رغم سعي صندوق الأممالمتحدة للسكان، القضاء علي الفقر في محافظات مصر المختلفة بحلول عام 2015، إلا أن سوء البرامح والسياسات المرتبطة بحكومات ما بعد ثورة 25 يناير حتي الآن، تحول تحقيق هذه الاحلام وتجعل من هذه التمنيات أمرا يصعب تحقيقه، فالفقر الذي يعاني منه أبناء الوطن هو أكثر بكثير من مجرّد نقصٍ في الدخل. فهو يمثل سلسلة متصلة من حلقات الحرمان والتي تشمل سوء الحالة الصحية وتدني مستوى التعليم والافتقار الى الحصول على الخدمات الاجتماعيّة الأساسيّة والسلع الأساسية من الغذاء والملبس والسكن، ومن المتعارف عليه أن الأسرة الفقيرة هي التي يقل دخلها بنسب معينة من متوسط الدخل في مصر، والتي تعيش في مناطق معرضة للخطر سواء خطر المرض أو خطر الطرد من محل السكن أو الوفاة . فمعدلات البطالة ارتفعت خلال الربع الثاني من هذا العام الي 12.6% بالمقارنة بمعدلات البطالة 11.8% خلال نفس الفترة من العام الماضي، حسب آخر إحصاء صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يونيو الماضي، ورغم وجود أكثر من 25 ألف جمعية أهلية مسجلة علي مستوي محافظات مصر تعمل بنسبة 75% منها في المجال الاجتماعي، الا أن قليلا منها يعمل في المجال الخيري ومساعدة الفقراء، ورغم وجود 2150 جمعية أهلية في محافظة الشرقية، إلا أن القليل من هذه الجمعيات تعمل علي مساعدة المحتاجين من تقديم مساعدات ودعم مادي وعيني لهم كل حسب ميزانيتها وحسب مواردها الذاتية والتي تتلقاها من تبرعات الاشخاص ميسوري الحال. هذا ما أكده، حسني محمد العيوطي، نائب رئيس الاتحاد الإقليمي للجمعيات والمؤسسات الأهلية بمحافظة الشرقية، والذي أضاف أن تعثر عمل هذه الجمعيات يرجع إلي قلة مواردهم أو قلة التبرعات التي تأتي إليهم من الأشخاص الميسورين، بالاضافة الي تعثر البعض منهم في عدم الاستمرار في التزاماتهم مع المستحقين . وتشير "مروة أحمد" مسئولة المساعدات بفرع جمعية رسالة بالشرقية، الى أن نسبة الفقر بمراكز المحافظة تتعدي 70% من إجمالي تعداد سكان المحافظة البالغين نحو 7 ملايين نسمة، وأن مركز الزقازيق عاصمة المحافظة يحتل المرتبة الاولي في أحيائها الفقيرة، ثم يليه مركز ابو حماد، وديرب نجم، ومنيا القمح، والإبراهيمية، وبلبيس. وتمثل قرية كفر الحصر التابعة لمركز الزقازيق البالغ عدد سكانها ما يقرب من 90 ألف نسمة، المرتبة الأكبر في نسبة الفقر علي مستوي المحافظة وذلك لزيادة الجهل والمرض والجريمة والإدمان، وأرجعت ذلك الي بطالة رجال وشباب هذه القرية وعدم وجود عمل حقيقي لهم بعد إصابتهم بأمراض التليف الكبدي والربو والأورام، نتيجة انتشار طفح المجاري في شوارع القرية والإقامة الدائمة وسط مياه المجاري بالاضافة الي إصابتهم بأمراض الانزلاق الغضروفي جراء عملهم السابق في صناعة الحصير البلدي المعروف قديما (بسجادة الزمان) والذي كان يصنع من خوص النخيل، الا أن هذه المهنة تعرضت للزوال بعد دخول عصر صناعة الحصير البلاستيك. الأمر الذي أدي الي تحول رجال القرية الي عاطلين والبعض الآخر عمل في جمع القمامة، ولجأت نساء القرية الي العمل في خدمة أهالي مدينة الزقازيق، وتضيف مسئولة المساعدات بفرع جمعية رسالة بالشرقية أن الاحياء الفقيرة التي تلي قرية كفر الحصر بمركز الزقازيق هي: قسم الاشارة، والحريري، ومساكن الزراعة، والإيواء، والتجنيد، ومناطق الفواخير، وبهجات، والأحرار، والنحال، وحسن صالح، وشارع المعلمين، وقرية بنايوس، وهرية رزنة، وكفر الزقازيق، و كفر أبو حسين، وتحتل قرية الجوسق بمركز بلبيس، أكثر القري مصاب أطفالها بنسبة إعاقة مرتفعة وتتراوح إعاقاتهم ما بين إعاقة ذهنية وإعاقة جسدية، وتمثل قرية المجفف أكثر القري فقرا في مركز ديرب نجم، وقري السناجرة، والصوة، ومساكن طابة، وعزبة الجمالية أكثر المناطق في مركز ابو حماد. وأشارت (احمد) إلى أن سبب زيادة الفقر بين أبناء الشرقية يرجع الي زيادة أعداد المتعطلين عن العمل بسبب توقف أكثر من (800) مصنع بمدينة العاشر من رمضان بحسب إدارة المشروعات الصناعية بجهاز المدينة وقيام أصحابها بتسريح العمال، بالاضافة الي تقاعد أو طرد عدد من العمال بسبب إصابتهم بأمراض الانزلاق الغضروفي وأمراض الصدر والجهاز التنفسي نتيجة عدم وجود معايير السلامة المهنية التي تحميهم من الغازات السامة المنبعثة من صناعة الكيماويات والبلاستيك. ورصدت عدسة الوفد عددا من الاسر التي تتسم بالفقر المدجع والتي يعيش أصحابها في أماكن غير أهلة للحياة، فزكريا البالغ من العمر53 سنة القعيد عن العمل بسبب إصابة بعدد من الجلطات، فهو رب أسرة لثلاثة أبناء مصابين بأمراض مختلفة غير زوجته، ويسكن في سرداب داخل منزل المتعب آيل للسقوط بإيجار شهري150 جنيها، يقوم أهل الخير علي رعايته وأسرته طوال الشهر، وها هو سمير يونس مهاود البالغ من العمر 55 سنة جليس الفراش، كان يعمل عتل في السابق، ثم انتثل الي سريح بانابيب البوتاجاز بعد قطع أحد أطرافه، يقول بعد ما البهيمة ( الحمار ) بتاعة العربية الكارو الي بسرح بيها بالانابيب ماتت، أصبحت غير قادر علي إعالة أسرتي المكونة من 6 اولاد( اربع بنات وولدين) والمرض اصابني وجلست في المنزل انتظلر فرج الله واعانة الاهالي المبسوطين لكي يصرفوا عليا وعلي أسرتي الكبيرة، واضاف انه يقطن في منزل مكون من غرفة واحدة آيلة للسقوط ومعرش سقفها بالورق الكرتون، واشار إلى أن بعض الناس عندما أراد أن يسقف هذا المنزل ليحميه وأسرته من حرارة الشمس ومطر الشتاء، رفض صاحب البيت، معللا بانه يريد إخراج مهاود وطرده من هذا المسكن.