يبدو أن حالة التخبط الإعلامي التي يمر بها التليفزيون المصري جعلته يقع فريسة سهلة في أيدي المتربصين بالثورة، سواء من كانوا بداخله من السادة المسئولين بسرعة البرق من أعدائها إلي مناصريها أو ربما مشاركين فيها أو حتي صانعيها.. سبحان الله! أو من السادة الضيوف الذين يختارون بخبث شديد وكأنهم يغسلون وجوههم ويظهرون »بلوك« جديد علي المشاهدين، ولكن يشاء القدر أن يكشفهم سريعاً ويفضحهم عند أول محك وهو حادث كنيسة أطفيح وفي تناولهم له فرأينا كيف ساهم برنامجان »مصر النهاردة« و»من قلب مصر« علي تضخيمه منذ أول لحظة وإذكاء نار الفتنة فيه بل إنني أكاد أجزم أن هذين البرنامجين كانا السبب الرئيسي لأحداث السيدة عائشة, فلقد أذاعت مقدمة البرنامج عن إحراق مسجد وظلت تردد بثرثرة وهلع عن قطع طريق المحور وكوبري أكتوبر وقسمت الشاشة بين ما يدور أمام ماسبيرو من مظاهرات لعدد من الأقباط وكان عددهم قليلاً في البداية ولكنها أخذت تضخم وتهول وتقول الآلاف من الأقباط الذين طردوا من قريتهم والحقيقة غير هذا تماماً كما علمنا جميعاً فلا أحد طرد من القرية بل إن البعض منهم خاف وبالتحديد تلك الأسر الأربع التي كانت تقطن في مواجهة الكنيسة واحتضنتهم الأسر المسلمة في بيوتهم، وأن كل المتظاهرين لا يمتون للقرية بأي صلة بل بعضهم جاء من المنيا ومغاغة. كما رأينا قساوسة من أقاصي الصعيد أضف إلي ذلك نوعية الضيوف التي استضافتهم من أمثال »مايكل منير« حليف الاستخبارات الأمريكية، ويكتب مقالاً أسبوعياً مع كاتب صهيوني في صحيفة أمريكية، مايكل هذا وقف منذ أسبوعين في ميدان التحرير حينما اعتصم العشرات من الأقباط غضباً علي هدم سور دير وادي النطرون، وقال: »لازم نجيب أمريكا تحمينا« فثار عليه الشباب القبطي الوطني الشريف ومن بينهم الضابط القبطي ماجد الذي أطلق النار علي البلطجية يوم 2 فبراير، هذا هو »مايكل منير« الذي طار علي كل الفضائيات وازدحمت به البرامج، الكل وقع في الشراك البعض منهم بحسن نية والكثير منهم بسوء نية، خاصة مقدمي هذين البرنامجين الشهيرين الشديدي الصلة والقربة بالعهد البائد مهما حاولا التنصل منه والتجميل بوجه جديد فلن تفلح تلك العمليات التجميلية ولن تنطلي علي أحد فلسنا أغبياء ولا سذج لنصدقكما وأنتما اللذان كنتما بالأمس القريب وليس البعيد أحد أهم المناظرين للحزب الوطني وجمال مبارك شخصياً وبفضله تبوأتما مكانتكما الإعلامية هذه وكان الأشرف لكما أن تظلا أوفياء لربيب نعمتكما، غير ناكرين لفضله ربما كنا قد احترمناكما لموقفكما هذا كما احترمنا من قبل الإذاعي الكبير أحمد سعيد حينما اعتذر بعد النكسة. وقال إنه كان جزءاً من النظام ثم اختفي نهائياً وغاب صوته عن الأسماع!! نشرات الأخبار هي الأخري بدت متخبطة في بداية الأحداث وفي تناولها إياها فأخذت تضخم الحدث وتنفخ فيه إلي أن أرسلت مراسليها للقرية واتضحت الصورة وإذا أخذناها بحسن نية فربما كانوا يعانون من عقدة التضليل السابقة فسارعوا في المزايدة والمبالغة ضاربين بكل المعايير المهنية عرض الحائط، أما إذا أخذناها بسوء نية فكلام آخر، عموماً لم تكن الأخبار في هذه الأحداث خاصة تلك الآراء التي كانت تأخذ من أناس بعينهم وبتوجه واحد معروف من داخل الاعتصام بريئة ولا مهنية إطلاقاً، لقد شعرنا أننا أمام قناة معادية وليست مصرية حتي قناة الجزيرة التي طالما ما اتهموها بالعداء والكراهية لمصر لم تتناولها علي هذا النحو المثير والمريب!! هذه قضية أمن قومي لا يصح معها اللعب بالنار ولا المزايدات ولا ادعاء الحرية لغسل ماض مظلم، مضلل شاركتم فيه جميعاً وكان يجب أن يتم تطهيره منذ أول يوم، كان يجب إبعاد كل هذه القيادات المشبوهة والوجوه الملوثة القبيحة عن الشاشة، هؤلاء زيفوا وعي الشعب وغيبوا وجدانه وزوروا إرادة أمة، كيف يؤتمنوا علي استمرار مسيرة الثورة، إن هؤلاء لأشد خطراً علي الثورة من تلك الثورة المضادة لأنهم جنودهم الأصليون الذين يضعون السم في العسل وبطريقة ناعمة. تلك القوة الناعمة والمؤثرة التي تتسلل لتضرب في الصميم وغالباً في مقتل! الإعلام يا سادة هو أهم سلاح علي الإطلاق في كل الثورات والثورة تعني ببساطة هدم نظام سابق وبناء نظام جديد لذلك لابد من التخلص والقضاء علي هذا الوباء الذي يسري في شرايين الثورة، سواء كانوا ممن يكتبون في الصحف أو من يقدمون برامج في التليفزيون، فهم أشد خطراً من الحاكم نفسه فهم الذين زينوا لفرعون سوء عمله وضللوا الشعب والله لو كانت هناك محكمة ثورة لقدموا جميعاً للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمي لكن من حسن حظهم ومن سوء حظ الشعب أنه لا توجد تلك المحكمة التي كان يجب أن قدم إليها كل السياسيين والإعلاميين والمثقفين »بأجر« أو مثقفين حسب الطلب ليحاكموا علي ما اجترفوه في حق مصر والمصريين من إفساد للحياة السياسية والإعلامية وتغييب وعي الشعب وتزوير إرادة الأمة هذه تهم تعلق لها المشانق في كل بلاد الدنيا!! فلا أقل الآن من تطهير تلك المنابر الإعلامية المهمة من تلك الجوقة الفاسدة والمفسدة!