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" أذكار الجمعة التي تغيّر يومك للأفضل    تليجراف: ستارمر على وشك الموافقة على إنشاء سفارة صينية عملاقة جديدة فى لندن    رشا عبد العال: النظام الضريبي المتكامل للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه    "المهن التمثيلية" تحذر من انتحال اسم صناع مسلسل "كلهم بيحبوا مودي"    بورسعيد الأعلى، جدول تأخيرات السكة الحديد اليوم الجمعة    تطورات جديدة في ملف تجديد عقود ثنائي الزمالك    في عيد ميلادها.. جارة القمر فيروز كما لم تعرفها من قبل.. تعتني بابنها المعاق وترفض إيداعه مصحة خاصة    "القومي لعلوم البحار" يشارك في وضع إعلان بليم للمحيط COP 30    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    يامال: أريد الفوز بكل شيء مع برشلونة    أهلي جدة يستضيف القادسية لمواصلة الانتصارات بالدوري السعودي    إنشاء محطة الصب الجاف النظيف بميناء الدخيلة.. صور    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ على سواحل الكاريبي ردا على تحركات عسكرية أمريكية    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    شهيدان بنيران الاحتلال خلال اقتحام القوات بلدة كفر عقب شمال القدس المحتلة    مصادر: انتهاء استعدادات الداخلية لتأمين المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    بورصة وول ستريت تشهد تقلبات كبيرة    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في الاحتفال بمرور 1700 على مجمع نيقية    ضجة بعد تحذير جنرال فرنسي من خسارة الأبناء ضد هجوم روسي محتمل    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    الصحة العالمية: اللاجئون والنساء أكثر عُرضة للإصابة ب«سرطان عنق الرحم»    دراسة تكشف عن علاقة النوم العميق بعلاج مشكلة تؤثر في 15% من سكان العالم    محمد منصور: عملت جرسونا وكنت أنتظر البقشيش لسداد ديوني.. واليوم أوظف 60 ألفا حول العالم    أوقاف القاهرة تنظّم ندوة توعوية بالحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب    المتحف المصري يفتح أبوابه لحوار بصري يجمع بين العراقة ورؤى التصميم المعاصر    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    هل عدم زيارة المدينة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح بقناة الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومة الفوضى 2
العلاج تحت تهديد السلاح! مستشفيات عصر النهضة تعانى غياب الأمان.. الكلمة العليا للإهمال
نشر في الوفد يوم 20 - 11 - 2012

«أقسم بالله العظيم أن أراقب الله فى مهنتى. وأن أصون حياة الإنسان فى جميع أدوارها، وفى كل الظروف والأحوال، باذلًا وسعى فى استنقاذها من الموت والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم».
كان ذلك مطلع القسم الذى يؤديه كل طبيب بعد تخرجه فى كلية الطب ليبدأ فى ممارسة ما تعلمه طيلة 7سنوات قضاها ليتأهل لعمله فى تخفيف آلام الناس ومداوة كل مريض، ولكن يبدو أن هذا القسم فى مصر يتعدى كونه كلمات تقال للاحتفال لحظة التخرج، فالمريض فى مستشفيات مصر لايجد من يصون كرامته ولا من ينقذه من الموت بعد أن أفقدته الحكومة كرامته وإنسانيته وسلبت منه كل شىء فلم يتبق له إلا الصحة فأبت حكومتنا أن تتركها سليمة وتركتها للفوضى والعشوائية تأكل فيها.
رغم أن المواطن المصرى البسيط ارتضى الإهانة فى المستشفيات الحكومية وترك نفسه ضحية لمافيا المستشفيات والعيادات الخاصة إلا أنه لم يسلم من المرض ولم يشفى منه حتى أصبح «المصرى» هو المواطن الأعلى من حيث معدلات المرض على مستوى العالم، أما الضحية الثانية فهو الطبيب الصغير الذى أصبح بفضل وزارة الصحة إما طبيباً عاجز عن توفير أدنى متطلبات الشفاء لمرضاه أو يتحول إلى «طبيب شنطة» فى المستشفيات والعيادات الخاصة يأكل فى لحوم مرضاه ومن هنا ظهرت فى الآونة الأخيرة دعوات من الأطباء للإضراب المفتوح تحت عنوان «تحسين الخدمة العلاجية» بسبب سوء الخدمة العلاجية فى مصر، فلا يوجد فارق بين عهد مبارك الطويل من حيث إهمال العلاج فى المستشفيات، وبين فترة حكم محمد مرسى الذى جاء من مقاعد المعارضة.
الإهمال الحكومى والفوضى التى ضربت جميع قطاعات الصحة فى « عصر النهضة» جعلت الجميع متضرراً.. الطبيب والمريض.. فما بين ضعف الإمكانيات الطبية ونقص العاملين وسوء حالة العنابر والأجهزة ومافيا المستشفيات الخاصة، جلس الملايين من المرضى على أبواب المستشفيات الحكومية يلهثون خلف أى أمل فى الشفاء.
فى مستشفى المطرية التعليمى تجلس ناهد بجوار أختها المستلقاه على سرير جرار تحت أشعة الشمس ووسط المارة فى ساحة المستشفى أمام قسم الاستقبال الذى اكتظ على آخره بالمرضى وفى انتظار الدخول للكشف عليها وتحديد حالة الالتهاب الشديد الذى أصاب «الزائدة الدودية» ومعرفة ما إن كانت حالتها تحتاج لإجراء عملية استئصال أو الاكتفاء فقط بالعلاج وفى الحالتين تقف ناهد حائرة فى كيفية توفير الأموال لإجراء العملية أو شراء العلاج لأختها المريضة وتقول: اللى رمانا على مر المستشفيات الحكومية المعاناة من «نار» المستشفيات والعيادات الخاصة فنحن لا نملك الأموال اللازمة لحجز سرير فى مستشفى خاص، فتوجهنا إلى المستشفى الحكومى مع أننا نعلم أن الوضع هناك أصعب و«يجيب المرض» ولكن لم يعد لدينا أمل ينقذنا.
وعلى الجانب الآخر، يقف أحد الأطباء بقسم الطوارئ لإسعاف إحدى الحالات الحرجة وتبدو عليه ملامح الإنزعاج بعد عناء كبير مع أهالى المريض ليقنعهم بالخروج من القسم، ويقول: إن قسم الاستقبال بالمستشفى عانى خلال الفترة الماضية من هجمات متتالية من أهالى المصابين، وكل يوم خناقة مع أهالى المرضى الذين، يصرون على مرافقة ذويهم، وهو ما اعترض عليه أفراد الأمن، ولذلك يعتدى عليهم الأهالى، وفى إحدى المرات تسببوا فى إصابة 3 منهم بكسور فى أنحاء الجسم، وقاموا بسحل عدد من الأطباء، وتكسير أسرّة الاستقبال والدواليب، وهذا الوضع أصبح لا يطاق ومن هنا كان لابد على الأطباء أن يقوموا بالإضراب بعد أن فاض بهم الكيل وأصبحت حياتهم مهددة بشكل دائم فكيف لهم أن يعملوا فى هذا الصراع وكيف يصبحوا مطالبين بتقديم خدمة علاجية جيدة للمريض.
اتفق الخبراء جميعاً على الحالة المؤسفة التى تعانى منها المستشفيات الحكومية مؤخراً مؤكدين ضعف الحكومة الحالية فى إدارة وعلاج أزمة الصحة بجميع قطاعتها والتى أصبحت صداعاً فى رأس الدولة.
«الفوضى والعشوائية الضاربة فى قطاع الصحة هى نتيجة طبيعية لضعف الإنفاق على الصحة فى مصر، فليس من الممكن أن تحصل على خدمة علاجية جيدة فى مصر، مادام العاملون فى المستشفيات الحكومية يتقاضون «ملاليم» ذلك ما أكده الدكتور حمدى السيد، نقيب الأطباء السابق، وأضاف أن هذه الحالة لا تختص فقط بقطاع الصحة، فالفوضى فى كل مكان فى مصر والحكومة تغلق آذانها وتصمت على هذا الإهمال.
وأضاف السيد أن من أهم الاسباب التى أصابت الدولة بالشلل وإشاعة الفوضى فيها موجة الإضرابات والاعتصامات الحالية التى أصابت جميع قطاعات الدولة، ولكن لم نكن نتخيل أن تصل عدوى الإضراب إلى الأطباء الذين أقسموا على مساعدة المريض فى كل حال وتحت أى ظروف، وتسأل كيف لطبيب أن يخالف هذا القسم ويركن إلى الإضراب تحت أى ظرف كان فهو أمر غير مقبول.
ولكن على الدولة أن تستيقظ وتنظر باهتمام إلى قطاع الصحة الذى يسوء يوماً بعد الآخر، وأولى الخطوات لتطوير هذا القطاع هو الاهتمام بالطبيب وتوفير حياة كريمة له حتى لا يضطر للضغط على الفقراء للذهاب للعيادات الخاصة، كما أن توفير الأمن داخل المستشفيات مطلب أساسى للعمل فكيف يعمل الطبيب وهو مهدد فى كل لحظة بإقتحام المستشفى والتعدى عليه.
وأرجع الدكتور محمد حسن خليل رئيس مركز الحق فى الصحة، الفوضى الحكومية فى إدارة المستشفيات الحكومية إلى الميزانية الهزيلة التى تخصصها وزارة الصحة للإنفاق على المستشفيات الحكومية حيث وصل معدل الإنفاق إلى 630 مليون جنيه على 540 مستشفى حكومياً وأكثر من 3000 وحدة ريفية، وبالطبع هذه الميزانية «المضحكة» لا تكفى لشراء أبسط المستلزمات التى يحتاجها المريض ولا حتى تكفى لشراء «الشاش والقطن» وتكتفى الحكومة بمشاهدة المرضى وهم يتسولون العلاج وينفقون كل ما لديهم فى العيادات الخاصة، وعندما غضب الأطباء وأرادوا الإصلاح وأعلنوا الإضراب من أجل مصلحة المريض تحت شعار «إصلاح العملية الطبية» هاجمهم الجميع ولم يهتم أحد بإصلاح المنظومة العلاجية.
وأضاف حسن إن تدهور الأجور التى تصرف للعاملين بقطاع الصحة هى المدخل الأساسى للإهمال السائد فى المستشفيات، إذ إن مرتب عادل يوفر حياة كريمة يتيح للإدارة القدرة على محاسبة العاملين بالمستشفيات فنحن بحاجة ماسة إلى هذه المحاسبة والرقابة على العاملين، إذ إن الإهمال وصل بالعاملين إلى أنهم اعتادوا الانقطاع عن العمل دون النظر للغياب لأن الجميع يلجأ للهروب والعمل فى المستشفيات والعيادات الخاصة لارتفاع الأجور هناك وتضطر المستشفيات لإعادتهم مرة آخر بسبب الحاجة إليهم فى ظل النقص الحاد فى العمالة من أطباء وأطقم تمريض وفنيين داخل المستشفيات الحكومية، إذ إن مصر تعانى بشدة من نقص العمالة وليس كما يشاع أننا نمتلك كفاية من العمالة فى قطاع الصحة، وبالمقارنة بالمعدلات العالمية والتى تصل إلى 3 أطباء لكل 1000 مواطن فإن النقص فى الأطباء فى مصر يتجاوز 75% حيث إن فى مصر هناك لكل 1000 مواطن 0. 7 طبيب وهى نسبة ضئيلة جداً لو قورنت بالمعدلات الطبيعية، ونفس الحال فى قطاع التمريض والذى يعد من أعمدة العملية الطبية، حيث وصلت نسبة النقص فى مصر إلى 80% عن الدول المتقدمة التى توفر تسع ممرضات لكل 1000 مريض بينما فى مصر ممرضة واحدة لنفس العدد من المواطنين، وهو ما يتضح جلياً فى جميع المستشفيات الحكومية وبعد ذلك ترجع الدولة الإهمال على الطبيب بدلاً من أن تحسن من النظام الإدارى الفاشل لها.
وقال رئيس مركز الحق فى الصحة إن ضحية هذا الإهمال أولاً وأخيراً هو المريض الذى لا حول له ولا قوة أمام تيار الإهمال الذى أغرق المستشفيات الحكومية، وإحدى صور هذا الإهمال تتجلى فى محافظة سوهاج حيث تجد أكثر من 1000 مريض معرضين فى أى لحظة للموت تحت أنقاض مستشفى صدر سوهاج الذى يعانى من تصدع كامل فى مبانيه وهو آيلة للسقوط منذ عام 2007ووزارة الصحة تعرف بأمره ولا توليه أى اهتمام.
د. أحمد عبدالرؤوف أخصائى تحاليل قال إن قطاع التحاليل الطبية فى مصر جزء لا يتجزأ من منظومة الصحة المتهالكة وهذا القطاع يعانى أيضاً من الإهمال والفوضى التى جعلت المريض يهجر معامل المستشفيات الحكومية والتى نادراً ما تصدق فى نتائجها وذهب إلى المعامل الخاصة التى لا تختلف كثيراً عن نظيرتها الحكومية لكنها تعامل المريض على أنه سلعة للتجارة نتيجة ضعف الرقابة من جهة وزارة الصحة، إذ إنها المسئول الأول عن المعامل من حيث الترخيص والرقابة والتفتيش وهى لا تقوم بأى من هذه الأمور، وكثير من المعامل الخاصة لا تلتزم بتعليمات الرقابة وتتعرض للغلق وهذا أمر طبيعى أما غير الطبيعى وغير المقبول أن تفتح هذه المعامل مرة أخرى بعد أن يتعامل صاحب المعمل مع موظفى الصحة بالرشوة والواسطة، وهو ما جعل المجال متاحاً للغرباء.
وأضاف إن قوانين الوزارة تشترط على أى طبيب تحاليل ينوى فتح معمل تحاليل، أن يكون حاصلاً على درجة الماجيستير على الأقل كما يجب أن يكون مؤهلاً بمجموعة من الدورات التدريبية التى يدرسها أثناء الدراسة وبعد التخرج، ولكن بسبب الإرتكان للعشوائية وضعف الرقابة من الوزارة أصبحت المعامل مفتوحة لغير المؤهلين للعمل بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.