أحد كبار الصالحين، كان يسرق القوافل ليلا، و كان شجاعًا قوى البنية، وكان الناس يتواصون فى الطريق «إياكم والفضيل ,كما أن المرأة تأتى بطفلها فى الليل تسكته وتقول له: اسكت وإلا أعطيتك للفضيل, ورأى الفضيل ذات يوم امرأة جميلة فطلبها لنفسه فرفضت لما اشتهر به، فقرر الدخول عليها فى بيتها وذات ليلة تسلق الجدار المؤدى إلى بيتها فإذا بها أمامه مستقبلة القبلة وقائمة تصلى، فجلس الفضيل ووضع يده على السقف وظل ينظر إلى تلك المرأة تقرأ القرآن وتبكى حتى بلغت قول الله عز وجل: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) فنظر إلى السماء و عيناه تملؤها الدموع فقال: «يا رب إنى أتوب إليك من هذه الليلة»، ثم نزل فاغتسل وذهب إلى المسجد يبكى حتى الصباح، فتاب الله عليه، وجعله إمام الحرمين فى العبادة والزهد، وذات يوم وهو يسير فى الشارع متجها لصلاة الفجر سمع تاجرا يقول لصاحبه فلننطلق الآن إلى تجارتنا، فقال له الآخر إن هذه المدينة بها رجل يقال له الفضيل بن عياض وسيقطع طريقنا، فبكى بكاء شديدا وأخذ يقول فى نفسه من أكون أنا لأخيف عباد الله. من كلامه لهارون الرشيد عندما سلم عليه ما لها من كف , ما ألينها إن نجت غدا من عذاب الله، وإنى أخاف عليك أشد الخوف يومًا تزل فيه الأقدام، فهل معك، رحمك الله، مَن يشير عليك بمثل هذا, فبكى هارون بكاء شديدًا حتى غشى عليه , ثم أفاق، فقال زدنى، قال بلغنى أن عاملًا لعمر بن عبدالعزيز شُكى إليه، فكتب إليه: يا أخى أذكرك طول سهَر أهل النار فى النار مع خلود الأبد، وإياك أن ينصرف بك من عند الله، فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء، فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم عليه، فقال: ما أقدمك؟ قال: خلعت قلبى بكتابك، لا أعود إلى ولاية حتى ألقى الله، فبكى هارون بكاء شديدًا فقال: يا أمير المؤمنين، إن العباس عم النبى عليه السلام جاء إليه فقال: أمّرْنى، فقال له: إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة، فإن استطعت ألا تكون أميرًا فافعل, فبكى هارون، وقال: زدنى قال: يا حسن الوجه أنت الذى يسألك الله عن هذا الخلق يوم القيامة، فإن استطعت أن تقى هذا الوجه من النار، فافعل، وإياك أن تصبح وتمسى وفى قلبك غش لأحد من رعيتك، فإن النبى قال: من أصبح لهم غاشًا لم يَرح رائحة الجنة, فبكى هارون وقال له: عليك دَين؟ قال: نعم، دين لربى، لم يحاسبنى عليه, فالويل لى إن ساءلنى، والويل لى إن ناقشنى، والويل لى إن لم ألهم حجتى قال: إنما أعنى من دَين العباد, قال: إن ربى لم يأمرنى بهذا، أمرنى أن أصدق وعده، وأطيع أمره، فقال سبحانه وتعالى: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» , فقال: هذه ألف دينار خذها، فأنفقها على عيالك، وتقوَّ بها على عبادة ربك، فقال: سبحان الله! أنا أدلك على طريق النجاة، وأنت تكافئنى بمثل هذا, سلمك الله, ثم صمت فقال هارون هذا سيد المسلمين. من أقواله : لا يبلغ العبد حقيقة الايمان حتى يعد البلاء نعمة والرخاء مصيبة. توفى رضى الله عنه فى شهرالمحرم سنة 187 هجرية [email protected]