قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء، إن الإسلام حث على إطعام الطعام سواء أكان من الأغنياء إلى الفقراء أم من كرم الضيافة أم كان من قبيل حقوق الإنسانية، فقال تعالى في الكتاب: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا) [الإِنسان:8-9]. وأضاف جمعة عبر موقعه الرسمي، أن رسول الله ﷺ قال: أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلاَمَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِيسَلاَمٍ [الترمذي]، وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به" [رواه الطبراني والبزار (بإسنادٍ حسن)]، وكان كلما ذكر ابن جُدعان، يتهلل وجهه فرحاً لما كان يفعله ذلك الجاهلي من ضيافة الحجيج. وبين جمعة، أن مكارم الأخلاق محمودة حتى ولو خرجت من المشرك فما بالك لو كانت من المؤمن، ولذلك نراه أوصى بإكرام الضيف وعده من علامات الإيمان فقال: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ [البخاري]. وذكر أنه سواء أكان الإطعام صدقة للفقير أو إكراماً للضيف أو إطعاماً للأسير، فهو في كل الحالات لوجه الله سبحانه وتعالى، ومن الحقوق الأساسية التي لا يجوز التلاعب بها أو الضغط بموجبها على عباد الله حتى ولو كانوا أسرى في حرب مشروعة، والتجويع لم يكن أبداً في شريعة من الشرائع الإلهية نوعاً من أنواع العقوبة، وكذلك لم يكن أبداً مباحاً في أي نظام قانوني في العالم إلى يومنا هذا. وقال جمعة، إن منظومة الإسلام في فرض الزكاة وفي تحريم الربا وفي الحث على الصدقة ومنها الإطعام وفي ربط العبادات بإطعام الخلق منظومة متكاملة تحقق التكافل الاجتماعي، وتحرم في نفس الوقت التعالي والتفاخر والمنّ بين المعطي والآخذ، ونرى هذا المعنى في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى ) [البقرة:264]، كما أغنى الإسلام الفقراء من الطلب بل جعل الطلب نقيصة، فنهى رسول الله ﷺ عن المسألة فقَالَ « الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ » [البخاري]، وقال تعالى: (يَحْسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) [البقرة:273]. ولا تزال مصر بخير، وندعو الله سبحانه وتعالى أن يظل أهلها يطبقون كلمة الله، فيطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا، وتكون دائما موئلاً لمن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وأن تكون هي المُراغم الكثير وأرض السعة، قال تعالى: (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً) [النساء:100].