كان صباحا جميلا يوم 1 يوليو لحصول المبدع وحيد حامد على جائزة النيل فى اول يوم لتولى الرئيس محمد مرسى مقاليد الحكم وكأنه بمثابة الخط الفاصل بين زمنين ورغبة لتكريم الإبداع فى صورة شخص رافض لأخونة الدولة, مبدع كانت آراؤه السياسية ضد النظام فى عز مجده رغم أن هناك من يتهمه بأنه من مؤيدى النظام السابق، خاصة بعد كتابته الجزء الاول من الجماعة فتبارت الأقلام تهاجمه لأنه تجرأ واقترب من جماعة كل من ليس معها فهو عدوها وما بالك الآن وقد أصبحت الحاكمة الآمرة!. لذلك ورغم إيمانى التام بأنه سيكمل الجزء الثانى من الجماعة إلا أنه من المستحيل خروجها للنور. إن جائزة النيل نالها رجل كانت أعماله وأفكاره أول سطر فى طريق الثورة ومن يقول غير ذلك يلعب لصلح اتجاهات أخرى فهو الذى أصر على البحث المضنى الى حد السفر على متن عبارة للسعودية لكشف إبعاد كارثة غرق «عبارة السلام 98» واستغرق فى كتابة السيناريو ما يقرب من 3 شهور بعد الحادث، مستعينا بوثائق ومراجع وأبحاث أجراها فى مصر، بالإضافة الى الاتصال بالضحايا الباقين على قيد الحياة. وفى اثناء كتابة الفيلم تعرض وحيد حامد للعديد من الضغوط لعدم كتابته ومنها حضور زوجة ممدوح إسماعيل للمساومة على عدم تنفيذ الفيلم، وانتهت المقابلة بخناقة لأنها اتهمته (أنه متسلط عليهم). وحيد حامد كان مصرا على خروج الفيلم للنور رغم اننا جميعا نعلم علاقة زكريا عزمى بممدوح اسماعيل فى الوقت الذى تم له التطبيل إعلاميا من خلال مؤسسات إعلامية تملك صحفا ويشارك العاملون فيها فى فضائيات ويعلم الجميع علاقتهم بممدوح اسماعيل، وللأسف ان هؤلاء هم المطبلون للثورة مضللو الرأي العام «الراقصون على جثث ضحايا العبارة». والسؤال الآن: هل سنجد من يخرج هذا الفيلم للنور؟! أم أن المقربين من ممدوح إسماعيل والعاملين فى مؤسساته والذين كانوا داعمين للرئيس المنتخب سوف يقفون بكل قوتهم لمنعه؟ إن تاريخ وحيد حامد الإبداعى يؤكد لنا من خلال العديد من أعماله أنه رافض للفساد السياسى منذ فيلمه «طائر الليل الحزين» الذي تطرق بصورة مباشرة إلي تغير السياسات العامة في مصر المصاحبة لثورة التصحيح، زائحا الستار عن وجوه الفساد السياسي واستكمله فى «الراقصة والسياسي» و«اللعب مع الكبار» و«معالي الوزير» والذى اشار الى واقعة حقيقية حدثت عند تعيين احدى الوزارات والكثيرون يعلمون حكاية الوزير الذى دخل الوزارة عن طريق الخطأ. واقترب وحيد حامد من شخصية صفوت الشريف وفساده فى عز مجده من خلال فيلمه «كشف المستور» و«عمارة يعقوبيان» والتى كانت شخصية خالد صالح مزيجا من صفوت الشريف وكمال الشاذلى. ولكن يظل فيلمه «البريء» له مكانة خاصة فى تاريخ وحيد حامد الفنى خاصة بعد الموافقة على عرضه كاملا بما فيه مشهد النهاية الذي تم اقتطاعه من قبل لتكون نهاية الفيلم من خلال بطله أحمد سبع الليل «رضوان الفولي» عندما يري «مجموعة» معتقلين جددا تدخل الي قلب المعتقل.. فلا يستطيع التحكم في أعصابه ويري أن الحل الأمثل هو إطلاق النار بشكل عشوائي علي الجميع حتى زملائه من صغار المجندين ويترك السلاح من يده ليمسك بالناي ليعزف كما اعتاد قديما.. ويموت في هذا المشهد جميع من بالمعتقل إلا مجندا واحدا يقوم بإطلاق الرصاص علي احمد سبع الليل فيسقط الناي بجوار السلاح.. ويبدأ صوت العبقري عمار الشريعي ليشدو: يا قبضتي دقي علي الجدار.. لحد ما ليلنا ما يتولد له نهار يا قبضتي دقي علي الحجر.. لحد ما تصحي جميع البشر. مع صوت أشبه بمارش عسكري وهمهمة تصاحب خطوات المجند قاتل احمد سبع الليل مبتعدا. أما فيلمه «الإرهاب والكباب» فكان اول اعتراض على وزير الداخلية وقدم صورة كاريكاترية لرئيس الوزراء الذى كان قريبا من شكل وتصرفات د. عاطف «رياض الخولي» المحامى الخصوصى للجماعات الإسلامية المتشددة ممثلا لشخصية منتصر الزيات. وفى النهاية رغم ان كل المؤشرات السياسية تؤكد أن هذا هو التكريم الرسمى الأخير لمبدع مسلسل «الجماعة» إلا أنه سيظل له مكانة خاصة فى قلوب كل المصريين العاشقين للفن الحقيقى وسيكرم فى كل لحظة مع كل عمل له نشاهده ولا نمل منه أبدا.