اعتبر خبراء سياسيون مصريون أن الإدارة الأمريكية نصبت ما يشبه الفخ للرئيس المصري محمد مرسي بالإيعاز له لإصدار قرار بعودة مجلس الشعب الذي تم حله بموجب حكم قضائي، وهو ما يهدد بحدوث صدام بين الرئيس وكل من المجلس العسكري والمؤسسة القضائية. جاء ذلك في الوقت الذي أظهرت واشنطن رسميًا "موقفًا محايدًا" تجاه الأزمة الدستورية المندلعة منذ أول أمس، مشيرة إلى أن "المصريين هم من يقررون مصير البرلمان بطريقة تحترم المبادئ الديمقراطية وعملية التحوّل". ولم يستبعد المفكر السياسي المصري أحمد كمال أبو المجد -في تصريحات صحفية له أمس الإثنين- أن تكون الإدارة الأمريكية نصبت فخًا للرئيس مرسي بالإيعاز له بإصدار قرار عودة الغرفة الأولى من البرلمان وحدوث صدام بين الرئيس من جهة والمجلس العسكري والمؤسسة القضائية من جهة أخرى. واعتبر أبو المجد أن الرئيس محمد مرسي أخطأ بإصدار هذا القرار، وكان من المفترض أن تكون مؤسسة الرئاسة أكثر استشارة قبل الإقدام على هذه الخطوة، رافضًا في الوقت نفسه الهجوم على الرئيس المصري ووصفه بأنه "فقد الشرعية" بعد هذا القرار. وأصدر مرسي قراره بإعادة مجلس الشعب لممارسة مهامه أول أمس الأحد بعد ساعات قليلة من لقائه ومساعد وزير الخارجية الأمريكي ويليام بيرنز في القاهرة الذي نقل إليه رسالة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما. ومن جانبه، ألمح المفكر السياسي سيف عبد الفتاح إلى احتمال أن تكون واشنطن وراء قرار مرسي خاصة بعد لقائه بيرنز، مشيرًا إلى ترحيب القوى الخارجية وفي مقدمتها واشنطن بالقرار، الأمر الذي يمنع المجلس العسكري من الانقلاب على الحكم حفاظًا على صورته أمام العالم، بحد قوله. وعقب إصدار القرار، اتهم المستشار أحمد الزند -رئيس نادى القضاة في مصر أمس الإثنين- الرئيس مرسي بأنه امتثل لما وصفه بالضغوط الأمريكية، واعتبر أن قرار هدم المؤسسة القضائية من خلال عودة البرلمان صدر بمباركة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، بحد قوله. وأمهل الزند، الرئيس مرسي 36 ساعة لسحب قراره بإعادة مجلس الشعب، وتقديم اعتذار للقضاة والشعب عن تحديه للسلطة القضائية بمخالفة قرار المحكمة الدستورية العليا"، مهددًا باتخاذ "قرارات أخرى ستكون أشد إيلامًا سيتم الإعلان عنها في حينها". جاءت الاتهامات لواشنطن بالتدخل ونصب الفخ لمرسي في الوقت الذي أعرب باتريك فينتريل -مدير مكتب العلاقات الصحفية بوزارة الخارجية الأمريكية- عن موقف بلاده المحايد للأزمة. وقال فينتريل -في تصريحات صحفية اليوم الثلاثاء- إن "المصريين هم من يقررون عودة البرلمان المصرى، الذى تم حله، بطريقة تحترم المبادئ الديمقراطية وعملية التحول وبطريقة شفافة وتحمى حقوق جميع المصريين". ولفت إلى أنه من الواضح أن التطورات سريعة فى مصر، والولايات المتحدة تتابعها عن كثب، وعلى اتصال مع قادة القوى السياسية. ويقضي قرار مرسي بعودة عمل البرلمان وممارسة اختصاصاته وإجراء انتخابات مبكرة للمجلس خلال 60 يومًا من تاريخ المصادقة على الدستور الجديد ووضع قانون جديد لانتخاب أعضاء البرلمان. وينظر القضاء المصري، اليوم الثلاثاء، العديد من الدعاوى التي تطعن على قرار مرسي بإعادة عمل البرلمان، وعلى قرار المجلس العسكري بحله في مؤشر على أن الصراع السياسي بين السلطات قد انتقل إلى ساحات القضاء.