يجب التوقف أمام التصريحات الخطيرة لوزير الخارجية الأمريكية الأسبق هنرى كيسنجر منذ عدة أيام، حول ما تشهده المنطقة العربية بشكل عام ومصر بشكل خاص.. والتى تؤكد من جديد أن هناك مخططا أمريكيًا صهيونيًا مسبقا لكل الأحداث فى المنطقة لرسم خريطة الشرق الأوسط الجديد تحت الهيمنة الإسرائيلية. كيسنجر قال منذ عدة أيام إن هناك سبع دول عربية تمثل أهمية استراتيجية واقتصادية للولايات المتحدة، وكل الأحداث التى تجرى فى هذه الدول تسير بشكل مرضى للولايات المتحدة وطبقا للسياسات المرسومة لها من قبل، وقال إن على إسرائيل أن تستعد الآن لحرب شاملة فى المنطقة سوف تبدأ شرارتها من إيران وتمتد إلى دول محددة، بحيث تخرج منها أمريكا وإسرائيل بخريطة جديدة للشرق الأوسط تجعل من إسرائيل قوة عظمى فى المنطقة!! تصريحات كيسنجر المتخصص فى شئون الشرق الأوسط.. أو «داهية أمريكا» فى الشئون العربية، تعيدنا إلى الوراء عدة سنوات وتذكرنا بتصريحات كونداليزارايس عندما دعت إلى ضرورة رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط وغلفتها فى هذا الوقت بأشكال اقتصادية وتجارية مثل اتفاقية الكويز بهدف دمج إسرائيل وهيمنتها على المنطقة وكلها سيناريوهات تحتم علينا إعادة قراءة المشهد منذ حرب أكتوبر 73. كيسنجر وزير خارجية أمريكا عام 73 هو نفسه مهندس اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل بعد الصدمة العربية لأمريكا فى حرب 73 عسكريًا واقتصاديا باستخدام سلاح البترول وتهديد الاقتصاد الأمريكى والغربى.. وهو أمر جعل أمريكا تعيد حساباتها وترتيب أوراقها للمنطقة وخلق وتجنيد بعض الكيانات العربية بهدف صناعة نزاعات وحروب فى المنطقة لإضعاف العالم العربى وتفتيته بعد أن تم تحييد مصر وتقليص قوتها العسكرية من خلال اتفاقية كامب ديفيد. هذه الاستراتيجية بدأت بالحرب العراقية على الكويت، واقامة قواعد أمريكية ثابتة فى قطر، وبعدها بدأت الحرب الأمريكية على العراق ودخل الجيش الأمريكى العراق بعد أن هرب وزير الدفاع العراقى ومساعدوه إلى قطر وبعض الدول الأخرى وتركوا الساحة، وتم تدمير العراق وخرج من الغزو أشلاء بسبب الصراعات العرقية والطائفية.. وفى إطار احداث فوضى خلاقة أنشأت قطر قناة الجزيرة بأيد وفكر أمريكى وقامت هذه القناة بتحريك وتوجيه الأحداث فى العالم العربي، كما تحركت قطر فى معظم القضايا العربية ورأينا تقسيم السودان يتم على أرض قطر وبرعايتها.. أيضا استخدمت قطر فى ضرب ليبيا عسكريا من خلال طلبها فى مجلس الأمن.. وكلنا يعلم أن ليبيا كانت مخزن السلاح العربى بعد انتهاء العراق وتقليص الجيش المصرى. وجاءت الأحداث فى مصر لتؤكد نظرية المؤامرة على العالم العربى.. فالثورة المصرية التى بدأت بيضاء ومنظمة وجامعة لكل الطوائف والشرائح المصرية وعلى رأسها الشباب والنخب المثقفة، سرعان ما تحولت إلى فوضى وانجرفت عن مسارها بفضل قناة الجزيرة، والتمويل الخارجي، وكشفت الانتخابات البرلمانية عن التمويل الخارجى المباشر وعلى رأسها قطر لتيار الإسلام السياسى.. وأصبح واضحا لعموم الشعب المصرى الدعم الأمريكى القطرى لتيار الإسلام السياسى.. بهدف صناعة دولة دينية، وكلنا يعلم أنها ستكون سببًا فى الاحتقان الطائفى واستدعاء الفوضى الخلاقة وسط شعب يزيد على 90 مليونا بهدف الوصول إلى تقسيم مصر وضياع سيناء.. ليتحول العالم العربى إلى كيانات صغيرة أمام القوة الوحيدة وهى إسرائيل وتتحول من عبء على الغرب إلى قوة داعمة له، كما يرسم ويخطط السيد كيسنجر وأمثاله.. ونحن نعج فى ثبات عميق.