"سفير القرآن"، لقب استحقه وناله عن جدارة، نتيجة تردد صوته في بلدان العالم كله، الشيخ محمود علي البنا، صاحب الحنجرة الألماسية والصوت العذب الذي كان يتنغم في تلاوة القرآن الكريم الذي حفظه عن ظهر قلب وهو في الحادية عشر من عمره، ففي مثل هذا اليوم من عام 1985، فارق الحياة عن عمر يناهز 59 عامًا، تاركًا ورائه إرثًا هائلًا من التسجيلات والمصاحف المرتلة والمجودة. ولد البنا بمركز شبين الكوم في محافظة المنوفية، 17 ديسمبر 1926، وتعلم القرآن الكريم وأتم حفظه بكُتاب القرية، ثم درس العلوم الشرعية بالجامع الأحمدى في طنطا، وانتقل إلى القاهرة عام 1945، ليدرس علوم المقامات. وفي عام 1948، التحق الشيخ البنا بالإذاعة المصرية، وكانت أول قراءة ألقاها فيها له من سورة هود، واُختير لقراءة القرآن الكريم بالعديد من مساجد الجمهورية، فضلًا عن تلاوته للقرآن بالحرمين الشريفين والمسجد الأقصى، والجامع الأموي بدمشق، وأيضًا عدد من الدول الأجنبية. كان الشيخ البنا، بمثابة إرثًا عظيمًا للإذاعة المصرية، حيث كان من أمهر القراء وأكثرهم عذوبة وجمالًا، فهو يعد من أشهر قراء القرآن الكريم بالعالم الإسلامي كله، فقد ترك للإذاعة رصد ضخم من التسجيلات، والمصاحف المرتلة والمجودة، علاوة على تسجيله مصحف مرتل لإذاعات السعودية والإمارات. ناضل كثيرًا من أجل إنشاء نقابة للقراء، حتى تحقق مطلبه عام 1984، واُختير نائباً للنقيب، وسرعان ما توفي الشيخ محمد على البنا، في 20 يوليو 1985، ودفن في ضريح بمسجده في قريته شبرا باص، وفي عام 1990 منحه الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وسام العلوم والفنون تخليدًا لذكراه العطرة.
