4 مشاهد من افتتاح العام الدراسي الأول بجامعة القاهرة الأهلية    الإحصاء: 137 مليون دولار قيمة التبادل التجارى بين مصر وسنغافورة    صرف أكثر من 19 ألف طن يوريا و9 آلاف طن نترات لمزارعي بنى سويف    "القابضة للرى والصرف" تحقق صافى ربح 13 مليون جنيه وتخفض جزءًا من مديونياتها    محيي الدين: مراجعة رأس المال المدفوع للبنك الدولي تحتاج توافقاً سياسياً    الرئيس السيسى ونظيره السنغافورى يشهدان مراسم التوقيع على 7 مذكرات تفاهم بين البلدين    ماكرون: اعتماد 142 دولة لإعلان نيويورك بشأن حل الدولتين نقطة نحو السلام    زيلينسكي يعلن عن لقاء مرتقب مع ترامب هذا الأسبوع ويتوقع عقوبات جديدة    ترامب يعلن «إقالة» مدّعٍ فيدرالي لهذا السبب    محمد يوسف لليوم السابع: ارتباطي بالأهلي سبب الاعتذار للاتحاد السكندري    بيراميدز يخوض تدريبين فى جدة استعدادا لمواجهة الأهلي السعودي    منتخب الدراجات يشارك فى البروفة الأخيرة قبل انطلاق بطولة العالم برواندا    العثور على جثة مسن داخل حوض للرى فى قنا    تأجيل محاكمة المتهم بقتل صديقه وإلقاء جثته في مصرف بالشرقية    استقرار حالة سيدة نبروه المصابة ب15 طعنة على يد زوجها بعد إجراء جراحة لها    صلاح عبد العاطى: الاعترافات المتزايدة بدولة فلسطين خطوة مهمة تحتاج إجراءات    مهرجان الغردقة لسينما الشباب ينظم يوما للسينما الروسية    مش بس ممثل.. أحمد مكى مخرج ومؤلف ومنتج لعدد من الأعمال الفنية    «السياحة الثقافية»: زيارة ملك إسبانيا للأقصر دعاية عالمية للمزارات بالمحافظة    خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية مع انطلاق العام الدراسي الجديد    هيئة الرعاية الصحية: المرحلة 2 للتأمين الشامل تستهدف أكثر من 12 مليون مواطن    وزير الصحة: انطلاق المرحلة الثانية من مبادرة المستشفيات الصديقة للمرضى 3025    47 شهيدًا في غزة منذ فجر اليوم بينهم 40 بمدينة غزة    لاعب الزمالك السابق: الروح والحب انعكسا على أداء لاعبي الأبيض    إصابة 10 أشخاص إثر حادث انقلاب ميكروباص في الشرقية    نجار يقتل زوجته في كرداسة ويترك أبناءه في مواجهة المجهول    العثور على جثة شاب بشاطئ بورسعيد    «الصحة» : تخريج الدفعة الأولى من الدبلومات المهنية في البحوث الإكلينيكية    اتفاقية تعاون بين التخطيط القومي وتنمية المشروعات لدعم استراتيجيته وتطوير برامجه    محافظ المنوفية: 88 مليون جنيه لمشروعات الخطة الاستثمارية الجديدة في شبين الكوم    الدمرداش: عمومية الزهور شهدت أول تجربة للتصويت الإلكتروني في مصر    اليوم.. بعثة بيراميدز تغادر إلى جدة لمواجهة الأهلي في كأس الإنتركونتيننتال    مي كمال: أنا وأحمد مكي منفصلين منذ فترة ومش هحب بعده    فنزويلا تطالب الأمم المتحدة بالتحقيق في تدمير الولايات المتحدة لقوارب في البحر الكاريبي    الأردن يفوز بعضوية مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية    غدا.. 150 معهدا أزهريا تستقبل الطلاب في الوادي الجديد    القنوات الناقلة مباشر لمباراة ريال مدريد ضد إسبانيول في الدوري الإسباني.. والمعلق    تعرف على مواعيد أقساط سداد قيمة المصروفات الدراسية لعام 2026    9 محظورات للطلاب بالعام الدراسى الجديد.. تعرف عليها    محافظ أسوان يمنح مهلة أخيرة لأصحاب طلبات التقنين حتى الاثنين المقبل    انطلاق المرحلة الثانية من مبادرة "سائق واعٍ .. لطريق آمن"    جامعة القاهرة تعلن تفاصيل الأنشطة الطلابية خلال الأسبوع الأول من الدراسة    «مفرقش معايا كلام الناس»| كارول سماحة ترد على انتقادات عملها بعد أيام من وفاة زوجها    الرئيس السوري: اتفاق مع إسرائيل بوساطة أمريكية قد يوقع خلال أيام    «الداخلية»: ضبط 14 طن دقيق «مدعم وحر» في حملات تموينية على الأسواق بالمحافظات    كسوف الشمس 2025 في السماء.. تفاصيل موعد البداية والنهاية ووقت الذروة (الساعة)    للكشف وإجراء جراحات مجانية.. دفعة جديدة من أطباء الجامعات تصل مستشفى العريش العام    بالحلوى والبالونات.. استقبال مميز لطلاب ابتدائي في كفر الشيخ (صور)    الخارجية الفلسطينية ترحب بانضمام البرازيل لدعوى محكمة العدل الدولية    موعد صلاة الظهر.. ودعاء عند ختم الصلاة    طب الإسكندرية يتصدر نتيجة تنسيق الشهادة اليونانية 2025    آسر ياسين على بعد يوم واحد من إنهاء تصوير "إن غاب القط"    «الصحة» تطلق خطة التأمين الطبي الشاملة لتعزيز جودة حياة الطلاب في العام الدراسي 2025/2026    كيف يقضي المسلم ما فاته من الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح خطوات التوبة وأداء الصلوات الفائتة    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة ليفربول وإيفرتون والقناة الناقلة بديربي الميرسيسايد    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    استشارية اجتماعية: الرجل بفطرته الفسيولوجية يميل إلى التعدد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد المنعم سعيد يكتب :الخروج من الأزمة السورية
نشر في الوفد يوم 12 - 09 - 2012

الأصل في الموضوع السوري أنه جزء من حركة «الربيع العربي» التي سرت في الإقليم العربي منذ شتاء 2011 وشمل دولا مثل تونس ومصر وليبيا واليمن،
وكانت له مظاهر من القلق السياسي الحاد في دول مثل المغرب والجزائر والأردن. وبشكل أو بآخر تعاملت النظم الحاكمة في هذه الدول مع الأزمة السياسية المستحكمة في شكل مظاهرات وإضرابات ورفض بوسائل متنوعة من الإصلاح والضغط جعلتها تتجاوز المرحلة ولو إلى حين. سوريا دخلت إلى الموجة الثورية مثل الآخرين، ولكن النظام كان مختلفا في رد فعله، فقد كان عنيفا بقسوة، أما محاولاته الإصلاحية فقد تجاوزها الزمن، وفي كل الأحوال كانت متأخرة. كان واضحا أن النظام فقد شرط القبول الذي هو أول منافذ الشرعية، ولكنه لم يفقد شرط الاستفادة من الظروف الخارجية التي أبقت إيران حليفة استراتيجية تمد بالرجال والعتاد والمال وما هو أكثر؛ والظروف الداخلية التي جعلته يلعب على مخاوف التقسيم، وانتهازية أقاليم مختلفة لم تتصور وجود فرصة أخرى لكي تتجاوز مظالم تاريخية للتهميش والاستبعاد. وسواء كان الأمر في العراق أو في لبنان فإن الجوار المباشر وجد فيما يجري في سوريا ليس أمرا سوريا بحتا يقرره السوريون؛ وإنما هو مسألة إقليمية سوف تقرر مصير الإقليم كله، بل وتعيد رسم خرائطه.
ضاعت القضية الأصلية إذن، ولم يعد الأمر هو حكم البعث الدامي على مدى عقود طويلة من الاستبداد والقهر والتعذيب، وإنما رعب وخوف من العودة إلى ما كان عليه الحال في القرن الحادي عشر الميلادي عندما كان الإقليم السوري لا يزيد عن كونه ممالك وإمارات متفرقة لا يربطها رابط إلا خيط رفيع من ولاء لولاية عباسية متهافتة. كانت تلك هي الخلفية التي جاء عليها الصليبيون فخلقت دافعا للوحدة سواء تحت حكم المماليك أو تحت الخلافة العثمانية. فالحقيقة أن اتفاقيات «سايكس بيكو» لم تكن أول من قسم سوريا الكبرى أو الهلال الخصيب كما كان يذكر عن المنطقة المعروفة بالمشرق العربي تمييزا لها عن الجزيرة العربية ووادي النيل. فقد كان التقسيم سمة أساسية ظلت موجودة تحت قبضات حديدية متعددة الأشكال من الاستعمار حتى القيادات «الوطنية»، ولكن الدولة لم تولد بالمعنى الحديث، وجاءت الثورة أو الهبة لكي تضع وجودها على المحك. وكانت هذه الفرصة هي التي جاءت إلى بشار الأسد لكي يبقي على جذوة من نوع ما مشتعلة وكافية لكي يطيل ألم التغيير إلى درجة تجعل من هم في الداخل والخارج على استعداد للدخول في صفقة من نوع أو آخر.
المعضلة حتى الآن أن صفقة بشار تتضمن بقاءه وأعوانه، أو من بقي منهم في السلطة، مع استعداد لإجراء الإصلاحات اللازمة التي لا يوجد من يثق أنه على استعداد لإجرائها. لا يوجد في هذه الصفقة ما يرضي دماء الشهداء، أو يتعامل مع المعادلة التي تغيرت في التوازن الإقليمي حيث لم تعد سوريا كما كانت، والأرجح أنها لن تعود في المستقبل القريب، وهناك مولود سوري جديد يزعق بالبكاء لكي يخرج إلى الوجود.
صفقة بشار فاسدة إذن، ويمكنه أن ينتظر حتى نهاية التاريخ، ولكنه لن يكون ثابتا أبدا على رأس السلطة في سوريا. ولكن على الجانب الآخر فإن كافة الرافضين لبشار في الداخل والخارج غير قادرين على تقديم صفقة تاريخية تطيح ببشار وصحبه غير الكرام وتبقى سوريا كدولة وطنية. التفكير الاستراتيجي الخارجي لا يزال أسير مدرستين: الإطاحة بالقذافي وهذه كانت من خلال التدخل الدولي عسكريا وهذه لا يريدها أحد. والإطاحة بعلي عبد الله صالح في اليمن من خلال مبادرة مجلس التعاون الخليجي وتعاون الرئيس اليمني، وهذه لا وجود لها في سوريا حيث لا مبادرة خليجية ولا تعاون من الرئيس السوري الذي يخوض المعركة حتى نهايتها. المأزق هكذا بين فساد صفقة بشار، وعدم وجود صفقة أو حل من داخل أو خارج سوريا يعني استمرار الاحتكام إلى السلاح كما هو الحال في الصراعات السياسية المحتدمة والحادة والتي لا يوجد لدى أي من طرفي الصراع إلا العمل على هزيمة الطرف الآخر.
الثمن فادح إذن، ليس فقط دماء تسيل لأشقاء، وأرواح تصعد إلى السماء شهداء عند ربهم يرزقون وشاهدين على الرغبة في الحرية والانعتاق؛ ولكنه بداية لما سوف يأتي إن عاجلا أم آجلا عندما يعود المشرق العربي إلى أصوله الأولى لجماعات وفرق ونحل وممالك وإمارات تعيش مرارات ورغبات متوحشة للثأر. مثل ذلك ليس ضروريا على الإطلاق وهناك طرق يمكن بها الخروج من المأزق السوري. طريق منها عربي يقوم على وضع تصور متكامل من خلال الجامعة العربية تتضمن أركانه ذهاب النظام الحالي، وتكوين حكومة انتقالية تتفق على أمر واحد هو بقاء سوريا كدولة وطنية، والحصول على الموافقة الإقليمية والدولية على ذلك. مثل ذلك يمكنه الحصول على موافقة أغلبية المجتمع الدولي، ومن يبق خارج الاتفاق سوف يكون منعزلا يطلب أحيانا الترضية في مجال ونطاق آخر. مثل هذه الحكومة تفرض سيطرتها تدريجيا على المناطق المحررة داخل سوريا وتجري حمايتها من خلال حظر جوي مثل ذلك الذي جرى على شمال العراق، على أن يكون هذا الحظر من دول عربية وإسلامية. ويأخذ هذا الطريق الشرعية الدولية اللازمة من مجلس الأمن والمنظمات العالمية المختصة. مثل هذا الحل لن يجد سبيلا إلى النجاح من دون إقناع العراق ولبنان بأن سقوط النظام السوري لا يعني بالضرورة تفكك كليهما، بل إن الحقيقة أن بقاءه هو الذي سوف يؤدي إلى ذلك، ومن ثم فإن إقامة «الحجر» على النظام السوري هي السبيل للحفاظ على البلدين.
بقيت مسألة ربما لا تخص سوريا مباشرة، ولكنها تعيدنا إلى تجربة مماثلة عاشها الأوروبيون في العصور الوسطى عندما جرت عمليات تفكيك الدول الأوروبية بسبب اضطهاد الأقليات، ونزاعات الحدود المترتبة عليها. وكان الحل هو صلح وستفاليا 1648 الذي احترم الحدود القائمة على أنها واقعة بين دول وطنية لا بد أن تحترم فيها حقوق الأقليات التي لا يصير لها حق التواصل عبر الحدود لإنشاء دول جديدة تؤدي إلى المنازعات والصراعات الممتدة لسنوات طويلة في التاريخ. المسألة ببساطة أننا نحتاج «عهد وستفاليا» عربيا مصدقا عليه دوليا وإقليميا ومعترفا به مؤسسيا في العالم. الموضوع ليس سهلا بالطبع، ولكن كل البدائل لا تقل عنها صعوبة، وربما كان هذا ما يريده النظام السوري، وهو أن تصل كل البدائل إلى طريق مسدود فيكون هو الحل الأخير الباقي.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.