لا يتخيل أحد أن حي الدقي الراقي يخفي خلفه منطقة عشوائية غارقة في الفقر والحاجة اسمها عزبة أولاد علام. بمجرد دخولك إلي العزبة تقف مذهولا من علامات الفقر والحزن التي تملأ الوجود وقد تركت لتوك وعلي بعد خطوات عمارات شاهقة وسيارات فارهة ومحلات فخمة. في عزبة أولاد علام المباني متواضعة والخدمات غير موجودة وأسر كاملة تعيش علي الفتات وصدقات أهل الخير. عم إبراهيم سلامة "56 عاماً" أب لثلاثة أبناء تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً يقول: أنا لا أقدر علي العمل لإصابتي بسمنة زائدة إذ يصل وزني إلي 260 كيلو جراما كما أعاني من جلطة في قدمي وضعف أذني اليمني. أتقاضي معاشا لا يتجاوز 110 جنيهات "مش بيقضي حتي العيش الحاف". بكي عم إبراهيم بحرقة وقال مغالبا دموعه: أقصي حلم في حياتي أن أحصل علي شقة بدل الدكان اللي أنا عايش فيه. دا أصلاً كان دكان والدي ولما توفي لقيت نفسي في الشارع فقررت أقعد أنا وأولادي وزوجتي هنا بس العيشة صعبة قوي. أيام الثورة طلعنا أنا وأولادي المظاهرات وقلنا يمكن لما يمشي يدونا شقة لكن واضح إن مفيش فايدة. في مسكن متواضع يتكون من غرفة واحدة تسكن الحاجة عائشة محمد عبدالجواد، بينما ينام ابنها علي الأرض لكي يترك السرير المتهالك لوالدته المسنة وشقيقته. سألناها عن أحوالها فقالت: أنا أم ل 8 أولاد وزوجي توفي بسبب التأخر في صرف علاج علي نفقة الدولة، وأنا باخد معاش 150 جنيه طب والنبي ده يرضي مين أنا بأخد فيتامينات علشان مش معايا فلوس أجيب كيلو لحمة. تركناها مع حزنها وذهبنا إلي الحاجة صدفة الجوهري والتي تبلغ من العمر 65 عاماً جلسنا معها في غرفتها الضيقة، وقالت: أنا عايشة مع زوجي بمفردنا بعدما زوجنا أولادنا بمساعدة أهل الخير ولكن أنا أصبحت مريضة وزوجي صحته في النازل ولا أحصل إلا علي 150 جنيها من المعاشات وحتي المعاش أحصل عليه بطلوع الروح بعدما أذهب إلي الموظفة وتصرخ في وجهي وتطردني أحياناً ووصل بهم الجبروت في أحد الأيام إلي ضربي الله ينتقم من حسني مبارك هو السبب في اللي احنا فيه ده. حمدية طايع سيدة تبلغ من العمر 40 عاماً تعيش في غرفة دون سقف ومصاب بمجموعة متنوعة من الأمراض بسبب الرطوبة التي تعيش فيها هي وأولادها وزوجها، حيث إنها أم لأربعة أولاد وزوجها عامل نظافة دخله لا يتعدي 7 جنيهات يوميا. نظرت حمدية في أسي وقالت: قالوا لنا مبارك لو مشي البلد هاينصلح حالها خرجنا في المظاهرات وطلبنا شقة ووظيفة لزوجي. مشي مبارك لكن لسه زي ما احنا محلك سر حسبي الله ونعم الوكيل تركناها مع دعائها، وأثناء خروجنا وجدنا برجا كبيرا يطل علي العزبة، سألنا كيف يقع هذا البرج في هذه المنطقة فأجاب أحد الأشخاص أن هذا البرج يسكن فيه عصام شرف رئيس الوزراء!