بيلاي: صرخة العدالة تتصاعد.. والعدالة الرقمية تبرز مع اتساع فجوة عدم المساواة    محافظ المنوفية: التعدي على الأراضي الزراعية خط أحمر والدولة لن تتهاون في إزالته    وزيرة التخطيط تبحث مع رئيس بنك صيني سبل زيادة الاستثمارات في مصر    وكيل مجلس النواب ل «المحررين البرلمانيين»: مصر أصبحت صوت الاستقرار    الأمم المتحدة تندد بالقتل الصارخ لفلسطينيين اثنين بالضفة    عمر جابر: مواجهة كايزرتشيفز تختلف عن ستيلينبوش    الخطيب يُكلف المستشارين القانونيين للأهلي بالانضمام إلى فريق الدفاع عن رمضان صبحي    حقيقة قيام ضابط بسحب رخصة سيارة بدون وجه حق بالإسماعيلية    السيطرة على حريق لوكيشن تصوير باستوديو مصر دون إصابات    بمشاركة 23 فنانًا مصريا.. افتتاح معرض "لوحة في كل بيت" بأتيليه جدة الأحد    رئيس هيئة الرعاية الصحية يشهد توقيع مذكرة تفاهم جديدة مع شركة ميرك الألمانية    محافظ شمال سيناء من معبر رفح: جاهزون للانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة    حزب الجبهة الوطنية بالجيزة يستعد بخطة لدعم مرشحيه في جولة الإعادة بانتخابات النواب    طقس غد.. مفاجأة بدرجات الحرارة ومناطق تصل صفر وشبورة خطيرة والصغرى بالقاهرة 16    مصرع 3 شباب في انقلاب سيارة ملاكي بترعة المريوطية    تعاطى وترويج على السوشيال.. القبض على حائزي المخدرات في الإسماعيلية    ارتفاع سعر الجمبري واستقرار لباقي أنواع الأسماك في أسواق دمياط    تامر حسنى: بعدّى بأيام صعبة وبفضل الله بتحسن ولا صحة لوجود خطأ طبى    تجهيزات خاصة وأجواء فاخرة لحفل زفاف الفنانة أروى جودة    مهرجان شرم الشيخ المسرحى يحتفى بالفائزين بمسابقة عصام السيد للعمل الأول    وزير الخارجية يلتقى رئيسة مؤسسة «آنا ليند» للحوار بين الثقافات    تراجع ريال مدريد عن تكرار سيناريو صفقة أرنولد مع كوناتي    كورونا أم أنفلونزا.. مسئول المصل واللقاح يكشف ترتيب انتشار العدوى التنفسية |فيديو    لتغيبهما عن العمل.. إحالة طبيبين للشؤون القانونية بقنا    بعد وفاة فتاة في المغرب.. باحث يكشف خطورة «غاز الضحك»    تفريغ كاميرات المراقبة بواقعة دهس سيدة لطفلة بسبب خلاف مع نجلها بالشروق    ميناء الإسكندرية يستقبل أكبر ناقلة سيارات في العالم ANJI PROSPERITY في أولى رحلاتها بالبحر المتوسط    شادية.. أيقونة السينما المصرية الخالدة التي أسرت القلوب صوتاً وتمثيلاً    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    أحمد الشناوي: مواجهة بيرامديز ل باور ديناموز لن تكون سهلة    محافظة الجيزة تعلن غلق كلى ل شارع الهرم لمدة 3 أشهر لهذا السبب    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية بإندونيسيا إلى 84 شخصًا    الصحة: فحص نحو 15 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    أسعار البيض اليوم الجمعة 28 نوفمبر    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    خشوع وسكينة.. أجواء روحانية تملأ المساجد في صباح الجمعة    انقطاع الكهرباء 5 ساعات غدًا السبت في 3 محافظات    رئيس كوريا الجنوبية يعزي في ضحايا حريق المجمع السكني في هونج كونج    الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيا ويصيب طفلة جنوبي غزة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 28- 11- 2025 والقنوات الناقلة    البترول: مجلس المعادن الأسترالى يبدى اهتمام بالتعاون الفني في قطاع التعدين    "من الفرح إلى الفاجعة".. شاب يُنهي حياة زوجته بسلاح أبيض قبل الزفاف في سوهاج    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 28نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    صلاة الجنازة على 4 من أبناء الفيوم ضحايا حادث مروري بالسعودية قبل نقلهم إلى مصر    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 28 نوفمبر 2025    الشرع يدعو السوريين للنزول إلى الشوارع في ذكرى انطلاق معركة ردع العدوان    محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    ستاد المحور: عبد الحفيظ يبلغ ديانج بموعد اجتماع التجديد بعد مباراة الجيش الملكي    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    شروط حددها القانون لجمع البيانات ومعالجتها.. تفاصيل    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات جوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    القانون يحدد ضوابط لمحو الجزاءات التأديبية للموظف.. تعرف عليها    حذر من عودة مرتقبة .. إعلام السيسي يحمل "الإخوان" نتائج فشله بحملة ممنهجة!    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    بيونجيانج تنتقد المناورات العسكرية الأمريكية-الكورية الجنوبية وتصفها بالتهديد للاستقرار    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    الشيخ خالد الجندي يحذر من فعل يقع فيه كثير من الناس أثناء الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالوهاب بدرخان يكتب:مريدو النظام السوري وتسويغ القتل
نشر في الوفد يوم 30 - 07 - 2012

من جهة ذهب كثيرون منا إلى تأييد مطلب الثورة السورية حماية المدنيين، ولم يبد أن هناك حماية ممكنة إلا بتدخل خارجي طالما أن النظام أفلت القتلة على أبناء الشعب، في المقابل تعالت الأصوات معيبة كل حديث عن تدخل خارجي، ولايزال اصحابها إلى اليوم يهاجمون هذا "التدخل" كأنه حصل، وهو لم يحصل طبعاً، بل إن المرشحين للتدخل لا يفوتون فرصة للقول بأنه لا نية لديهم للقيام بأي عمل عسكري، مؤكدين أن ما كان ممكناً في ليبيا لم يعد ممكناً في سوريا.
لم يفطن خصوم التدخل الخارجي، ومنتقدوه إلى أمرين: الأول أن الداعين إليه لم يفعلوا بدافع الرغبة بل للضرورة القصوى البيّنة، والثاني أن أحداً ولاسيما السوريون بالذات، لا يعتبر أن الاستجارة بالخارج مدعاة افتخار، لكن عندما يصبح الركون لرحمة النظام بمثابة انتحار فلابد مما ليس منه بد، والأهم أن رافضي التدخل لحماية المدنيين لم يفطنوا أيضاً، أو لعلهم فعلوا، إلى أنهم سوغوا ويسوغون قتل الشعب استدعاء لاستكانته ورجوعه إلى الصمت والخوف والخنوع.
كان ولايزال صادماً ومذهلاً حقاً، أن يكون هناك من يعتبرون انفسهم "وطنيين" و"عروبيين"، "ممانعين" و"مقاومين"، ومن يتسلحون بهذه المزايا لانكار حق الشعب السوري في الحرية والكرامة وتقرير المصير السياسي، وانطلاقاً من ذلك يبدون القلق على السقوط المحتم للنظام وكأن الوطنية والعروبة والمقاومة والممانعة ستسقط بسقوطه، وما كان لها أن توجد إلا من خلاله وبواسطته، لو كان يمثل كل هذه القيم، بما تعنيه حقيقة، لتصرف على نحو مختلف تماماً.
لكن الوطنية أضحت معه سحقاً واسكاتاً لصوت الشعب، ولا ريب أنه لم يعط المثال الحسن لما يمكن أن تعنيه العروبة، أما المقاومة فلم تكن سوى شعار يشهد عليه صمت جبهة الجولان وسكونها طوال ثلاثة عقود، تبقى الممانعة التي كان معروفاً منذ البداية انها مجرد صياغة لفظية لأحد الأوهام التي اخترعها النظام ولم يصدقها لكنه اراد أن يصدقها بل أن يعتبرها كما لو أنها أحد أهم الانجازات البطولية للعالم العربي.. يقول مريدوه إن سقوطه سيكون عمليا سقوط آخر قلوع المقاومة والممانعة، ولا يكلفون انفسهم عناء التبصر في ممارسات هذا النظام، وكيف أنه راكم المتضررين والمتشائمين من سياساته في لبنان وفلسطين والعراق فضلا عن سوريا نفسها، وكيف أن إسرائيل والولايات المتحدة اللتين يقاومهما ويمانعهما كانتا فعليا الأقل تضررا منه، بل انهما الأكثر إدراكاً أنه وهو المقاوم سعى بإصرار إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، وأنه وهو الممانع بحث بدأب عن انفتاح الولايات المتحدة عليه، أما ذروة إبداعات هذا النظام فكانت سعيه إلى اقناع العرب بالسير وراء إيران، كما فعل، متجاهلاً أن لإيران مصالحها وخططها، وأنه لم يكن سوى بيدق على رقعة الشطرنج التي تخوض عليها معركة لا تخلو أيضا من أوهام.
الأكثر إثارة للعجب أن عدداً من النخب العربية التي شهدت بلدانها ثورات، وبالتالي تغييرات، وجدت أن ما يصح عندها لا يصح في سوريا، ووجد العديد من أصحاب الرأى والمواقف ومن الكتاب والمحللين، مظلة للاختلاف بحجة أن ليبيا، أو مصر، أو اليمن، أو تونس، هي غير سوريا، ووجب أن تعني كلمة "غير" أن نظام سوريا كان أقل استبداداً، أقل دموية، وأقل استحقاقاً للتغيير، لأنه كان نموذجاً للحريات واحترام حقوق الإنسان، أو ربما لأن ديمقراطيته مجهولة، وقد دافع مريدو النظام السوري، غير المريدين لانظمتهم في بلدانهم، عن تغليب "الحل السياسي" على الحل الأمني أو العسكري لم يأخذوا في الاعتبار أن نحو عشرة آلاف قتيل وأضعافهم من الجرحى والمصابين، واضعاف اضعافهم اعتقلوا وعذبوا، خطفوا واحتجزوا ثم فقدوا، قبل أن يسجل أول انشقاق للعسكريين.
ولم يهتم المريدون لكون قوات النظام راحت تنظم حملاتها مستهدفة القرى والبلدات التي لجأ إليها المنشقون ليكونوا بين أهلهم، فإذا بها تضطرهم للرحيل والنفي القسريين سواء في الداخل أو إلى الخارج.
قرأت وسمعت عرباً يستحسنون مواقف روسيا والصين وإيران، مستعيدين الحنين إلى أيام السوفيات، قالوا إن من يهاجم هذه الدول ومساندتها للنظام السوري لابد أن يكون متأمركاً أو باع نفسه للشيطان، وقالوا إن من يسلح المعارضة ويمكنها من الدفاع عن الشعب والثورة إنما يقدم خدمة لأمريكا وإسرائيل.. كثير من هذه الآراء العجيبة لا يعي أصحابها أنهم يقعون متعمدين أو مخطئين في المعنى المضاد، فماذا لو لم تسلح المعارضة وترك النظام حراً في التقتيل والتدمير أكان هذا يعتبر "ممانعة" لأمريكا و"مقاومة" لإسرائيل؟ يحمي مصالحهم التي انكشفت أخيراً بأنها ليست مصالح سوريا والسوريين. والأكيد أن تلكؤ الدول الغربية، وبالأخص الولايات المتحدة، في مساعدة الشعب السوري كان موجهاً أولاً وأخيراً لاعطاء النظام ورئيسه فرص حل الأزمة داخلياً، لكن النظام بالغ في التهور الدموي إلى حد أنه لم يستطع الشروع ولو بخطوة واحدة ذات مغزى في اتجاه الحل، كانت رسالته إلى الشعب أن يعود إلى الجحر الذي احتجزه فيه طوال عقود، وأن يقنع ب"الاصلاحات" الشكلية الزائفة التي انتجت في الانتخابات الاخيرة برلمانا بعثياً آخر.
أي حل سياسي داخلي يمكن تصوره مع نظام دمر احياء في العاصمة دمشق، وفي حمص وحماة وحلب وإدلب ودير الزور، مع نظام شرد نحو ثلاثة ملايين سوري بين الداخل والخارج، يعلم هذا النظام أنه لكي يحصل على حل سياسي لابد أن يتنازل، بل يعرف ما هي التنازلات الواجبة، لكنه يرفض تقديمها لأنها تمنعه من القتل وتحول دون بقائه، وبالطبع يسانده المريدون معتبرين أن المقاومة والممانعة تستحقان أن يرتكب النظام كل هذا القتل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.