يعتبر أول مايو مناسبة للاحتفال بالطبقة العاملة، ويعرف باليوم العالمي للعمال أو عيد العمال العالمي، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من قرن ونصف. السبت المقبل إجازة عيد العمال بدلاً من الجمعة يمكن تتبع جذور هذا الحدث في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، عندما كانت هناك ثورات عمالية واحتشاد لمنظمات العمال الصناعيين في العديد من دول الغرب والولايات المتحدة. الأممية الأولى: هناك العديد من الأسباب التي تضافرت لتجعل العمال يطالبون بحقوقهم في تلك الآونة، منها اندلاع ثورات واسعة ضد الإقطاع الأوروبي عرفت ب "ثورات 1848م" التي نتج عنها ميلاد رابطة العمال الدولية أو "الأممية الأولى." وسبب الغضب على الإقطاعيين ارتبط بفشل جني المحاصيل والزراعة، وكانت تلك الرابطة عبارة عن جمعية جامعة لجميع المنظمات الاشتراكية المطالبة بحقوق العمال، وانطلقت من التجمع العمالي في لندن، وكان الهدف هو الطلب بتقليل ساعات العمل من 12 إلى 15 ساعة يوميًا إلى ثماني ساعات. وقد كان للبيان الذي كتبه كارل ماركس وإنجلز في عام 1848م تأثيرًا كبيرًا على العمال في مختلف البلدان الذين شعروا بحرارة أجواء التصنيع القاسية. اليوم العالمي للعمال: غير أن لليوم العالمي للعمال قصة طويلة تعود تاريخها للقرن التاسع عشر، قصة نشأت مع نضال عمالي طويل بدأ عند أستراليا وكندا والولايات المتحدةالأمريكية، إلا أن ذكرى "الهايماركت" التى شهدتها مدينة شيكاغو تعتبر أبرز محطات نضال العمال للمطالبة بحقوقهم، كما تعتبر صاحب النصيب الأكبر فى اختيار مطلع مايو ذكرى للاحتفال. قصة هايماركت: ففى الوقت نفسه الذى كان الجلاد ينفذ حكم الإعدام على اوجست سبايز كانت زوجته تقرأ خطابا كتبها زوجها لابنه الصغير جيم. لم تكن رسالة "سبايز" لابنه مجرد كلمات طواها النسيان، بل خلدت ذكراها حتى يومنا هذا، ففى العام 1897 اعترف أحد الضباط المتقاعدين أن الشرطة هى من ألقت القنبلة وسط العمال لتفريق تجمعهم، فأهتز الرأى العام الأمريكى، ونظمت التظاهرات والمسيرات فى شيكاغو ونيويورك وغيرها، وتجاوزت قضية هايماركت أسوار أمريكا وبلغ صداها عمال العالم، ، فيما تمسك الاشتراكيون والشيوعيون الأميركيون بإحياء ذكرى "الهايماركت" يوم الأول من مايو كل عام، ومع انعقاد مؤتمر الاشتراكية الدولية بمدينة أمستردام بهولندا 1904 لاعتبار الأول من مايو احتفالاً عماليًا، وسعت المنظمات الاشتراكية إلى جعله يوم عطلة، وبالفعل أقرته الكنيسة الكاثوليكية عام 1954، إلا أن الحكومة الأمريكية ظلت لأعوام طويلة ترفض الاحتفال به فى الأول من مايو حتى نجحت ضغوط المنظمات العمالية الاشتراكية فى فرضه عليها. وفي عام 1958 اعتبر الكونغرس الأميركي الأول من مايو يوم وفاء لذكرى "هايماركت" خاصة بعدما حظى بالتقدير من دول عديدة وعلى رأسها الاتحاد السوفياتي، وأعلن الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور الأول من مايو يوم إجازة رسمية، وكانت مناسبة للتعبير في تظاهرات و مسيرات عن مواقف تتعلق بقضايا سياسية واجتماعية. من هنا كانت ذكرى هايماركت اسم الساحة التي جرت بها الأحداث عنوان لنضال العمال وأبرز محطاته، وظل الأول من مايو كل عام عيد يحتفل به العمال فى كل أنحاء العالم. الأممية الثانية: في عام 1876م تم حل رابطة "الأممية الأولى" بسبب خلافات أيدلوجية، لتظهر "الأممية الثانية" في عام 1889 باعتبارها جماعة موحدة من الأحزاب الاشتراكية والعمالية. هذه الجماعة هي التي أعلنت الأول من مايو يومًا عالميًا للعمال، والثامن من مايو يومًا عالميًا للمرأة. يقول باحث الدراسات العمالية، ويليام ج. أدلمان، عن قضية هايماركت: "لم يؤثر أي حدث على تاريخ العمل في إلينوي، والولايات المتحدة وحتى في العالم، أكثر من قضية شيكاغو هايماركت". ويضيف: "بدأ ذلك مع تجمع في 4 مايو 1886، ولكن لا تزال عواقبه محسوسة حتى اليوم، وعلى الرغم من أن المسيرة مدرجة في كتب التاريخ الأميركية، إلا أن القليل منها يعرض الحدث بدقة أو يشير إلى أهميته".