عدنان أبو حسنة: تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتجديد تفويض الأونروا تاريخي    قرعة كأس العالم 2026.. مجموعة نارية للمنتخب السعودي    انتشال الجثة الرابعة من ضحايا أسرة ديروط بترعة الإبراهيمية في المنيا    إلهام شاهين تشارك جمهورها أحدث ظهور لها بمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي    "الجمعية المصرية للحساسية" يكشف أسباب تفشّي العدوى في الشتاء ويقدّم نصائح للعلاج(فيديو)    مصر و7دول يؤكدون رفضهم لأى محاولات لتهجير الفلسطينيين    رئيس اليمن الأسبق يكشف عن إهدار الفرص السياسية.. وإجبار سالم ربيع على الاستقالة    مراسم قرعة كأس العالم 2026 تجمع قادة الدول المضيفة في مشهد تاريخي (صور)    غارة أمريكية تقتل عميلا سريا في سوريا.. ما علاقة تنظيم «داعش»؟    فصل الكهرباء عن عدة قرى ببيلا في كفر الشيخ غدًا    حسام عبد المجيد وديانج على رأس لاعبين أبطال فيلم التجديد بالدوري المصري    التاريخ ويحصد ذهبية العالم تحت 21 سنة في كينيا    شاهد.. وزير المالية يعلن عن برنامج تمويلي جديد منخفض التكاليف للنمو والتوسع    وزارة «السياحة» تواصل رفع كفاءة خدمات الاتصالات بالفنادق والقرى السياحية    أحمد السبكي يكشف موعد طرح فيلم «الملحد» | شاهد    «الست».. بين وهج الاحتفاء فى «مراكش» وجدل السوشيال ميديا    بالأسماء.. تعرف على ال 6 متنافسين فى حلقة اليوم من برنامج دولة التلاوة    ننشر قسيمة زواج بوسي تريند البشَعة بالإسماعيلية ( خاص )    مراد مكرم : لا أشعر بأي غرور بعد نجاح دورى في مسلسل "ورد وشيكولاته"    وزير الخارجية يلتقي الجالية المصرية في قطر    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    وزارة العمل: وظائف جديدة فى الضبعة بمرتبات تصل ل40 ألف جنيه مع إقامة كاملة بالوجبات    حافظوا على تاريخ أجدادكم الفراعنة    "مسيحي" يترشح لوظيفة قيادية في وزارة الأوقاف، ما القصة ؟    القومي للمرأة يهنئ الفائزين بجوائز التميز الحكومي والعربي وأفضل مبادرة عربية    مصل الإنفلونزا وأمراض القلب    تفاصيل تخلص عروس من حياتها بتناول قرص حفظ الغلال بالمنيا بعد أشهر قليلة من زوجها    البريد المصرى يتيح إصدار شهادة «المشغولات الذهبية» من مصلحة الدمغة والموازين    الإسماعيلي يفوز على الإنتاج الحربي بهدف وديا استعدادا للجونة    سعر الأسماك مساء اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    تأجيل محاكمة طفل المنشار وحبس المتهم بالاعتداء على طالب الشيخ زايد.. الأحكام × أسبوع    الصحة: فحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم» بالمدارس الابتدائية    مخالفات جسيمة.. إحالة مسؤولين بمراكز القصاصين وأبو صوير للنيابة    جامعة المنصورة الأهلية تشارك بمؤتمر شباب الباحثين لدول البريكس بروسيا    حلمي طولان: تصريحي عن الكويت فُهم خطأ وجاهزون لمواجهة الإمارات    إصابة سائقين وسيدة بتصادم توك توك وتروسيكل على طريق شارع البحر بمدينة إسنا.. صور    جامعة حلوان تنظّم ندوة تعريفية حول برنامجي Euraxess وHorizon Europe    شركة "GSK" تطرح "چمبرلي" علاج مناعي حديث لأورام بطانة الرحم في مصر    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    الصين وفرنسا تؤكدان على «حل الدولتين» وتدينان الانتهاكات في فلسطين    لجنة المسئولية الطبية وسلامة المريض تعقد ثاني اجتماعاتها وتتخذ عدة قرارات    طريقة استخراج شهادة المخالفات المرورية إلكترونيًا    بعد انقطاع خدمات Cloudflare.. تعطل فى موقع Downdetector لتتبع الأعطال التقنية    حريق مصعد عقار بطنطا وإصابة 6 أشخاص    "قبل ساعة الاستجابة.. دعوات وأمنيات ترتفع إلى السماء في يوم الجمعة"    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    محافظ كفر الشيخ: افتتاح مسجد عباد الرحمن ببيلا | صور    الأهلي يلتقي «جمعية الأصدقاء الإيفواري» في افتتاح بطولة إفريقيا لكرة السلة سيدات    سلوت: محمد صلاح لاعب استثنائي وأفكر فيه سواء كان أساسيًا أو بديلًا    لقاءات ثنائية مكثفة لكبار قادة القوات المسلحة على هامش معرض إيديكس    ضبط 1200 زجاجة زيت ناقصة الوزن بمركز منفلوط فى أسيوط    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    مصر ترحب باتفاقات السلام والازدهار بين الكونغو الديمقراطية ورواندا الموقعة في واشنطن    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‮"العاطل‮" رواية ترصد القهر وتحلم بالحرية
نشر في الوفد يوم 31 - 03 - 2011

"العاطل" رواية جديدة ل»ناصر عراق‮« صدرت عن الدار المصرية اللبنانية،‮ وتقع في‮ 330‮ صفحة من القطع المتوسط،‮ بغلاف للفنان‮ »‬حسين جبيل‮«‬،‮ وهي الثالثة في مسيرة ناصر عراق الروائية،‮ بعد روايتيه‮ »‬أزمنة من‮ غبار‮« عام‮ 2006،‮ و»من فرط الغرام‮« عام‮ 2008.‬
تتعمق الرواية في أجواء الشباب الكابوسية،‮ ورحلتهم في البحث عن عمل شريف،‮ وما يلاقونه من عنت واستبداد من قبل مستخدميهم سواء في مصر أم في دول الخليج التي سافر إليها بطل الرواية‮ »‬محمد عبدالقوي الزبال‮«‬،‮ وفي هذا السياق التمس الراوي العديد من الحيل السردية التي صاغ‮ في إطارها موضوعه مثل‮:‬
‮- الثنائية الضدية ففي مقابل‮ »‬محمد الزبال‮« المقهور والمهمش والمسيطر عليه من قبل والده،‮ الذي يتمني موته بفرح طاغ،‮ هناك شخصية‮ »‬منصور عبدالمنعم‮« ابن الخالة الذي تربي في بيئة تحترم حرية الفرد وتعرف طريقها إلي القراءة والحرية داخل الأسرة،‮ وهي شخصية نقيض لمحمد الزبال في كل شيء‮ وذلك ليعمق الراوي مأساة بطله،‮ بوضعه دائماً‮ أمام مرآة منصور الكاشفة،‮ ففي مقابل الوسامة والوضوح والقوة والجاذبية والنجاح التي يمثلها منصور،‮ تأتي صفات الفشل والمهانة والمذلة والخنوع التي يمثلها البطل‮.‬
تدور حياة كل من البطلين،‮ منصور ومحمد في محاور مختلفة متعاكسة طوال الوقت ففي حين ينجح منصور في رسم حياته واختيار طريقه للشهرة والنبوغ،‮ يستكين محمد الزبال لقدره الذي فرضه عليه والده‮.‬
‮- تراوح الرواية عبر فصولها كلها بين تيمتي النجاح والفشل،‮ الحرية والقهر،‮ التحقق والانسحاق‮: الشخص الذي تربي في بيئة تتسم بالحرية ناجح في كل شيء،‮ في العمل،‮ وفي العلاقات العاطفية وفي اجتذاب النساء،‮ والذي تربي في بيئة قاهرة متردد خائب،‮ خزيان أمام الأنثي،‮ يتمني في خياله فقط،‮ ولا ينقل تمنيه إلي أرض الواقع،‮ ويخلق لنفسه أحلامه السرية من خلال ما يسمعه من منصور عن النساء والحب والعلاقات الجنسية،‮ تمتد هذه التيمة لتشكل أحد المحاور الرئيسية والمهمة في بنية الرواية،‮ إذ عندما تتاح الفرصة لمحمد الزبال لتحقيق أحلامه مع النساء يفشل ثلاث مرات،‮ مع المغربية والروسية والصينية،‮ فقهره ملازم أصيل لمشاعره وشخصيته،‮ فهو يعرف نفسه بأنه‮: »‬أنا لم أتمكن من تقبيل أية فتاة طوال حياتي‮«.‬
في مقابل تيمتي النجاح والفشل،‮ التحقق والخيبة التي يمثلها منصور ومحمد بالترتيب،‮ تأتي هذه التيمة الفرعية أي‮: الجنس،‮ المعادل الموضوعي للحياة،‮ فمحمد يراوح طوال الوقت بين رغبته الجنسية العارمة التي تضغط أعصابه،‮ وتغرقه في السهو والخمول،‮ يفشل في تحقيقها علي أرض الواقع فالجنس في حياة البطل متحقق بالقوة،‮ منعدم بالفعل،‮ فالقهر لا ينتج حياة،‮ مما أكسب تيمة الجنس في الرواية معني رمزياً‮ يشمل كل جوانب الشخصية،‮ حتي عندما أحب البطل وتزوج ممن يحبها وتحبه،‮ فشل في إقامة علاقة جنسية زوجية سليمة،‮ ولعل البطل في هذه النقطة يذكرنا ببطل رواية‮ »‬السراب‮« لنجيب محفوظ،‮ القادر بالقوة المحبط بالفعل رغم جمال زوجته،‮ وهي إحدي سمات المدرسة الطبيعية في الإبداع،‮ أي المدرسة التي تنقل الواقع بفشله وإحباطه ونضاله وعرقه وقاذوراته دون تجميل،‮ وتكتسب هذه المدرسة بعداً‮ فلسفياً‮ في نظرتها إلي الواقع،‮ فكأن المبدع في هذه الحالة يمثل الطبيب الذي يشخص المرض أمام المريض ويتركه ليداوي نفسه،‮ وهو ما أعطي تيمة الإحباط الشخصي في رواية‮ »‬العاطل‮« بعداً‮ لماحاً‮ أكثر اتساعاً‮ يشمل جيلاً‮ وشريحة كاملة أصابها الإحباط بفعل القهر،‮ فالأب لدي ناصر عراق يمثل السلطة الهيراركية التي تقمع المستويات الأدني منها،‮ لتضع بنفسها بذرة الثورة عليها‮.‬
‮- تتبع الرواية ثانياً‮ تقنية سردية خطرة فتأتي كلها بضمير المتكلم،‮ الذي يشعر القارئ بالقرب الشديد من السارد،‮ فهو الراوي العليم بكل شيء،‮ وخطرها يأتي من أن هناك جوانب خفية في بعض الشخصيات لا يمكن للسارد المتكلم أن يعرفها،‮ وللخروج من هذا المأزق،‮ يلجأ السادر إلي تقنية دوائر السرد المتداخلة،‮ حيث السارد المؤلف نائباً‮ عن البطل أو مرآة له،‮ فالحدث يسلم للآخر التالي عليه والشخصيات تتوالد الواحدة من الأخري،‮ وأحياناً‮ تأتي مستقلة بفصول كاملة تخصها،‮ وكأن علاقات الترابط بعد ثلث الرواية الأولي تميل للتفكك فلا تنجح في ظل القهر النفسي،‮ لأن البطل يستجيب لمخاوفه وهواجسه وقهره،‮ ويري الشخصيات الناجحة كلها من هذه الزاوية فيتكلم هو عنهم،‮ ولا يدعهم يتحدثون،‮ فنحن نعرف حيوات الأبطال كلهم من خلال رؤيته هو‮.‬
‮- هناك في الرواية ثالثاً،‮ تيمة النظر التحليلي والمثاقفة،‮ ففي مقابل جهله،‮ نري ثقافة منصور ابن الخالة،‮ لتتعمق المأساة بمفهوم المخالفة،‮ أي الثنائية الضدية مرة أخري،‮ فمنصور يذكر أمام البطل العشرات من أسماء الكتب والروايات ودواوين الشعر،‮ مما لا يعرف عنه‮ »‬محمد الزبال‮« شيئاً،‮ وحتي حينما تصيبه الغيرة ويستعير كتاباً‮ يصاب بالنعاس يقول البطل‮:‬
‮»‬أعترف الآن وبصراحة أنني حاولت أن أحاكي منصور في علاقته بالقراءة ولكنني أخفقت،‮ وعبثاً‮ بحثت عن اللذة في القراءة التي ما فتئ يقول عنها وما وجدتها فحين أمسك كتاباً‮ وأشرع في مطالعته أجدني مستسلماً‮ لسلطان النوم‮«‬،‮ في المقابل نري منصور يذكر دائماً‮ أسماء ماركيز،‮ وليون تروتسكي،‮ وإسحق دويتشر،‮ وصلاح عبدالصبور وغيرهم،‮ يحاول الراوي تعميق مأساة بطله بكل الطرق،‮ وكأنها محاولة لجلد الذات دون رحمة،‮ والغضب في كل هذا ينصرف تلقائياً‮ إلي بنية القهر العامة،‮ فالإدانة الشخصية إدانة جماعية،‮ البطل لا يحب نفسه لأن لا أحد يحبه،‮ يشفق علي ذاته فقط،‮ لأن الآخرين يشعرونه بالشفقة،‮ يترك الآخرين للنجاح،‮ ويترك نفسه للأمراض النفسية،‮ حتي تأتي لحظة الكشف عن التجارب الخائبة علانية في محاولة للبدء في مرحلة العلاج،‮ فإذا به يكتب جملة المطلع نفسها‮: »‬نعم أنا لم أتمكن من تقبيل أي فتاة طوال حياتي علي الرغم من أنني سأكمل ثلاثين عاماً‮ بعد شهر واحد فقط‮«‬،‮ يعترف البطل بقهره ليتجاوزه،‮ ويتطهر ليبدأ حياة جديدة،‮ لكن الرواية تنتهي هنا ولا نعرف،‮ لأن الإحباط إحباطنا جميعاً‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.