وانتصر الشعب فى اللحظة الفارقة.. وكتب الله لمصر تاريخا جديداً.. ودعنا عصرا مظلما، وأياما بغيضة.. وبدأنا عهدا جديدا مع الحرية.. عهدا يكون فيه الشعب هو مصدر السلطات ويكون فيه الحاكم خادما للشعب.. ودعنا عهودا من الفساد.. وبدأنا عهدا جديدا عماده الشفافية والصدقة والنزاهة والأمانة.. ودعنا عهودا من الديكتاتورية.. وبدأنا عهدا جديدا يختار فيه الشعب نوابه وحكامه بكل حرية ومن خلال صناديق شفافة لا ينفع فيها عبث ولا تبديل.. ودعنا حكم العسكر.. وبدأنا نبنى الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، ودعنا عهودا كان المصرى فيها غريبا فى وطنه.. وبدأنا عهدا جديدا أصبحنا فيه جميعا ملاك هذا الوطن.. وأصبحت مصر بحق وطنا يعيش فينا وليست وطنا نعيشه فيه. أراد الله لثورتنا أن تنجح وتحقق أهدافها.. وأثمر الربيع العربى فى بلدنا وأصبح الدكتور محمد مرسى أول رئيس منتخب انتخابا حرا فى تاريخ مصر.. وحقق الرجل شعبية كبيرة فى الأيام الأولى لحكمه وشعرنا أننا أمام حاكم طال انتظارنا له وجاء بعد طول غياب. بعد دقائق من حلف اليمين وإلقاء الرئيس خطابه أمام ممثلى الشعب فى احتفال جامعة القاهرة، جمعتنى الأقدار برجل بسيط يعمل خفيرا فى القاهرةالجديدة.. بادرنى الرجل قائلا: هل استمعت إلى خطاب الرئيس.. قلت له نعم.. قال لى هذا رئيس «الغلابة».. أرسله الله لنا فى الوقت المناسب.. وأضاف الرجل: إننى أشعر للمرة الأولى بأن رئيس مصر هو رئيس «الغلابة» ونحن ندعو له من قلوبنا ونرفع أكف الدعاء بأن يحفظه الله لنا.. هذه هى صورة الرئيس عند بسطاء هذا الشعب الذين دفعوا الثمن طوال السنوات الماضية، وكانت كلها سنوات عجافاً لم يذوقوا فيها طعم الحرية وعاشوا فى فقر مدقع وتحت قهر الديكتاتورية البغيضة. وفى مساء نفس اليوم دخلت المسجد فى صلاة العشاء وإذا بالإمام يرفع أكف الدعاء ويبتهل إلى الله بأن يوفق رئيسنا وييسر له البطانة الصالحة.. وكانت تلك هى المرة الأولى التى أرى فيها إمام مسجد يدعو إلى الرئيس من قلبه وبكل خشوع، وقال لى الأصدقاء إن هذا الدعاء يتردد فى كل المساجد.. وهو دعاء من القلب.. دعاء لم نعهده من قبل. لقد كرهنا الدعاء فى الماضى والذى كان يقتصر على علماء السلطة بدءا من شيخ الأزهر والمفتى وبعض أتباعهم وانتهاء ببعض الأئمة التابعين لمباحث أمن الدولة، وكانت كلها كلمات من النفاق والرياء لم تجد إلى السماء طريقا.. وقد نال الحاكم وعصابته الجزاء الوافى على ما فعلوا فى حق هذا الوطن.. ولكن بقى الدعاة الذين ساروا فى موكب الحاكم ولم يصبهم ما أصابه.. والأغرب أنهم تلونوا اليوم وأصبحوا من الثوار ويريدون أن يستمروا فى مواقعهم ويحصنوا أنفسهم وكأن شيئا لم يكن. لقد دمعت عيناى وأنا أقف وسط الحشود الهادرة فى ميدان التحرير استمع إلى خطاب الرئيس وأشهد القسم الذى هز وجدان مئات الآلاف الذين احتشدوا فى مليونية تسليم السلطة.. كان لحظة تاريخية.. ومشهداً لم يحدث على مر العصور.. فهذه هى المرة الأولى الذى يؤدى فيها الرئيس القسم أمام شعبه ووسط حشود لا يقف أمامها إلا رئيس منتخب ومحبوب لا يخشى ما يخشاه الآخرون. ملأت كلمات الدنيا.. وأنصفتنا صحافة العالم.. أما الظلم والجحود فكان من صحافة الداخل. أنصفنا الصحفيون الأحرار فى كل بلاد العالم.. وظلمنا أصحاب الأقلام المسمومة فى صحافة الداخل.. كانت مصر - الثورة والوطن - حاضرا، فى صحافة العالم.. وكانت مصر الماضى.. مصر مبارك.. مصر الفلول حاضرة فى صحافة الداخل. أنصفتنا الصحف العالمية الكبرى فى كل مكان.. ودبرت الصحف المشبوهة فى الداخل المؤامرات للنيل من الثورة والرئيس حتى لو كان ذلك على حساب الوطن. قالت الصحف العالمية مصر تبدأ تاريخا جديدًا.. «مرسى يفرض هيبته على الجميع».. و«نجحت ثورة مصر».. «مرسى أول رئيس منتخب فى مصر».. «مصر على أعتاب مرحلة جديدة».. «مصر تواصل إبهار العالم». وخاضت الصحف المشبوهة فى الدخل فى أحاديث الإفك والبهتان، ونظمت حملات لا يذكيها إلا الحقد الأعمى والكراهية والبغضاء، ونسجت من الأكاذيب حكايات هدفها النيل من الثورة والرئيس والبكاء على اخفاق مرشح الفلول. تعجبت من الاحتجاجات التى يذكيها رؤساء تحرير الصحف القومية لمنع مجلس الشورى من تعيين قيادات جديدة تعبر عن روح الثورة بعد أن تحولت خلال الفترة الأخيرة إلى نشرة تدعم المرشح الخاسر وتمهد الطريق إلى إعادة انتاج النظام القديم. إننى أرفض تغيير بعض القيادات قبل محاسبتها وعلى رأسها قيادات صحيفة الأهرام.. إن ما فعلته الصحيفة خلال الأيام الأخيرة من انتخابات الرئاسة وحتى ظهور النتيجة هى جريمة تستوجب المساءلة.. لقد ساندت الصحيفة المرشح الخاسر بكل قوة على حساب الدكتور محمد مرسى.. وليس هذا فحسب بل حاولت تهيئة الرأى العام لتقبل خسارة الدكتور مرسى رغم أن جميع محاضر اللجان الفرعية والعامة وهى محاضر رسمية موثقة أشارت إلي نجاحه بفارق يزيد علي 800 ألف صوت وهو ما أكدته الأرقام الرسمية التى أعلنتها اللجنة المشرفة على الانتخابات. ولم تتوقف الحملة المسعورة على الصحف القومية وامتدت إلى الصحف الخاصة وفى مقدمتها صحيفة مشبوهة صدرت فى توقيت مريب وكان كل هدفها هو النيل من الدكتور محمد مرسى.. وبعد أن خاب ظنهم ونجح الرجل بدأوا فى بث سمومهم من خلال ترويج الشائعات ونشر الأخبار الكاذبة دون وازع من ضمير. فى البداية قالوا إن نجل الرئيس يؤدى امتحان الثانوية فى لجنة خاصة بالشرقية وكذبت وزارة التعليم الخبر، وتبين أنه يؤدى الامتحان مع زملائه بصورة طبيعية. أدعت زورا وبهتانا أن نجل الرئيس مرسى أهدى قلادة إلى الشيخ راشد الغنوشى أثناء توديعه له بالمطار.. وتبين أن نجل الرئيس الذى نشروا اسمه موجود بالسعودية ونجله الثانى كان متواجدا بالزقازيق ولم يغادرها هذا اليوم ونجله الثالث كان يؤدى امتحانات الثانوية.. ورغم نفى نجل الرئيس الخبر فى كل الفضائيات هرولوا إلى موقع مشبوه يحمل اسم حزب النهضة التونسى وكان منشورا عليه الخبر المكذوب وهو ما اضطر مدير مكتب الغنوشى إلى نفي الخبر والتأكيد على أن هذا الموقع لا يمثل الحزب وقاموا بنشر الخبر الصحيح على موقع الحزب وموقع الغنوشى. وواصلت الصحيفة سمومها لتنفيذ خطتها الممنهجة والممولة خصيصي لهذا الغرض وادعت زورا أن محافظات مصر تشهد مظاهرات حاشدة وذلك فى اليوم الأول لتولى الرئيس الجديد مهامه.. وقد تعجب أبناء مصر من هذه الأخبار الكاذبة والتى تأتى عكس الواقع.. وتأكد الجميع أن المظاهرات التى أشارت إليها الصحيفة من خيال المحررين بها ورئيس تحريرها. وجاءت الأخبار الصادقة لتدحض افكهم وذلك بالارتفاعات التاريخية التى سجلتها البورصة، والنشاط الملحوظ فى قطاع السياحة، وزيادة العائدات فى القناة. عزاؤنا أن هذه الصحيفة المشبوهة عديمة الانتشار، وأن أصحابها ورئيس تحريرها أصيبوا بخيبة أمل بعد أن فشلت منذ الأيام الأولى لصدورها. وللأحرار والثوار وأهالى الشهداء أقول: لا تحزنوا.. ففى كل فجر جديد يلتف الشعب حول رئيسه، وحتما ستسقط هذه الأقلام المسمومة كما أسقط أسيادهم وإن غداً لناظره قريب.. وأبدا لن يفلح الظالمون.