تباينت الآراء السياسية حول ازمة المادة الثانية للدستور بعد طلب الدكتور احمد الطيب شيخ الازهر بالغاء الفقرة الخاصة بمرجعية الازهر والإبقاء علي نص المادة كما جاءت بدستور 1971. حيث رفض عدد من السياسيين فكرة الغاء مرجعية الازهر الشريف معتبرين انه بداية لفتح باب الصراع في المجتمع، كما انه يعد فرصة للمتاجرة بالدين والوطن. في حين رحب آخرون بطلب الازهر مؤكدين أنه قرار حكيم لانه يحمي مؤسسة الازهر ويجعلها بعيدة عن المهاترات السياسية. من جانبه قال عمرو عبد الهادي منسق عام ائتلاف «الثائر الحق» وعضو الجمعية التأسيسية لوضع الدستور إن هناك اتفاقاً عاماً داخل الجمعية علي الابقاء علي المادة الثانية من دستور 71 والتي تنص علي ان «الاسلام دين دولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع مع اضافة حق غير المسلمين في الرجوع لشرائعهم في الاحوال الشخصية. واستنكر عمرو تهديدات التيار السلفي برفض الدستور كاملاً بعد ادعائهم أن المادة الثانية من دستور 71 مخالف لشرع الله، مشيراً إلي أن مثيري ازمة المادة الثانية هم سلفيون من خارج الجمعية التأسيسية وحزب النور نفسه بهدف عرقلة مسيرة الجمعية. أكد «عمرو» استمرار انعقاد اللجان النوعية لمناقشة مواد الدستور وانه سيتم انعقاد اللجنة العامة الثلاثاء القادم لإقرار المادة الثانية وباقي مواد الدستور، واشار إلي أن مادة الزكاة التي طرحها السلفيون في الجمعية التأسيسية قد لقيت رفضاً عاماً ولم تطرح للمناقشة علي اللجان الفرعية. واضاف عبد الهادي أن اللجنة اتفقت علي 5 مواد بباب الحقوق والحريات بالدستور الجديد ومن بينها ما ينص علي ان «الكرامة الانسانية حق لكل انسان ويكفل المجتمع والدولة واجب احترامها وحمايتها ولا يجوز تعريض أي مواطن للازدراء والمهانة»، كما أقرت بعدم التمييز لأسباب الجنس أو الاصل أو العرق أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الرأي أو الوضع الاجتماعي أو الإعاقة». فيما أكد احمد عودة عضو الهيئة العليا بحزب الوفد ان إثارة الجدل حول المادة الثانية من الدستور هو من قبيل الضغط الذي لا مبرر له، موضحاً ان عبارة الشريعة ومبادئ الشريعة فيها الكفاية لان المبادئ فيها التفاصيل والخلاف في التفسير والعبرة في الجوهر. واضاف عودة ان التفسير يعني التعرض لفروع كثيرة، ونحن نريد ان نتجنب الفرقة والانقسام بعيداً عن الخلافات المذهبية التي تؤدي إلي التشدد والتعصب، لان الدستور يشتمل علي قواعد عامة وأساسية تطبق لسنوات عديدة والعبرة في القواعد الاساسية والمبادئ الاساسية. ورفض عودة مطلب النور السلفي بإقالة شيخ الازهر علي خلفية اتهامه بالتراجع عن مبادئ الشريعة الاسلامية بموافقته علي نص المادة الثانية، قائلاً إن فضيلة الامام الاكبر له مواقف كثيرة تشهد بخبرته وقدرته علي حسن التصرف والادارة دون المساس بالاحكام والقواعد، وان تاريخ هذا الرجل يشهد له، ولا داعي للقول بأنه ينتمي للنظام البائد لان هناك من المسئولين من شغل منصبه لسنوات في ذلك النظام ولم يخطئ ولم يتجاوز. علي جانب آخر اتهم عادل عفيفي رئيس حزب الاصالة «السلفي» الدكتور احمد الطيب شيخ الازهر بإحباط اعمال السلفيين والاسلاميين داخل الجمعية التأسيسية في الدفاع عن الشريعة وذلك عقب مطالبته بالغاء الفقرة الخاصة بمرجعية الازهر في المادة الثانية والابقاء علي المادة كما جاءت بدستور 1971م. واستنكر عفيفي موقف شيخ الازهر في تراجعه عن حماية الشرعية الاسلامية مؤكداً أن جبهة علماء الازهر وغيرها من الهيئات الاسلامية كهيئة الشرعية للحقوق والاصلاح عندما انشئت ثار الازهر وقال لا. ووصف عفيفي تصريحات الطيب بالخنجر المسموم الذي يطعن الازهر من الخلف، باعتبار انه اعتراف صريح بأن لا قدرة لعلماء الازهر علي هذه المهمة. وقارن عفيفي شيخ الازهر بالبابا شنودة الراحل حينما امسك بالانجيل وقال لن أنفذ الاحكام القضائية لانها تخالف الانجيل ولن أخالف الانجيل من اجل أي احد». وطالب عفيفي شيخ الازهر بالاستقالة وترك المشيخة لغيره يدافع عن الشريعة وعن حق الازهر في ان يكون المرجع الوحيد. أكد الدكتور اشرف ثابت وكيل مجلس الشعب المنحل في حزب النور وعضو اللجنة التأسيسية للدستور ان قرار الدكتور احمد الطيب بالغاء الفقرة الخاصة بمرجعية الازهر في المادة الثانية لم تعرض علي اللجنة التأسيسية بعد وإنما أثيرت في وسائل الاعلام فقط. وأوضح ثابت ان ممثلي الازهر في اللجنة إذا تقدموا بهذا القرار سوف يمتد مناقشتها ومعرفة اسباب هذا القرار. واكد ثابت أن الدعوة السلفية وحزب النور لن يطالبوا الطيب بالاستقالة، موضحاً أن مشيخة الازهر لها مكانة لا يمكن المساس بها. اتفق حلمي سالم رئيس حزب الاحرار مع موقف الدكتور احمد الطيب شيخ الازهر في إصراره علي ان تكون كلمة مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع في المادة الثانية، مؤكداً أن نص المادة متفق عليها معظم الاحزاب والقوي السياسية. واشار إلي أن إصرار الازهر علي الغاء الفقرة الخاصة بمرجعية الازهر في المادة الثانية، كما جاءت بالدستور 1971 جاء باعتبار ان المادة تنص علي حرية الاديان والعقيدة وبكل معتقد تحكمه شرائعه السماوية فيما يتعلق بالاحوال الشخصية. واستنكر حلمي مطالبة السلفيين باستقالة الدكتور الطيب، مؤكداً ضرورة احترام مكانة وهيبة مشيخة الازهر والتي تتجسد في شيخ الازهر نفسه. وشدد احمد عز العرب نائب رئيس حزب الوفد علي ضرورة الالتزام بمبدأ الاغلبية مضيفاً أن السلفيين حاولوا عدة مرات تعديل المادة الثانية من الدستور الامر الذي خلق جوا من الضبابية. واكد عز العرب ان مصادر التمويل السلفية توحي انهم يعملون لجهة لا تريد الاستقرار لمصر، فليس معقولاً ان جميع الاحزاب الدينية كحزب الحرية والعدالة ومؤسسة الازهر الشريف، والكنائس يصرون علي إبقاء المادة الثانية كما هي ولا يريدون المساس بها. وشدد عز العرب علي ضرورة التزام حزب النور السلفي بقواعد العمل السياسي إذا كانوا يريدون العمل السياسي، وإلا فعليهم العودة إلي ما كانوا عليه قبل الثورة وان يعودوا إلي شعارهم القائل «الخروج عن الحكم كفر ولو ظلم». ووصف ممدوح قناوي رئيس حزب الدستور الحر، إصرار السلفيين علي تعديل المادة الثانية للدستور رغم رفض القوي السياسية بانه باب من ابواب الشر، علي المجتمع المصري. واكد قناوي ان خلاف التيار الديني حول المادة الثانية من الدستور يمثل فتنة كبري وعليهم أن يكفوا أيديهم عن هذا الوطن. واشار رئيس حزب الدستور الحر إلي ان تدين السياسة وتسييس الدين كان من الاخطاء الفادحة بعد ثورة يناير، مشيراً إلي أن التأسيسية الاولي والثانية باطلة ويجب ان تتوافق القوي السياسية لوضع دستور للبلاد لان مصر بحاجة إلي تقدميين وليس سلفيين.