«أسمع كلامك أصدقك.. أشوف أمورك أستغرب».. هذا المثل أقل ما يوصف به المهندس رضا إسماعيل وزير الزراعة.. الوزير يعلن مد فترة توريد القمح حتى منتصف يوليو، وأنه أعطى تعليمات بهذا الصدد إلى كل القائمين على عملية توريد القمح واستلامه من الفلاحين... وعلى أرض الواقع الفلاحون المصريون يفاجأون برفض تسليم الحكومة انتاجهم من القمح الذى جاء هذا العام على غير المتوقع من زيادة أفاء الله بها على شعب مصر. والمفارقة فى هذا الأمر أن المهزلة التى تقوم بها الحكومة برفض استلام الانتاج، بزعم أنه لا توجد صوامع جاهزة للقمح، فى حين أن هناك صوامع كثيرة «محجوزة» لمافيا الاستيراد. لقد أفاء الله على شعب مصر هذا العام بزيادة وفيرة فى القمح، لأن فلاحى مصر الذين لم تشغلهم الصراعات السياسية والتنافس على «كعكة» البلاد، عملوا بإخلاص وجد، حتى وصل إنتاج الفدان الواحد ما بين 18 و22 أردباً فى زيادة لم تحدث من قبل، إضافة إلى زيادة المساحة المزروعة من القمح هذا العام، وبلغت الأرض المزروعة قمحاً هذا العام حوالى 3.4 مليون فدان بزيادة حوالى 300 ألف فدان على العام الماضى. عندما يفتح الله علينا بزيادة فى انتاج القمح الذى نتسوله من الخارج، وبأسعار عالمية باهظة الثمن، نفاجأ بمن لا ضمير لهم فى الحكومة يرفضون استلام هذا الانتاج الغزير الذى لم يحدث منذ زمن طويل، بزعم عدم وجود صوامع، رغم أن هناك العديد من الصوامع الحكومية المحجوزة سلفاً للذين يمصون دم المصريين من «المافيا» التى تحتكر استيراد القمح الفاسد من أمريكا أو روسيا أو فرنسا. وأمام هذا الوضع المعكوس والغريب، لم يكن أمام الفلاحين الذين قاموا بحصاد القمح وفصله عن العيدان، إلا بيعه لتجار الأعلاف الذين يسوقونه غذاءً للماشية.. وقد التقيت أحد الفلاحين فى محافظة البحيرة، وقال لى إنه حصد المحصول ولا يريد «درسه» بمعنى فصل القمح عن العيدان، بمعنى أنه تركه فى سنبله «طبقاً للآية الكريمة «وذروه فى سنبله»، حتى تترحم عليه الحكومة باستلام المحصول.. ويخشى هذا الفلاح الذى وصل إنتاج الفدان من أرضه عشرين أردباً أن تلتهم الفئران القمح.. ولو أن وزير زراعة مصر الذى شغل نفسه كثيراً بالانتخابات خلال الفترة الماضية، كان يمر على المزارع وترك مكتبه الوثير، ومضى يستمع إلى مشاكل الفلاحين وما يعانونه ما قال تصريحه الغريب والعجيب بأنه مد فترة توريد القمح.. ففى الأصل انه لا يجوز على الاطلاق أن تكون هناك مدة للتوريد، ويكون الباب مفتوحاً طوال مدة الحصاد لقيام الفلاحين بتسليم القمح.. إذا كان الوزير يخرج إلى الحقول بين المزارعين يتحدث إليهم ويستمع إلى شكاواهم، ما أدلى بهذا التصريح، وما قال الفلاحون إن الجهات المعنية ترفض القمح، بزعم عدم وجود صوامع فى حين أنها مغلقة بالضبة والمفتاح انتظاراً لنشاط «مافيا» الاستيراد.. بركات الثورة العظيمة ظهرت بشائرها فى إنتاج القمح هذا العام، بنشاط وجد واجتهاد الفلاح المصرى، الذى لم يشغل باله بالصراعات السياسية، مثلما فعل وزير الزراعة، الذى انشغل بالدعاية الانتخابية لأحد مرشحى الرئاسة، وزادت الأرض المزروعة قمحاً وزاد إنتاج الفدان بشكل ملحوظ.. ولا يزال الوزير وحاشيته يتعاملون بالمنطق المقلوب، بدلاً من تشجيع الفلاحين على توريد القمح، يتعللون لهم بمسائل شاذة، تساعد فقط الذين يمصون دم الشعب من مستوردى الأقماح. فعلاً هى مهزلة تحتاج إلى من يوقفها فى أسرع وقت، خاصة أن هناك قمحاً غزيراً لايزال فى عيدانه بالأراضى، ويخشى عليه من هجوم الفئران.. وعلى الوزير فقط أن يترك مكتبه ويذهب إلى الحقول خاصة فى محافظتى البحيرة ودمياط ليرى بنفسه!