في شرفة شقته المطلة علي البحر بحي ستانلي بالاسكندرية صيف عام 87.. كنت جالساً مع الاستاذ فؤاد سراج الدين باشا وكان ثالثنا المرحوم القبطان مدحت الهرميل.. وسألت فؤاد باشا رحمه الله: عاصرت حكام مصر الملك فؤاد وابنه الملك فاروق ورؤساء الجمهورية الاربعة محمد نجيب وجمال عبدالناصر وأنور السادات وأخيراً حسني مبارك فمن يا تري أفضلهم في رأيك؟. أجاب وهو يتناول سيجاره الضخم: أفضلهم جميعاً كرجل سياسي هو أنور السادات ثم أردف قائلاً: ستتعجب من اجابتي فهو لم يكن يحبني وأنا أيضاً لم أكن أحبه عاودت سؤاله: لماذا هو أفضلهم يا دولة الباشا أجاب: أنور السادات كان سياسياً بالفطرة.. معجون سياسة.. وتربية الشارع السياسي. لم يكن حديثاً للنشر في أخبار اليوم ولكنه كان رأياً صادراً بصدق عن سياسي كبير بحجم فؤاد باشا. تذكرت كلماته عندما تولي الدكتور محمد مرسي منصب رئيس الجمهورية.. فعندما تولي الرئيس السادات الحكم ظن رجاله وهم كانوا من قبل رجال الرئيس عبدالناصر انهم أتوا به ليكون مجرد خيال مآتة فهم المسيطرون علي كل مقاليد الامور.. التنظيم السياسي الاوحد وقتها (الاتحاد الاشتراكي) رئاسة الجمهورية، البرلمان، الداخلية، القوات المسلحة والمخابرات.. وظن رجال الرئيس ان السادات سيكون مجرد ألعوبة في أيديهم يحركونها متي شاءوا ويعزلونه متي أرادوا ولن يقدر علي اتخاذ قرار دون عرضه عليهم.. ولم يمض أقل من عام حتي أطاح بهم السادات ووضعهم في السجون وأصبح رئيساً حقيقياً لمصر ومن رؤساؤها العظام صاحب قرار العبور ونصر أكتوبر وقرار السلام. وجاءنا الرئيس الدكتور محمد مرسي ومعه الجماعة ومجلس شوري الاخوان وخيرت الشاطر صاحب الامر والنهي ورئيس دولة الاخوان المسلمين بل ورئيس الرئيس مرسي وأصبحنا نري في الحكم علي الاقل عشرة رؤساء جمهورية لمصر يدلون بتصريحات خطيرة عن تعيين النواب والمساعدين لرئيس الجمهورية ومرة أخري عن تشكيل الحكومة وأن نصيبهم فيها يزداد من 30٪ الي 50٪ وفي الحقيقة انه لا يوجد برلمان في مصر الآن فكيف يكون لهم هذا النصيب.. أصبحنا نسمع ولا نعرف من هو الرئيس الحقيقي للبلاد هل هو الرئيس خيرت الشاطر أم الرئيس محمد البلتاجي أم الرئيس غزلان أم الرئيس صبحي صالح أم الرئيس العريان أم الرئيس الحداد أم الرئيس صفوت حجازي أم الرئيس الكتاتني أم الرئيس مالك وغيرهم وضاعت هيبة الرئاسة وهيبة رئيس الجمهورية وأصبحت الجماهير متململة وقلقة من سيطرة هؤلاء جميعاً وأصبح السؤال عند رجل الشارع أين رئيس الجمهورية الحقيقي ومن فيهم بالضبط الرئيس؟ وأين الرئيس مرسي هل هو مجرد خيال مآتة وحاشا الله أن يكون رجل في مثل علمه مجرد ألعوبة أو عروسة ماريونت يحركها هؤلاء المتشوقون بنهم الي السلطة والحكم علي جثة مصر والمصريين والرئيس نفسه بل هؤلاء سيتسببون في ضياع الرجل وضياع البلاد فهل سيرضي الرئيس مرسي بحاله هكذا وفي الافق تلوح بوادر سيطرة إخوانية عائلية علي اقتصاد مصر وكأنهم يرثون الحزب الوطني ورجاله.. أم سيفعلها الرئيس مرسي ذات يوم ويصبح رئيساً حقيقياً للبلاد ولكل المصريين ويفعل بهم ما فعله السادات ويتخلص منهم بضربة واحدة أم سيظل رئيساً شرفياً.. كفي ما فعلوه به بجعله يصدر قراراً مخالفاً للدستور والقانون الذي أقسم عليه برفضه حكم القضاء وجعله معرضاً للمحاكمة في أي وقت بتهمة الحنث باليمين وحينها لن ينفعه صوم ثلاثة أيام عندما يثور الشعب والجيش عليه ويصبح هو ورجال الجماعة في السجون. سيادة الرئيس.. افعلها كما فعلها الرئيس السادات لتصبح رئيساً فعلياً لمصر ولكل المصريين وتدخل التاريخ.