رمضان شهر الخير والعطاء.. فكل صور التكافل تتجلى خلال الأيام المباركة التى تكتسب فى مصر طابعًا خاصًا جداً، لتنشط مجموعات تخصص وقتها وجهدها ومالها لمساعدة كل محتاج، فضلاً عن المبادرات الفردية. وتعتبر «شنطة رمضان» أحد أهم صور التكافل فى رمضان، ورغم أن الإعداد لها يسبق الشهر الكريم بأسابيع.. إلا أنها تستمر طوال الشهر حتى يكون الخير موصولاً.. الجديد فى شنطة رمضان هذا العام أنها وجدت دعمًا غير مسبوق، خاصة من الشباب وحتى الأطفال، أفكار جديدة أيضاً تتغلب على شكل المساعدة المباشرة المعتادة وأكياس السكر والأرز وعلب الزيت والسمن، فهناك اللحوم والدجاج والحلوى، وقبل كل ذلك هناك الحرص على دوام العطاء اليومى، فلا يقتصر التوزيع فى مستهل شهر رمضان فقط بل بشكل يومى وحتى العيد، وبعض المجموعات الخيرية تحرص على وضع خطة لدوام هذا العمل التكافلى حتى بعد رمضان، صفحات الفيس بوك أصبحت شريكاً أساسياً فى فعل الخير عن طريق تشجيع الداعمين والمشتركين وتوصيل كل المحتاجين فى كل أنحاء مصر. شنطة الخير.. شنطة البركة.. شنطة الرحمة.. شنطة المحبة.. أسماء كثيرة ظهرت فى السنوات الأخيرة كعادة رمضانية تغلغلت داخل أواصر المجتمع المصرى، وكلها ارتبطت ب «شنطة رمضان». شنطة رمضان 2019 تضم عددًا من السلع التموينية مثل السكر والزيت والأرز والشاى والبلح وقمر الدين والزبيب،ويتم توزيعها على المحتاجين وذلك تحقيقاً لمبدأ التكافل الاجتماعى. ويتطوع بعض القادرين بشرائها من المحلات التجارية وتوزيعها بأنفسهم أو تسليمها للجمعيات الأهلية لتقوم بتوزيعها. ومع حلول شهر رمضان، تعد المتاجر الكبيرة، شنط متنوعة لاحتياجات الشهر الكريم، والتى يقبل على شرائها الكثيرون من أجل تقديمها كهدايا للمقربين أو المحتاجين، أو حتى لاستخدامهم الشخصى. قالت ولاء محمد، متطوعة فى فريق صناع الحياة بمحافظة الإسماعيلية: على مدار الأعوام السابقة من العمل التطوعى فى تجهيز وتعبئة شنطة رمضان واجهنا تحديات متباينة ما بين تزايد أعداد المحتاجين والفقراء وتراجع حجم التبرعات بسبب الأوضاع الاقتصادية وما بين قلة عدد العناصر البشرية العاملة فى العمل التطوعى فمعظم المتطوعين من الشباب والبنات بداية من طلبة الجامعات وحتى الأطفال فى عمر 10 سنوات، وتمثل تعبئة وتوزيع «شنطة رمضان» سعادة كبيرة لهم وتنمى لديهم روح الانتماء والمشاركة المجتمعية ولذلك دائماً ما يتصدرون مشهد العمل التطوعى لوجود وقت فراغ لديهم وطاقة فى مثل هذه الفئة العمرية. وأكدت «ولاء» أن بعض المتبرعين يتنوع تبرعاتهم ما بين شنط جاهزة وآخرون يتبرعون بكميات كبيرة من السلع الغذائية لتوزيعها فى رمضان ويجب ألا تقل محتويات شنطة رمضان عن 7 أصناف فتشمل الشنطة زجاجة زيت، علبة سمن، كيلو أرز، كيس مكرونة حجم 400 جرام، كيلو سكر، علبة صلصة وعلبة شاى، وهذه أقل شنطة يتم توزيعها لتساهم فى مساعدة المحتاجين ونحاول دعم الشنط ببعض السلع الأخرى مثل البلح والعدس والفول وقمر الدين فى حالة زيادة التبرعات. الفيس بوك.. شريك الخير محسن سالم، أدمن أحد صفحات أهل الخير، أكد ل «الوفد» أن عددًا كبيرًا من رجال وسيدات الخير، قاموا بعمل حملة تبرعات كبيرة لجمع شنطة رمضان لتوزيعها على أطفال الشوارع، مؤكداً أن المتبرعين أجمعوا بالمجهودات الذاتية شنط رمضان التى تحوى على «أرز ومكرونة وسكر وفول وسمن وزيت وبلح وزبيب وجوز هند وتمر وقرصيا»، وهم مستمرون فى عملهم لدعم الغلابة والفقراء فى كافة القاهرة والجيزة. وقام العديد من الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» بتجهيز كميات كبيرة من الشنط الرمضانية بمنطقة الشرابية بالتعاون مع إحدى الجمعيات الخيرية لتوزيعها على البسطاء بمناسبة الشهر الكريم مما خلق روحًا للمحبة وتقديم الخير بأقل الإمكانيات المتاحة لراود التواصل الاجتماعى وكشفت القائمين على الصفحة عن محتويات الشنطة الرمضانية الذى تقدمه هذا العام، وتحتوى على 2 كيلو سكر و2 كيلو أرز و2 زجاجة زيت و2 كيلو مكرونة وعلبة سمن كيلو و2باكو شاى و2علبة صلصة و2 كيلو بلح جاف وعلبة تمر واحد كيلو، وتم توصيل أهل الخير من الشباب خلال الأسبوع الجارى أكثر من 300 شنطة رمضانية إلى منازل المحتاجين بالمنطقة وهى مبادرة شبابية جيدة. وقالت سالى الشربينى، مسئول التسويق والعلاقات العامة بشركة أمان التابعة لوزارة الداخلية: إن الدولة تسعى جاهدة بتوفير كافة المنتجات الغذائية للمواطنين بأسعار بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم، وأتاحت «أمان» جميع السلع الغذائية وعلى رأسها شنطة رمضان بأسعار منخفضة عن سعر السوق بنسبة تصل من 10 إلى 30%. وأضافت «الشربينى» أن محتويات الشنطة تتم وفقاً لعدد الأصناف وأحجامها، فهناك شنط تتكون من العناصر الرئيسية فقط وهى الأرز والسكر والمكرونة والزيت والسمن، وهناك بعض الشنط التى تحتوى على 10 أصناف أو 12 صنف، ولذلك عمل من أجل تقديم عروض الخير وفرت منافذ «أمان» شنط رمضان بفئات ثلاثة بأسعار 60 و80 و100 جنيه، ويبدأ سعر شنطة رمضان بمنافذ البيع بمبلغ 60 جنيهاً وتشمل «كيلو سكر و900 جرام أرز وباكو شاى 400 جرام وزجاجة زيت 750 ملى، و2 كيس مكرونة 350 جراماً، وعلبة سمن 350 جراماً وفول 350 جرامًا»، والفئة الثانية شنطة بقيمة 80 جنيهاً وتتكون من «كيلو أرز وكيلو سكر، وكيلو مكرونة، زجاجة زيت 500 ملى و350 جرام سمن و500 جرام لوبيا ولفة قمر الدين وباكو شاى وكيس ملح، وبرطمان صلصة». أما الفئة الثالثة فكانت شنطة «أمان» وسعرها مائة جنيه وتتكون من «كيلو سكر وزجاجة زيت وكيلو أرز وكيسين فول 500 جرام وكيسين عدس 500 جرام، وعلبة سمن 800 جرام، وعلبة صلصة 300 جرام، وكيسين مكرونة 500 جرام، و2 باكو شاى 40 جرامًا، وكيلو بلح ولفة قمر الدين و250 جرامًا جوز هند». شنط.. أشكال وألوان وتختلف أسعار الشنط رمضان بحسب كميات وأصناف وأحجام السلع التى تحتوى عليها، وكذلك بحسب كل متجر، حيث تتراوح الأسعار بين 60 و130 جنيهًا فى معظم السلاسل التجارية، ورصدت «الوفد» بورصة أسعار شنطة رمضان فى كبرى المحال التجارية الشهيرة لهذا العام، ففى سوبر ماركت شهير بالدقى بلغ سعر الشنطة 95 جنيهاً وتتكون من كيلو أرز، كيلو سكر، لفة قمر الدين مصرى 400 جرام، مكرونة 400 جرام، شاى 200 جرام، زيت 750 مللى، سمن 700 جرام، برطمان صلصة 300 جرام. وفى سوبر ماركت شهير آخر يبلغ سعر شنطة رمضان 75 جنيهاً،2 كيلو أرز إكسترا، كيلو سكر، علبة سمنة 750 جرامًا، 1 زيت 750 مللى، كيس مكرونة 400 جرام، كيس ملح، برطمان صلصة، شاى. أما فى سوبر ماركت كبير، يبلغ سعر الشنطة 50 جنيهاً، ويتكون من كيلو أرز، كيلو سكر، كيس مكرونة 350 جرامًا، كيس صلصة 135 جرامًا، 1 زيت خليط 600 مللى، شاى ناعم 400 جرام، ظرف سمنة 350 جرامًا. وهناك سعر شنطة مميزة يبلغ 90 جنيهاً وتتكون من علبة سمنة 750 جرامًا، 1زيت خليط 750 مللى، كيلو أرز، كيلو سكر، كيس مكرونة 400 جرام، برطمان صلصة 320 جرامًا، باكو شاى ناعم 100 جرام، تمر جاف 400 جرام. وتبلغ سعر الشنطة 85 جنيهاً بسوبر ماركت آخر، وتتكون من كيلو أرز، كيلو سكر، سمنة 650 جرامًا، زيت 750 مللى، 4 مكرونة 350 جرامًا، كيس ملح 400 جرام، صلصة الشمس 300 جرام. أما فى سوبر ماركت يبيع بأسعار الجملة بلغ سعر الكرتونة 60 جنيهاً وتتكون من كيلو أرز، كيلو سكر، كيس مكرونة 300 جرام، زجاجة زيت خليط 800 مللى، برطمان صلصة 370 جرامًا، كيس عدس أصفر، بينما بلغت سعر شنطة رمضان المميزة 130 جنيهًا وتتكون من علبة سمنة نباتى 700 جرام، زجاجة زيت خليط 800 مللى، كيلو أرز، كيلو سكر، كيس مكرونة 300 جرام، كيلو بلح أسوانى، برطمان صلصة 280 جرامًا، علبة فول مدمس 400 جرام، كيس جوز هند 250 جرامًا، كيس عدس 400 جرام، لفة قمر الدين 400 جرام، كيس زبيب 250 جرامًا. تكافل وكرامة وأكدت هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، شنطة الخير أو شنطة رمضان نوعاً من المشاركة والمحبة وعمل الخير التكافلى خلال رمضان.. وقالت: مساعدة الناس على تحسين ظروفهم أمر مهم، وفى رمضان تزداد الحاجة للتكافل الاجتماعى، ولذلك انتشر فى السنوات الأخيرة التسابق لتكون شنطة رمضان أحد الأمور الاعتيادية للتكافل والتراحم بين طبقات الشعب المصرى وتوزيعها على من يستحقها وأصبحت العامل الرئيسى بمبيعات السلاسل التجارية. وأضافت أستاذ علم الاجتماع، أن فعل الخير ليس توزيع أموال فقط على المحتاجين والفقراء بل المساهمة فى إعداده وتوزيعه وهذا يظهر فى توزيع «شنطة رمضان»، هى جزء من التراحم والترابط وتنمى شعوراً بالمحبة داخل المجتمع وتترك أثراً إيجابياً لدى نفوس المحتاجين. وقال الدكتور محمود الصاوى، وكيل كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن شنط رمضان نوع من التكافل والإسهام فى إفطار الآخرين.. وأضاف: هذه الحقيبة يعدها الصائم ليستعين بها غيره فى نفقات رمضان، ويقول المولى عز وجل فى كتابه الكريم فى سورة البقرة: «مَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون» وهذا ما رغب فيه رسولنا الكريم وذكره بحديثه الشريف، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً»، وهذا يبين عظم وأجر ثواب من يقوم بعمل الخير فى توزيع والمساهمة بشنطة رمضان. وأضاف «الصاوى» أن شنطة رمضان تشعر الفقراء بأن القادرين مهتمون بأمرهم, فهى إلى جانب أنها تشبع احتياجاً مادياً عند الفقراء فهى أيضاً تشبع احتياجاً نفسياً ومعنوياً وتنمى شعوراً بالتكامل والولاء والألفة والمحبة داخل القرية أو الحى أو المجتمع المحلى أو حتى بين الأقارب بشرط أن تحتوى هذه الشنطة على كميات كافية ونوعيات مطلوبة بمعنى أن تحتوى على الأساسيات مثل الأرز والسمن والزيت والسكر تساهم فى إرضاء وسرور المحتاجين. وتابع وكيل كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر حديثه، بأن أبرز من يحتاجون شنطة رمضان هم من كانت حالته المادية غير مستقرة وتشمل الأقارب والجيران والفقراء والمساكين والأرامل واليتامى وإذا كان لا يوجد لدى المتبرع معلومات عمن هم أولى بالاستحقاق فيفضل أن يتبرع بشنطة رمضان إلى الجمعيات الأهلية الخيرية الموثوقة لتتولى توزيعها على من يستحقها، مطالباً بدعم وتدعيم وهذه العادة الرمضانية المباركة التى تعتبر من أهم أدوات تحقيق التكافل الاجتماعى وتوثيق روابط الأخوة بين أفراد المجتمع ما دامت خالصة لوجه الله تبارك وتعالى وخالية من النفاق والتفاخر.