لا يوجد إنسان واع، مثقف مع منع فصيل معين من المطربات من الغناء حتي لو كانت هيفاء وهبي أو أليسا أو نانسي عجرم أو دوللي شاهين المتهمات دائما بتقديم نوع معين من الغناء لا يري فيه الحشمة، ولا يوجد إنسان مع منع مغنيات عالميات مثل بيونسيه أو شاكيرا أو چينفر لوبيز أو غيرهن من الغناء في مصر، ولا يوجد إنسان واع مع منع نوع معين من الموسيقي مثل الميتل ميوزك أو الحقيقي ميتل أو الروك أو هارد روك لاعتبارات خاصة بأن جماعات عبادة الشيطان يرقصون أو يمارسون طقوسهم عليها. فالموسيقي بريئة من أي اتهام، فإذا كان هناك إنسان لا يعترف بالأديان السماوية مثلا، وهو من عشاق أم كلثوم أو عبدالحليم أو عبدالوهاب وهو يستمع لأعمالهم أثناء ممارسته لأي حالة من حالات عصيان الله، فهل هذا معناه أن أعمالهم محرمة وأن موسيقاهم أو أصواتهم تساهم في ارتكاب أي معصية؟! أتصور أن كل عاقل سوف يرفض هذا الأمر، الدافع لطرح هذه الأمور هي أن هناك الكثير من القضايا الشائكة بدأت تطرح نفسها علي الساحة الفنية خلال الفترة الأخيرة بعد أن أصبحت الفئة الأكثر سيطرة علي مقاليد الأمور في مصر من التيار الإسلامي، وأنا شخصيا أناصر هذا التيار، ولن أزايد إذا قلت أننا واجهنا كل ألوان الغناء العاري، والمبتذل بمفردنا قبل أن يصبح للتيار الإسلامي صوت في الحياة السياسية في مصر، والكثير من مسئولي ماسبيرو وبعضهم الموجود الآن كان يسخر منا لأننا ندافع عن الفضيلة وعن الغناء الجاد الذي ان يمثله الحجار ومنير والحلو وثروت وصالح وغيرهم، لكن هناك فارقا بين استخدام لغة الحوار والنقد الموضوعي وبين القذف والسب والتشبيه بالشيطان والوصف بالفسق والفجور. من حق علماء المسلمين والشيوخ وأنصاف الشيوخ والمواطن العادي أن ينتقد ويحلل ما يقدم من غناء لكن لا داعي لأن يتم ذلك بأسلوب يجعلنا جميعا ننفر من تلك التصريحات والتشبيهات التي قد تخلق تعاطفا مع الفنان. كما حدث مع إلهام شاهين التي تعرضت لأبشع كلمات تقال في حق امرأة ثم خرج شيخ آخر علي تويتر يقول إن موسيقي الهارد روك ليس لها علاقة بالشيطان بينما تتشابه حفلات هيفاء وأليسا ونانسي بهاذ الوصف وهذا أمر أيضا يدعونا ضرورة عدم التسرع في الحكم علي الناس، فالشيخ قال في تغريدته إنه كان يسمع موسيقي الهارد روك وهو صغير وأنها بعيدة كل البعد عن عبادة الشيطان وهذا رأي سليم جدا نقدره لكن الجزء الثاني من التغريدة ليس له مجال للحديث، أنا معه ضد أن ترتدي هيفاء أو أليسا أو نانسي أو أي مطربة ملابس تثير الغرائز،خاصة أن هناك نجمات أخريات أكثر منهن موهبة أصبحن يرتدين ملابس عارية أيضا رغم أنه من المعروف أن كل من خلعن ملابسهن أثناء الغناء كان لمبرر هو تعويض ضعف الصوت، لكن مع دخول الدول العربية في طريق جديد أقرب الي الشكل الإسلامي. فالمراجعة أصبحت واجبة الآن فمن كان يتولي عملية النقد مسبقا كان ناقدا أو صحفيا كل سلاحه القلم والورقة، الآن الأوضاع تغيرت فالناقد قد يكون إسلامي الهوي وهناك منهم من يرفض فكرة النقد البناء المبني علي الحوار، لذلك فالشياكة ليست في العري وإظهار المفاتن والصدر والظهر، فالغناء وسيلته هي الصوت، وليس هز الوسط، حتي لا تظل الساحة منطقة ملتهبة طوال الوقت. الدولة من جانبها يجب أن تعطي الغناء الجاد فرصته التي حرم منها طوال سنين طويلة لأن حالة التوازن سوف تدفع كل المطربين الخارجين عن المسار الصحيح للعودة لأن كل الشاشات العامة والخاصة انحازت للأغاني العارية وبالتالي كل من كان يريد دخول عالم الغناء كان يدخل من هذا الباب حتي الصوت الرجالي كان يستعين بموديل لتعويض هذا الجانب. وبالتالي لو عاد الغناء لوقاره سينعكس ذلك علي المناخ العام. بقيت نقطة الهجوم علي نجمات الغناء العالميات فهذا الأمر ليس في صالحنا، لأننا دولة سياحية، ووجود هؤلاء النجمات في مصر سيفتح المجال أكثر وأكثر أمام وضع مصر علي خريطة السياحة وخريطة البلاد الأكثر أمنا، وبالتالي سوف تكون هناك فوائد متعددة تعود علينا، أما أن نقابلهم بالحجارة والشتائم والتهديد فهذه ليست لغة تحضر، فهذا العالم الخارجي يقيس الأمور بشكل مختلف، نحن نستطيع أن نلوم مطربينا لكن القادمين من أوروبا وأمريكا فهذا شأنهم، وتلك طريقتهن في الغناء،وعلينا تقبلها لأهداف معينة والذي يحرم هذا الأمر عليه أن يمتنع عن الذهاب للحفل أو عدم مشاهدته إذا كان معروضا علي الشاشات، خاصة أن هناك جماهير عريضة مصرية وأجنبية لديها رغبة الاستمتاع بهذه الأسماء.