علاقة الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء الجديد, بالنيل علاقة ممتدة الي ما يقرب من 30 عاما, وتقتصر خبرته في السياسة علي وجوده في منصب وزير الموارد المائية والري, علي مدار عام فقط, وبالتالي أزعم أن علاقته الطويلة بالنيل ليست سندا له لكي يكون رئيسا للوزراء وغير كافية لكي يتحمل مسئولية كبري, ومع ذلك أتمني لقنديل التوفيق والسداد, في مهمته الشاقة, ولكن بقيت نقطة مهمة تتعلق بكيفية اختيار رئيس الوزراء لمصر المحروسة, أري ان اختيار رئيس الوزراء لا يخضع لأي معايير او قياسات تساعد في الاختيار. وكنا نتوقع من رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي ان يستند الي معايير متبعة في عدد ممن دول العالم. قال مرسي كلاما جميلا قبل اختيار رئيس الوزراء ومن بين ما قاله إن رئيس الوزراء ذو خلفية اقتصادية, وشخصية مستقلة لا تنتمي الي اي تيار سياسي أو حزبي , ولكن لم يلتزم مرسي بما قاله, وجاء بشخصية وطنية محترمة ولكن لم تفهم في الاقتصاد رغم حاجتنا الماسة الي ذلك, وجاء الاختيار خارج كل التوقعات والاحتمالات, وكان مفاجئا وصادما. بدأ قنديل المشاورات, دون رؤية واضحة أو خبرة سابقة, وكانت النتيجة انه وضع نفسه في قبضة رئيس الجمهورية من ناحية وجماعة الاخوان من ناحية أخري, ونتج عن هذا أن جاءت الترشيحات الاولية لتؤكد أن الاخوان سيطروا علي مقابلات اليومين الأولين, في المشاورات, ويبدو ان قنديل قد أدرك خطورة ذلك وجاء بشخصيات بعيدة عن الاخوان ولكنها لم ترشح لحقائب وزارية بعينها. وبالتالي تم تفسير ذلك ان قنديل وقع في شباك الاخوان, وانه صار من الصعب التخلص من قبضتهم حتي لو ذهب الي رئيس الجمهورية طالبا الحرية الكاملة في اختياراته, ونحن هنا لا نتهم الاخوان في شيء, سوي أنهم كفصيل سياسي وحزب رسمي يسري عليه ما يسري علي غيره من الأحزاب, ونقول ذلك وفقا لما قاله قادة الاخوان أنفسهم أنهم لا يبغون السيطرة علي أغلبية الحقائب الوزارية, ولكن ما رأيناه عن قرب داخل مجلس الوزراء, يدل علي عكس ذلك تماما, سيطرة الاخوان علي رئيس الوزراء واضحة, لدرجة انها ربما قد ساهمت في تأخر إنهاء التشكيل لمدة تزيد على 48 ساعة. أعود إلي نقطة تتعلق بنشاط رئيس الوزراء الجديد, حيث أري أن المشهد أمامي يقول ان قنديل يعتمد علي المدرسة التقليدية في الادارة مثلما كان يفعل في وزارة الري. ونفس المشهد التقليدي مستمر في مجلس الوزراء, لم نر جديدا من قنديل حتي في علاقته بمن حوله, أري التردد موجودا في شخص رئيس الوزراء, وأراه متوجسا من التعامل مع الصحفيين, أراه شخصا خجولا, يحتاج مراجعة نظام حياته العملية, أتمني أن أراه شخصا حاسما وليس مترددا, رجلا واثقا من نفسه وليس العكس, أريده رئيسا للوزراء مجتهدا في تعلم مبادئ الاقتصاد والأمن وهما من أولي الأولويات الملحة في الفترة القادمة. تحدث قنديل, عن موعدين لإعلان التشكيل الوزاري ولكنه لم يلتزم بهما, ويبدو أنه يستشير الرئيس مرسي في كل كبيرة وصغيرة, وأري ان هذه بداية ضعيفة, من رئيس وزراء لا يريد ان يكون شخصية ذات كاريزما يضع لها الجميع ألف حساب, وأري أن رئيس الوزراء الجديد فاته أن يقوم بنفسه بإعداد التشكيل بالكامل ثم عرضه دفعة واحدة علي الرئيس كما هو متبع, ولكن يبدو أن سياسة تكبير الدماغ التي يسير عليها قنديل غير مفيدة, وتأتي بنتائج عكسية تؤثر علي مستقبله.. من قلبي أتمني التوفيق لرئيس الوزراء الجديد وأدعوه الي تقبل رؤيتي في المشهد الجاري الآن في مجلس الوزراء واحيي الدكتور كمال الجنزوري علي جهده الخارق ونشاطه الكبير خلال فترة لم تتجاوز شهوراً قليلة وأثمرت عن انجازات جديدة. Nasser