سَعْد بن أبى وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين الى الإسلام، وقيل ثالث من أسلم وقيل السابع، وهو أوّل من رمى بسهم فى سبيل الله، وقال له النبى: «ارم فداك أبى وأمى»، وهو من أخوال النبى، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده. هاجر سَعْدُ الى المدينةالمنورة، وشهد غزوة بدر وأحد و ثَبُتَ فيها حين ولى الناس وشهد غزوة الخندق وبايع فى الحديبية وشهد خيبر وفتح مكة، وكانت معه يومئذ إحدى رايات المهاجرين الثلاثة، وشهد المشاهد كلها مع النبى، وكان من الرماة الماهرين، استعمله عمر بن الخطاب على الجيوش التى سَيّرها لقتال الفرس، فانتصر عليهم فى معركة القادسية، وأرسل جيشاً لقتال الفرس بجلولاء فهزموهم، وهو الذى فتح مدائن كسرى بالعراق، فكان من قادة الفتح الإسلامى لفارس، وكان أول أولا الكوفة، حيث قام بإنشائها بأمر من عمر سنة 17ه، وجعله عمر بن الخطاب فى الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده. سار سعد فى ثلاثين ألف مقاتل الى القادسية، وبث سراياها وأقام فيها شهراً لم ير أحداً من الفرس، واجتمع رأى الفرس على ارسال رستم فرخزاد على الجيش، فذهب رستم وعسكر بساباط، فجعل على المقدمة، وهى أربعون ألفاً الجالينوس، وعلى الميمنة الهرمزان، وعلى الميسرة مهران بن بهرام وعلى الساقة البندران، وهم ثمانون ألفاً، وقيل: مائة وعشرون ألفاً يتبعها ثمانون ألفاً، فالجملة مائتا ألف مقاتل، وثلاثة وثلاثون فيلاً، ثم بعث سعد النعمان بن مقرن المزنى، وفرات بن حيان، وحنظلة بن الربيع، وعطارد بن حاجب، والأشعث بين قيس، والمغيرة بن شعبة، وعمرو بن معد يكرب يدعون رستماً الى الإسلام، ولمّا طاول رستم سعداً فى اللقاء، بعث سعد سرية لتأتيه برجل من الفرس لمعرفة أخبارهم، فاخترق طليحة بن خويلد الأسدى جيش الفرس حتى أسر أحدهم وجاء به، فسأله سعد عن القوم فجعل يصف شجاعة طليحة، فقال: «دعنا من هذا، وأخبرنا عن رستم؟»، فقال: «هو فى مائة ألف وعشرين ألفاً، ويتبعها مثلها»، ولما تواجه الجيشان بعث رستم إلى سعد أن يبعث إليه برجل عاقل عالم بما أسأله عنه، فبعث اليه المغيرة بن شعبة، ثم بعث اليه سعد رسولاً آخر وهو ربعى بن عامر، ثم بعث اليهم رسولاً ثالثا وهو حذيفة بن محصن البارقى فتكلم نحو ما قال ربعى، وبعد أن فشلت المفاوضات، التقى الجيشان فى القادسية. ولمّا تقابل الجمعان، كان سعد قد أصابه عرق النسا ودمامل فى جسده فلم يستطع الركوب، فكان يجلس فى قصر متكئ على صدره فوق وسادة وهو ينظر الى الجيش ويدبر أمره، وقد جعل أمر الحرب إلى خالد بن عرفطة، وأبلى جماعة من الشجعان فى هذه الأيام مثل: طليحة الأسدى وعمرو بن معدى كرب، والقعقاع بن عمرو، وجرير بن عبدالله البجلى، وضرار بن الخطاب، وخالد بن عرفطة، وأشكالهم وأضرابهم، فلما كان وقت الزوال من هذا اليوم، ويسمى: يوم القادسية، وكان يوم الاثنين من المحرم سنة 14ه، هبت ريح شديدة فرفعت خيام الفرس عن أماكنها، وألقت سرير رستم، فبادر فركب بغلته وهرب فأدركه المسلمون فقتلوه، وقتلوا جالينوس مقدمة الطلائع القادسية، وانهزم الفرس، وقتل المسلسلون من الفرس وكانوا ثلاثين ألفاً وقُتل فى المعركة عشرة آلاف من الفرس، وقُتل من المسلمين ألفان وخمسمائة.