قيل إنه يجب أن يكون رئيس الحكومة محل توافق وطني عام، ما هو التوافق الوطنى العام؟، هل هو اتفاق على شخص بعينه أم على مبادئ محددة؟، هل التوافق الوطنى هو الذي يعبر عن مصلحة القوى والتيارات السياسية أم مصلحة الوطن بمواطنيه على اختلاف توجهاتهم وثقافتهم وطبقاتهم؟، هل هو توافق للنخب أم للشعب الكادح؟، وهل النخب السياسية من الممكن أن تتفق على شخصية بعينها؟، وهل هذا التوافق يتحقق بالتزكية أم بالانتخاب؟. لا أظن أننا في مرحلة قد تتوافق فيها النخب على رئيس حكومة واحد أو حتى على بعض القضايا العامة، لسبب بسيط جدا هو أن معظم النخب لها أجندة تتضمن العديد من المكاسب التي تسعى إلى تحقيقها، كانت هذه المكاسب على حساب الوطن أو لحساب الوطن، فالأولوية اليوم للأشخاص والقوى والأحزاب وليس للوطن ولا للمواطنين، كما أن ثقافتنا فى هذه المرحلة الحرجة لا تميز جيدا بين التوافق الذي يحقق المصلحة العامة للوطن والمواطنين وبين التوافق الذي يحقق مصلحة بعض قيادات القوى والتيارات السياسية. ولكي لا نذهب بعيدا نأخذ تسمية رئيس الوزارة نموذجا، الذي يرصد التصريحات التي صدرت عن التيارات السياسية حولها، يكتشف أن معظم هذه التيارات قامت بترشيح شخصية يرون أنها الأقرب للتوافق مع القوى السياسية الأخرى، هذه الشخصية لم يتم اختيارها لأنها تحظى بالتوافق المطلوب، بل لأنها الشخصية التى ستحقق لهم أغلب المكاسب الأدبية والمادية التى يسعون إليها. قبل اختيار الدكتور كمال الجنزورى رئيسا للحكومة، الإخوان المسلمون أكدت على لسان الدكتور محمد سعد الكتاتنى، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة آنذاك، أن رئيس الحكومة الانتقالية القادم يجب أن يكون محل توافق وطني عام، ويحظى بقبول شعبي وعلى مسافة واحدة من كل القوى السياسية، وهذه الشروط من الصعب بمكان تحقيقها، لكن الذى يتأمل نص التصريح يتضح له أن أقرب شخصية تحقق للجماعة ما أسموه بالتوافق هي التي تتبنى مرجعية دينية. نفس الشيء نراه مع الجماعة الإسلامية التي طالبت يومها في بيان ، ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني قوية ومستقلة، واقترحت عدة أسماء لتولى رئاسة الوزارة ومنها: المستشار طارق البشرى، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح». كذلك فعل التيار السلفي، فقد طالب حزب النور بأن يكون للسلفيين تمثيل فى الوزارة القادمة، حيث أعلن نادر بكار عضو الهيئة العليا لحزب النور السلفى في تصريح خاص ل«بوابة الوفد» أهمية تمثيل كافة التيارات السياسية داخل الوزارة الجديدة. الأمر لم يختلف كثيرا لدى القوى السياسية الأخرى، حيث تقدمت بأسماء ترى أنها سوف تحقق لها مصلحة سياسية، مؤكدة أن هذه الأسماء هي التي ستحقق المصلحة الوطنية، أو التي ستحظى بتوافق عام، الجمعية الوطنية للتغيير خلال اجتماعها، رفضت بإجماع أعضائها تكليف الدكتور كمال الجنزورى بتشكيل الحكومة الجديدة، ورشحت بعض الأسماء لتشكيل الوزارة وهم: الدكتور محمد البرادعى رئيساً للوزراء، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، والدكتور حسام عيسى كالنائبين له في الحكومة. صفحة «كلنا خالد سعيد» اقترحت على موقعها بالفيس بوك، تشكيل حكومة إنقاذ وطني كاملة الصلاحيات، تعبر عن كافة أطياف المجتمع المصري بلا هيمنة أو استبعاد، على أن يرأسها الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح أو النائب السابق حمدين صباحي. طارق الخولى، المتحدث الإعلامي باسم حركة شباب 6 إبريل الجبهة الديمقراطية، قال إنهم أرسلوا للمجلس العسكري قائمة تضم أسماء مقترحة لتولى منصب رئيس الوزراء في حكومة الإنقاذ الوطني، هم الدكتور محمد البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والدكتور حسام عيسى، والمستشار هشام البسطويسى. الذى يتابع ترشيحات القوى السياسية اليوم لتولى رئاسة الوزارة فى ظل رئاسة د.محمد مرسى، يكتشف أن بورصة الترشيحات كما هي، وأن القائمة خلت فقط من بعض الأسماء التي سقطت في الفترة الماضية، والمدهش أن أغلب الشخصيات المطروحة لا تحظى بتوافق عام، كما أنها لا تمتلك قدرة حقيقية لتولى منصب رئيس الوزارة، اللهم قدرتها على تمرير بعض المكاسب لبعض من دفعوا به إلى البورصة.