هو أحد القلائل من كتاب السيناريو الذين يجنحون لتجسيد الواقع درامياً ودائماً ما تجد نماذج إيجابية في أعماله توحي بأن النجاح ممكن والأمل الموجود مهما كانت الإحباطات ويحفز دائماً من خلال أبطاله للعمل والاجتهاد لأن النجاح لا يأتي بالسلبية.. نجح السيناريست مجدي صابر هذا العام أن يرصد معاناة الشباب وواقعهم المرير قبل الثورة والإحباطات التي واجهتهم في مسلسل "ابن موت" الذي رشحه الكثيرون من النقاد والجماهير لأن يكون هذا العمل الذي عاد به الفنان خالد النبوى بشكل جديد و"الحصان الأسود" لدراما رمضان واحتل مكانة تنافسية وسط زحام المعروض ونجح أن يكون إضافة في "الكيف" قيمة ومضموناً وليس مجرد إضافة للكم.. وهذا العمل مر للجمهور بعد ثورة 25 يناير لذلك استحق أن يكون "ابن موت" هو ابن الثورة. حول هذا العمل والقضية التي يحملها.. وكيف يري الكاتب مجدي صابر الصورة الدرامية الموجودة ومستقبل مصر في ظل الظروف الراهنة كان هذا الحوار.. * ترشيح الكثيرين ل "ابن موت" لأن يكون الحصان الأسود في دراما رمضان.. كيف تراه؟ ** بالتأكيد هذا شيء أسعدنى جداً وتكليل لمجهود فريق العمل، خاصة أن المنافسة هذا العام كانت شرسة وعنيفة بين نحو 70 مسلسلاً ذات تكلفة إنتاجية ضخمة وربما هذا ضاعف سعادتي ويرجع الفضل لذلك إلي تكامل جميع عناصر العمل وإصرارهم علي المنافسة والتحدي. * تجسيد معاناة الشباب وقضاياهم هل هو الذي جعله قريباً من الجمهور؟ ** بالتأكيد ما دفعني لكتابة هذا العمل هو أن عيني كانت دائماً علي مشاكل الشباب في مصر وأحلامهم المجهضة في وطنهم واليأس الذي كان يدفع الكثيرين منهم للهرب من الوطن في مراكب الموت والهجرة غير الشرعية وكذلك التركيز علي قضايا الفساد في مصر قبل الثورة والذي التهم كل خيرات الوطن وحرم الشباب من فرصة الحياة الكريمة وتعمدت في العمل كشف أساليب فساد بعض السياسيين ورجال الأعمال الذين يشكلون مافيا للفساد وتحول الفساد علي أيديهم لفن يصنع في مصر وحدها من استيلاء علي أراضي الدولة ونهب مصانعها من جراء الخصخصة غير العادلة بجانب الفساد السياسي كل هذه القضايا بجانب تقديم نماذج إيجابية للمرأة والشباب وبعض شرائح المجتمع مقابل الفساد والتأكيد علي أن الأمل موجود والنجاح ممكن جعل المشاهد يشعر بذاته داخل الأحداث واقتربنا من معاناته فشعر بعملنا واقترب منه. * ولكن هذا العمل كتب منذ 3 سنوات وربما كان نجاحه أكبر وقتها؟ ** صحيح هذا العمل كتب منذ 3 سنوات لكن الأيادى المرتعشة في الرقابة اعترضت علي بعض الشخصيات في العمل والتي كانت ترمز لنماذج واقعية من الفاسدين في السياسة ورجال الأعمال لذلك تأجل العمل ولم ير النور إلا بعد ثورة 25 يناير التي حررت بعض القيود نسبياً حتي الآن وساهمت في مرور العمل للنور ولأن الكثير من معاناة الشباب أحس بها الجمهور ونجح في الاقتراب من واقعية الثورة وأستطيع أن أقول إن "ابن موت" هو ابن الثورة. * وهل قمت بتغيير أحداث العمل بعد الثورة؟ ** لم يحدث ذلك علي الإطلاق ولم أشأ مثل غيري التمسح بالثورة النبيلة رغم أنه كان من الممكن درامياً إضافتها للنهاية وكان العمل يحتمل ذلك لكن تركته كما هو ليكون وثيقة عن الفساد ومعاناة الشباب قبل الثورة. * هل تعتبر أن جابر الخواجة "النبوى" بلطجي كمسايرة لموجة البلطجة في الدراما هذا العام؟ ** أذكرك أنني كتبت العمل منذ 3 سنوات ولم تكن قضية البلطجية مطروحة درامياً بهذا الشكل وكانت جرأة أن أشير في العمل إلي هذه الظاهرة واستعانة بعض كبار رجال الأعمال بهم وسبقت غيري من هذه المنطقة لكن رغم ذلك لا أعتبر أن "الخواجة" بلطجى.. وإنما كان نموذجاً يشعر بمعاناة "قليل الحيلة" والبسطاء لذلك كان يسترجع الحقوق لأصحابها في وقت غاب فيه القانون وكانت الداخلية تستعين بالبلطجية لمناصرة رجال الحزب الوطنى والكبار. * ظهور خالد النبوى بشكل مختلف درامياً هذا العام فهل كان السبب يعود للنص الدرامى؟ ** أعتقد أن الفضل الأول يرجع لجهود "النبوى" في استيعاب الشخصية والاهتمام بتفاصيلها الدرامية وأبعادها النفسية وتوحده مع الشخصية بجانب رؤية المخرج المتميز سمير سيف التي قدمت النبوي بشكل جديد ومختلف وقربه للجمهور وجعله قدوة للشباب من خلال استماتته لاسترجاع حقه الضائع علي يد صناع الفساد والذين أجبروه علي الرحيل من مصر حتي عندما ذهب لإيطاليا كان قدوة في أفعاله وصاحبه حب وطنه في قلبه لذلك دعا رجال الأعمال باستثمار أموالهم في وطنهم وهذا النموذج الإيجابي هو عامل نجاح للعمل وسط كم السلبيات والبلطجية التي أفرزتها الدراما هذا العام. * لكنه نموذج "شره تدخينياً" هل كان ذلك موجوداً في النص؟ ** للأمانة مسألة تدخين جابر الخواجة لم تكن موجودة في السيناريو وأنا شخصياً غير راض عنها لكن هذه الرؤية في النهاية تخضع لمخرج العمل وللأسف اكتشفت أنها ظاهرة كبيرة جداً في الدراما. * وبما تفسر انتشار ظاهرة التدخين والشتائم البذيئة في معظم الأعمال واختفاء البطل القدوة؟ ** للأسف هذه الظاهرة لم ترضني ولم ولن ترضي أحداً في المجتمع وخلال مشواري الذي قدمت فيه أكثر من 20 مسلسلاً لم أتناول هذه الألفاظ البذيئة الخادشة للحياء أو حتي أقترب منها لأنني أعتبر أن التليفزيون هو أحد أفراد الأسرة ويأخذ منه الأطفال والشباب القدوة لذلك اندهشت بشدة من المنافسة الرهيبة بهذه المشاهد الساخنة والألفاظ الخادشة بشكل لا يليق في أعمالهم طمعاً في التميز والاختلاف وهذا لابد أن يختفي ولا يمكن التعلل والتمسح بأن ذلك انعكاس لسلوك الشارع المصري الآن. لأن كل ما يحدث في المجتمع لا يجوز نقله للشاشة وكان من الضروري في ظل هذه الظروف التي نمر بها نفسياً واقتصادياً وسياسياً أن نركز علي نموذج "البطل والقدوة" في السلوك والمضمون كما جاء في "ابن موت" من نماذج إيجابية للبطل وبعض نماذج المرأة مثل دور "هياتم" السيدة المكافحة التي تربي بناتها بعد هروب زوجها من المسئولية وتضطر لأن تكون سائقة ميكروباص بدلاً من إظهار المرأة بهذه الصورة المهينة التي شاهدناها في دراما رمضان. * هذا الكم الإنتاجي الكبير هل تراه مبرراً هذا العام؟ ** بصراحة أنا أراه أمراً غير مسبوق من حيث الكم والإنتاج الضخم وعدد النجوم السوبر والسينما في وقت لم تكن فيه شاشات العرض تحتمل هذا العدد لذلك حكموا وتحكموا وفرضت الفضائيات شروطها بشكل يجعل الجميع يخسر والنتيجة والمردود الدرامي للأسف غير مقنع في ظل الخيال الدرامي غير المقنع وتسرب ظواهر سلبية في معظم الأعمال جعلت المشاهد ينفر منها. * لماذا طلبت أنت والمخرج محمد فاضل عدم عرض "ويأتي النهار"؟ ** هذا صحيح وأرسلت فاكسًا لوزير الإعلام السابق أحمد أنيس طلبت عدم العرض وأيضاً رفض المخرج محمد فاضل تسليم الحلقات الأولى رغم أنه كان جاهزاً للعرض لقيام التليفزيون المصري بوضعه علي خريطة العرض في قناة وحيدة وتوقيت سيئ رفضنا أن يعرض عمل بهذه القيمة بهذه الطريقة "المهينة" لأنه يعتبر أول عمل يرصد مقدمات وأسباب ثورة 25 يناير حتي لحظة التنحي وبه رصد لكثير من الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مهدت لها.. ولأن العمل بذل صناعه ونجومه مجهوداً كبيراً بداية من أبطاله فردوس عبدالحميد وعزت العلايلى ومخرجه المتميز محمد فاضل وكان العمل رغم الظروف المالية الصعبة في صوت القاهرة اكتملت له جميع عناصر النجاح ووقف خلفه دعم ومساندة قوية من سعد عباس رئيس الشركة لإيمانه بأهمية وقيمة العمل وخاض مغامرة محسوبة بإنتاج 12 عملاً إيماناً منه بأهمية الإنتاج الرسمي ودعم تليفزيون الدولة بإنتاج متميز يمكنه من المنافسة أمام غول القطاع الخاص. * كيف تري المشهد في مصر الآن من "شباك الأمل" الذي تصنعه في كل أعمالك؟ ** ببساطة شديدة وبعد انتقال كل مقاليد السلطة في مصر للإخوان وحدهم دون شريك فإما أن يحققوا كل ما وعدوا به من إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادى وعدالة اجتماعية وإما أن الثورة ستظل مستمرة.