فلسفة الطيران مبنية على التهديد والمخاطر.. ولا بد من سياسات لإدارة تلك التهديدات تنفيذ رحلات آمنة للمحافظة على الراكب أهم لدى الشركات من الربح المادى 8.2 بليون مسافر سنويًا حجم حركة الركاب المتوقعة يتطلب زيادة سعة المجالات الجوية.. ومع التوترات يزداد التهديد المباشر وغير المباشر بعد قيام إيران باستهداف طائرة أمريكية بدون طيار التى كانت على ارتفاع شاهق ازدادت مخاوف بعض شركات الطيران وخاصة بعد أن ثبت أن طائرة مدنية كانت قريبة منها على بعد 45 ميلا ووقتها لم تقم أى شركة باتخاذ قرار تجنب أو منع، حتى جاء قرار أصدرته إدارة الطيران المدنى الفيدرالى الأمريكى FAA بحظر التحليق فوق خليج عمان ومضيق هرمز فى المجال الجوى التى تسيطر عليه إيران وهذا القرار جاء بعد أن علقت «يونايتد إير لينز» الأمريكية رحلاتها من واشنطن إلى بومباى ولأن شركات الطيران دائما ما تعتمد على نصائح وإرشادات كل من الولاياتالمتحدة وفرنسا وألمانيا وإنجلترا من خلال إصدار إعلان طيارين NOTAM فبمجرد إصدار هذا الإعلان بأن جنوب المجال الجوى التى تسيطر عليه إيران يشكل تهديداً حقيقياً وبذلك فإن قرار شركات الطيران بالخليج اعتمد على هذا الإعلان. عن إجراءات الأمن والسلامة الجوية فى مثل تلك الظروف وتأثير ذلك على الشركات فى حوار «الوفد» مع كابتن محمد عباس خبير الأمن والسلامة الجوية الدولى. فى البداية كيف لنا أن نتعرف على قيام شركات الطيران باختيار الطرق الجوية فى الأحوال العادية؟ - تكلفة الرحلة أصبحت الآن باهظة الثمن يتم حسابها بكل دقة ويتم تحديدها من خلال استهلاك الوقود ورسوم عبور وإقلاع وهبوط وإيواء وخدمات أرضية ومرتبات أطقم عاملة وعامل الوقود هنا هو العامل الرئيسى فى تكلفة الرحلة فجميع شركات الطيران تقوم بإدارة هذا العامل بمهارة وخبرة حتى أصبح كثير من شركات الطيران ينشئ إدارة للوقود Fuel Management وفى هذا الصدد كان للتكنولوجيا دور فى اختيار المسارات الجوية الأقصر فى خطة الطيران التى تسمى Computed Flight Plan فإذا كان هذا الاختيار لا يسبب مخاطر للأمن وسلامة الرحلة يتم اختيار هذا الطريق والتقدم بخطة طيران FPL لوحدة معلومات الطيران بالدولة بها كل المعلومات عن الدول التى سوف تحلق بها الطائرة أثناء الرحلة لتأمينها فى المجالات الجوية المختلفة من الدفاعات الجوية لتلك الدول وغالبا ما تقدم خطة الطيران 3 ساعات قبل إقلاع الطائرة بالإضافة إلى اسم نداء الطائرة والارتفاع المرغوب التحليق عليه. فى حالة وجود مخاطر للأمن والسلامة هل هناك طرق بديلة أو كيف تتجنبها شركات الطيران؟ - أكيد عند طلب مسارات جوية يكون هناك عدة مسارات أو مسارات عدة بديلة، فالمسار الأول هو أقل استهلاكا للوقود ثم الثانى والثالث وتقوم شركة الطيران باختياره طبقا لنوع التهديد ولأن فلسفة الطيران مبنية على التهديد والمخاطر فلا بد من وجود سياسات وإجراءات لإدارة هذه المخاطر والتهديدات فى أى وقت دون الانتظار للتفكير فدائما ما توجد سيناريوهات جاهزة لذلك فلا وقت فى الطيران للتفكير أو عقد لجان وغيرها فصناعة الطيران صناعة ديناميكية. فى رأيك ما المخاطر الأمنية ومخاطر السلامة التى يمكن أن تفكر بها شركات الطيران عند التخطيط لرحلة؟ - غالبا ما تكون مناطق حروب أو توتر وهنا يجب أن نتذكر حادث الطائرة الماليزية إم إتش 17 التى راح ضحيتها 298 راكبا فى يوليو 2014 فوق الأجواء الأوكرانية بصاروخ ومنذ ذلك التاريخ تقوم شركات الطيران بالبعد عن أى مسارات تشكل تهديدا أمنيا فدائما ما تكون شركات الطيران هى المسئولة عن الحادث لأنها لم تقم باتخاذ التدبير اللازمة لتفادى هذه المخاطر وسوف يكون له تأثير مباشر وغير مباشر على الشركة فالتأثير المباشر يتمثل فى الضحايا وإدارة الأزمة وغالبا ما تقوم شركات التأمين بهذا أما التأثير غير المباشر فيتمثل فى فقد الراكب الثقة فى هذه الشركة وتحتاج لسنوات لرجوعها مرة أخرى. وماذا عن مخاطر السلامة فى المسارات الجوية؟ - تحددها الوقائع فى مجال دولة ما والوقائع هنا يقصد بها الحادث الوشيك Near accident ممكن أن تكون الشركة ذاتها تعرضت لواقعة أو اطلعت على نشرات سلامة دولية مثل اتحاد النقل الجوى الدولى الاياتا أو رابطة الطيارين الدولى حيث يتلقون تقارير من شركات الطيران على مستوى العالم ويقومون بتحليلها ونشرها لتكون تحذيرات للطيارين أثناء التحليق فى هذه الأجواء. ما الأسباب التى تؤدى لمثل هذه الوقائع فى المجال الجوى لأى دولة؟ - غالبا ما تكون نقص التكنولوجيا مثل الرادارات ووسائل الاتصالات وشبكة الطرق الجوية أضف إلى ذلك قلة أعداد المراقبين الجويين وأحيانا نقص فى التدريب لأن التدريب يجب أن يكون مستمرا من خلال الدورات التنشيطية فالموارد المالية تلعب دورا كبيرا يجب إدارتها مع تحقيق الأمن والسلامة وهى دائما ما تسمى معضلة الإدارة فى الطيران لتوكيد السلامة من خلال ما يسمى Safety space. بالرجوع إلى موضوعنا هل اتخاذ قرار منع التحليق فوق خليج عمان ومضيق هرمز أو المجال الجوى الإيرانى جاء بدراسات أو فى وقته؟ - شركات الطيران لا تريد مواجهة مخاطر فهى دائما ما تحاول تقليل المخاطر للمستوى المقبول فإن لم تستطع فتقوم بالمنع ففى الوضع الحالى بعد قيام إيران باستهداف طائرة أمريكية بدون طيار والتى كانت على ارتفاع شاهق ازدادت مخاوف بعض شركات الطيران وخاصة ثبت بأن طائرة مدنية كانت قريبة منها على بعد 45 ميلا ووقتها لم تقم أى شركة باتخاذ قرار تجنب أو منع حتى جاء قرار أصدرته إدارة الطيران المدنى الفيدرالى الأمريكى بحظر التحليق فوق خليج عمان ومضيق هرمز فى المجال الجوى التى تسيطر علية إيران وهذا القرار جاء بعد أن علقت «يونايتد إير لاينز» الأمريكية رحلاتها من واشنطن إلى بومباى وأن شركات الطيران دائما ما تعتمد على نصائح وإرشادات كل من الولاياتالمتحدة وفرنسا وألمانيا وإنجلترا من خلال إصدار إعلان طيارين NOTAM فبمجرد إصدار هذا الإعلان بأن جنوب المجال الجوى التى تسيطر عليه إيران يشكل تهديدا حقيقيا وبذلك فإن قرار شركات الطيران بالخليج اعتمد على هذا الإعلان من الدول سالفة الذكر. ما الضرر الاقتصادى على كل من إيران وشركات الطيران التى اتخذت قرارا بمنع التحليق فوق جنوب المجال الإيرانى؟ - بداية لا أظن أن تشارك شركات الطيران فى أى قرارات تتماشى مع الحظر الاقتصادى الدولى لأنه لو لم تقم الشركات بتحقيق هامش ربح سوف يؤدى ذلك إلى خسارة بالإضافة إلى أن الشركات لها مقاصد للوصول إلى نقاط أخرى من خلال شبكة خطوط، كل ذلك سوف يتأثر ويمكن أن يؤدى إلى إفلاس هذه الشركات فكل ما يعنى الشركات تنفيذ رحلات فى أمن وسلامة للمحافظة على ثقة الراكب فيها من خلال المنافسة فى سوق الطيران. وماذا عن الأثر الاقتصادى على إيران هل تحويل الرحلات سوف يسبب خسارة مادية كبيرة لإيران؟ - لا أظن ذلك طبقا لما علمته من حجم الحركة فى المجال الجوى الإيرانى حوالى 1200 رحلة يوميا يحقق إيرادات حوالى 800 مليون دولار سنويا وذلك للأسباب الآتية: أولا إعلان الطيران بالحظر كان محددا بالحظر فى جنوب المجال الجوى الإيرانى فوق مضيق هرمز معنى ذلك أن تقريبا سوف يحجب حوالى الثلث من الحركة الجوية لأن مجال إيران كبير وبذلك ممكن أن نقول أن الخسارة ستكون حوالى 200 مليون دولار سنويا، ثانيا رسوم العبور يحددها وزن الطائرة والمسافة التى تقطعها الرحلة أى زمن الرحلة وجنوب المجال الجوى الإيرانى ليس بشاسع أى يمكن أن تقوم طائرة بالتحليق فيه بزمن قصير، ثالثا رسوم العبور تختلف عن رسوم الهبوط والإيواء وبذلك يمكن تقليل الخسارة بألا تتعدى 150 مليون طبقا للإحصاءات التى تم الاطلاع عليها وهذا المبلغ لا يذكر فى العقوبات الاقتصادية الدولية على إيران. وماذا عن الخسارة التى سوف تتكبدها شركات الطيران الخليجية عند تغيير المسارات؟ - لا أظن أن تكون هناك مؤثرات كبيرة على شركات الخليج فإن شركات الطيران كانت تستخدم المجال الإيرانى فقط فى الحركة شمالا وهى رحلات قليلة وكانت تستخدم جزءا من المجال الجوى الإيرانى للتوجه إلى اوروبا عن طريق تركيا فيمكن الوصول للمجال الجوى التركى عن طريق التحليق فوق العراق ومنها لشمال شرق ووسط أوروبا ويمكن استخدام المجال الجوى السعودى ومنه إلى مصر للوصل إلى الجنوب الغربى ودول المغرب العربى. هل يمكن أن تكون هناك تحديات فى الفترة القادمة؟ - أكيد هناك تهديدات كبيرة كلما زادت التوترات فى دول مجاورة هنا يصعب على شركات الطيران تفادى هذه المناطق الخطرة وسوف تؤدى إلى تعليق الرحلات أو تنفيذها بأسعار باهظة ومع اختلال شبكة الخطوط لهذه الشركات سوف ينعكس ذلك على الراكب وهو فى زيادة سنويا ولكِ أن تعلمى أن آخر إحصائية لأعداد الركاب كانت 4.1 بليون راكب سنويا سوف يتضاعف هذا العدد إلى 8.2 بليون مسافر سنويا الأمر الذى يتطلب زيادة سعة المجالات الجوية والمطارات وفى هذه الحالة سوف تقل سعة المجالات الجوية بدلا من زيادتها وبذلك يزداد التهديد المباشر وغير المباشر.