الاتحاد الأوروبي يوافق على حزمة العقوبات ال 18 ضد روسيا    إيقاف قيد الإسماعيلي 3 فترات جديدة    5300 جنيه لهذا العيار، سعر جرام الذهب صباح اليوم الجمعة    أسعار الدولار أمام الجنيه اليوم الجمعة 18 يوليو 2025    الطماطم والبصل ب7 جنيه... أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    أسعار مواد البناء اليوم الجمعة 18 يوليو 2025    قبل ساعات من إعلان القائمة النهائية، تعرف على اختصاصات مجلس الشيوخ    إعلام سوري: انقطاع كامل للاتصالات والإنترنت والكهرباء عن محافظة السويداء    الهند تختبر إطلاق صاروخ فرط صوت جديد بسرعة تصل ل 8 ماخ    عقوبات مشددة لجرائم هتك العرض وخطف الأطفال وإفساد الأخلاق.. تعرف عليها    تكليف "الكاس" بالمشاركة في كأس الخليج للشباب    سميدو يتولى منصب المدير الرياضي في النصر السعودي    إصابة 10 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    النيابة تنتدب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق شقة في المعادي    بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات: موجة حارة يعقبها انخفاض الحرارة    ارتفاع الأسهم الأمريكية الظهيرة بفضل صعود أسهم بيبسيكو وشركات التكنولوجيا    كنت هتجنن واشتغل معاه.. مشيرة إسماعيل تروي قصة أمنيتها مع أحمد مكي    مفاجآت بالجملة.. معسكر تركيا يكتب نهاية 4 نجوم مع بيراميدز (بالأسماء)    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 18 يوليو    أسعار الفراخ اليوم الجمعة 18-7-2025 بعد الزيادة وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    رابط تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. قائمة كاملة بالكليات والمعاهد المتاحة لطلاب دبلوم صنابع    موعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس عبر الموقع الرسمي للوزارة    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة 18-7-2025    توقعات الأبراج وحظك اليوم الجمعة 18 يوليو 2025.. مكاسب مالية ل«الثور» وتقدم مهني لهذا البرج    تأجيل حفل روبي وليجي سي في الساحل الشمالي.. وهذا الموعد الجديد    مدين يتعاون مع رامي صبري في ألبومه الجديد بأغنيتين مميزتين    سقوط سقف فوق رأس رزان مغربي خلال حفل بالجيزة ونقلها للمستشفى    الأهلي بين جنة إيفونا ونار أزارو وتمرد وسام أبو علي.. ما القصة؟    جمارك مطار برج العرب الدولي تضبط تهريب كمية من الأدوية    الهاني سليمان: الأهلي لا تضمنه حتى تدخل غرف الملابس.. والزمالك أحيانا يرمي "الفوطة"    خالي من السكان.. انهيار جزئي في عقار خلف مسجد أحمد بن طولون بالسيدة زينب    وزير الرياضة: استثمارات نجيب ساويرس دليل على نجاح تحويل الأندية لكيانات اقتصادية ربحية    الحزن ينهش جسد والد أطفال المنيا.. ونقله لمستشفى أسيوط    حدث منتصف الليل| مظهر شاهين يرد على تصريح "يمامة" المثير.. وتحذير من طقس الساعات المقبلة    أبرزها حبس رجال الأعمال.. وزير العمل يوضح كيف اعترض النواب على قانون العمل الجديد    الرئاسة السورية: المجموعات الخارجة عن القانون انتهكت التزامات الوساطة الأمريكية العربية    فلسطين.. استشهاد اثنين وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي على الحي الياباني في خان يونس    منظمة المرأة العربية تعقد دورة حول "تمكين النساء في مجال إدارة المشاريع الزراعية"    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    عم الأطفال الخمسة المتوفين بالمنيا: الطفل يكون طبيعيا 100%.. ويموت خلال ساعة من ظهور الأعراض    متحدث الصحة: لا أمرض معدية أو فيروسات وبائية في واقعة "أطفال المنيا"    «لمصلحة الفريق».. الهاني سليمان يرد على هجوم البعض بسبب تضيعه للوقت    البيت الأبيض: ترامب يؤيد الحل الدبلوماسى للصراع الأوكرانى    رسميا.. عدد أيام إجازة ثورة 23 يوليو 2025 بعد ترحيلها من مجلس الوزراء (تفاصيل)    شاهد بالصور.. أعمال إصلاحات هبوط أرضى بمحور الأوتوستراد    «حزب الوفد مذكور في القرآن».. مظهر شاهين يهاجم يمامة: كتاب الله ليس وسيلة للدعاية    بمشاركة 9 جامعات.. غدا انطلاق فاعليات ملتقى إبداع السادس لكليات التربية النوعية ببنها    حزب الله: الظلم الكبير الذي تعرض له جورج عبد الله وإبقاؤه محتجزا رغم انتهاء محكوميته وصمة عار لفرنسا    رئيس جامعة المنيا في جولة مفاجئة بمستشفى القلب والصدر    100% نسبة تنفيذ.. قوافل دمياط العلاجية تقدم خدماتها ل 41 ألف مواطن في 2025    أحمد مالك وسلمى أبو ضيف يتعاقدان علي عمل جديد    الهلال يتفق على تمديد عقد بونو حتى 2028 بعد تألقه اللافت    مشيرة إسماعيل: حياتى كانت انضباطًا عسكريًا.. وعاملونا كسفراء بالخارج    "أم كلثوم.. الست والوطن".. لقطات لانبهار الفرنسيين خلال حفل أم كلثوم بمسرح أولمبيا    طبيب مصري بأمريكا لتليفزيون اليوم السابع: ترامب يحتاج جراحة لعلاج القصور الوريدي    ما حكم التحايل الإلكترونى؟ أمين الفتوى يحسم الجدل    ما حكم استخدام إنترنت العمل في أمور شخصية؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: تقديم العقل على النص الشرعي يؤدي للهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر .. بعيون تركية
نشر في الوفد يوم 21 - 06 - 2012

- مصر المعبر والممر الأكثر أمنا والأقل تكلفة للتبادل الأوربي الأفريقي الآسيوي.
- حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا يتضاعف خلال سنوات قليلة ليصل إلي عشرة مليارات دولار سنويا.
- أفلام ومسلسلات مصرية ناطقة بالتركية.
إعلان قائد الطائرة التركية اننا نوشك ان نهبط في مطار أتاتورك باسطنبول حرك ذكريات سنوات بعيدة زرت فيها أسطنبول لأول مرة.
تدفقت الذكريات عن هذه المدينة الصغيرة الفقيرة التي تصدم زوارها برائحة كريهة تملأ أجواءها، خاصة وكنت يومها قادما من رحلة أوروبية أقود فيها سيارتي من فرانكفورت في ألمانيا مرورا بالنمسا وريفها الرائع.
ومرة أخري ازاح هذه الذكريات بعيدا صوت مضيفة الطائرة وهي تطلب منا المغادرة.
للوهلة الأولي يكتشف الزائر ان اسطنبول أصحبت مركزا بالغ الأهمية اقتصاديا وسياحيا بمجرد أن يحاول الزائر إحصاء العدد الضخم من الطائرات الرابضة علي أرض المطار «وطابور الطائرات» التي تتهيأ للطيران أو تلك التي تهبط تباعا. حركة مذهلة لا يمكن ان نراها إلا في المدن المزدهرة اقتصاديا والمستقرة سياسيا.
مشاعر عفوية
سائق التاكسي الذي أقلنا الي الفندق سأل «عرب؟» وأجنباه «مصريون» تهلل وجه الرجل وتدفقت عبارات بالتركية لم نفهم منها كلمة واحدة لكننا أدركنا انه يتحدث بحماس عن مصر، فكلمة «مصر» تتردد بكثرة في حديثه وتقترن بها إشارات من يده بعلامة النصر المعروفة. وصلنا الفندق وودعنا السائق بمزيد من اشارات النصر مقترنة بعبارات لم نفهم منها إلا كلمة واحدة هي «مصر». بنفس الطريقة تقريبا كان استقبال عمال الفندق أما موظفون الاستقبال بالفندق فقد بادرونا بطوفان من الأسئلة باللغة الإنجليزية حول ثورة مصر ومستقبل مصر، والانتخابات الرئاسية في جولة الإعادة؟! أسئلة كثيرة متلاحقة وكلها تكشف عن معرفة بالكثير من تفاصيل الأحداث السياسية في مصر بعد ثورة يناير، وعن رغبة حقيقية في الاطمئنان علي مستقبل الثورة.
المشهد نفسه يتكرر في العاصمة السياسية «انقرة» واستوقفني مشهد خلال زيارة لقبر اتاتورك. أمام الماكيت الذي يجسد أجنحة المكان اقتربت منا أسرة تركية تتكون من ثلاث فتيات صغيرات وامراتين في منتصف العمر. إحدي السيدتين اقتربت وسألت «عرب؟» وأجبنا «مصريون» وأسرعت السيدة تنادي باقي أفراد الأسرة ليلتفوا حولنا ويرددوا عبارات بالتركية لم نفهم منها شيئا سوي ما سبق وفهمناه في مشاهد مماثلة وهو تكرار كلمة «مصر» مع اشارات تفيد النصر، ثم طلبت السيدتان باشارة مهذبة ان تلتقط لنا بعض الصور بهاتفها المحمول وحرصت أن تضم الصورة الفتيات الصغيرات معنا، ثم تلقينا وداعا حارا ونحن نغادر المكان، لم نفهم منه كلمة لانه باللغة التركية، فقط كلمة «مصر» التي تتكرر في الحديث هي ما فهمناه وكانت الوجوه المتهللة بفرحة واضحة تؤكد ان العبارات التركية التي لم نفهمها هي عبارات ترحيب أو اهتمام بنا كمصريين.
المشاهد المماثلة لعامة الشعب ممن نلقاهم في مختلف الأماكن العامة وفي الشوارع هذه المشاهد تكشف عن اهتمام شعبي واضح بالشأن المصري وتعاطف ملحوظ مع ثورة يناير في مصر.
هذه المشاعر العفوية من الجماهير العادية آراها أصدق تعبير عن مدي الاهتمام التركي بالشأن المصري، لانني اعتقد ان الاهتمام الشعبي هو الركيزة الصلبة التي تمنح اي اهتمام رسمي الأساس الصلب والمتين الذي يضمن استمراره وتطوره.
مع مستشار رئيس الوزراء التركي
لم أكن بعيدا عن متابعة الرؤية الرسمية للعلاقات المصرية التركية، فالصحف ووسائل الإعلام تتكفل بتقديم الكثير من المعلومات والتصريحات لكبار المسئولين في كلا البلدين، وهي معلومات وتصريحات تؤكد متانة هذه العلاقة خاصة بعد ثورة يناير.
لكنني رغبت في ان اكتشف المزيد، وان اتعرف علي أبعاد تفصيلية لهذه العلاقات في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية.
حقق لي هذه الرغبة بامتياز السفير المصري لدي تركيا الأستاذ عبدالرحمن صلاح عبدالرحمن. وقد حاولت جاهدا ألا أتوقف أمام الجهود الرائعة لهذا الرجل فلدي حساسية تجعل عبارات الثناء والتفريط للأشخاص عصية علي قلمي. ورغم ذلك فان الجهد الممتاز الذي يبذله السفير عبدالرحمن بفهم واقتدار لتنمية العلاقات المصرية التركية في مختلف المجالات يجعلني أتجاوز هذه الحساسية فهذا النموذج من الرجال الأكفاء والمدركين لخطورة مسئولياتهم تجاه مصر، هو من النماذج التي يجب أن نتوقف أمامها.
قام الرجل بترتيب عدد من الاجتماعات واللقاءات مع قيادات مسئولة سياسيا وقيادات إعلامية.
أبرز من التقيته من المسئولين السياسيين مستشار رئيس الوزراء للشئون الثقافية وهو الدكتور إبراهيم كمال والرجل أستاذ.
في مكتبه بمباني رئاسة الوزراء بادر الرجل بالسؤال عن توقعات جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة المصرية.. ثم بدأ يتحدث عن أهمية التعاون الوثيق بين مصر وتركيا مؤكدا ان مصر وتركيا هما رمانة الميزان في منطقة الشرق الأوسط وان البلدين لديهما الإمكانات البشرية والموقع الجغرافي والثروات الطبيعية التي تمكنهما من تشكيل ثنائي يتمتع بقوة سياسية هائلة ونفوذ واسع يستطيع ان يواجه بنجاح محاولات كثيرة تبذلها دول كبري للهيمنة علي المنطقة لتحقيق مصالحها الحيوية.
ويؤكد الدكتور إبراهيم ان كلا من البلدين يتمتع بموقع جغرافي له أهمية خاصة، فمصر دولة أفريقية آسيوية، وتركيا دولة آسيوية أوروبية. والتكامل بين مصر وتركيا يجعلهما همزة الوصل سياسيا واقتصاديا وثقافيا بين هذه القارات الثلاث. وعندما علقت بان التفاوت الإعلامي والثقافي والفني بين الدولتين مازال متخلفا عن مستوي التعاون السياسي والاقتصادي الذي حقق طفرة واضحة وافقني الرجل علي هذه الملاحظة. وأكد الدكتور إبراهيم انه سيعمل جاهدا من جانبه علي ان تقوم تركيا بتنمية التعاون في هذه المجالات، وطلب ان يعمل المثقفون والإعلاميون والفنانون المصريون في نفس الاتجاه. وأبدي الرجل استعداد تركيا الكامل لبذل كل جهد ممكن في هذا المجال.. وأضاف الرجل انه يعلم انني وزميلي محمد المورلي رئيس قطاع التسويق بمدينة الإنتاج الإعلامي اتينا إلي تركيا في مهمة لتطوير وتنمية هذه العلاقات خاصة في مجالات الإنتاج الإعلامي والدرامي وأنه سيدعم مهمتنا هذه بكل قوة لدي المؤسسة الإعلامية الرسمية والمؤسسات الخاصة.
أوجه شبه بين مصر وتركيا
سألت الرجل.. هذا التطور المذهل الذي تلاحظه في كل ركن في انقرة كم استغرق من وقت؟! أجاب الرجل تركيا كلها وليس انقرة وحدها حدثت بها طفرة هائلة في جميع المجالات في فترة لم تتجاوز العشر سنوات. وأضاف الرجل كانت تركيا قبل هذه السنوات تعاني من اضطرابات سياسية حادة. وكان حالها يشبه إلي حد ما حالة مصر في عهد الرئيس السابق من حيث سيطرة رأس المال المستغل ومعه المافيا وإهدار ثروات البلاد والاعتماد علي النشاط الاستهلاكي وكانت الفروق الطبقية بشعة وبالطبع فقد تطلب هذا كله وجود قبضة أمن حديدية تحمي مصالح الفئة السياسية والاقتصادية التي تستغل الشعب.
قلت له كأنك تتحدث عن مصر. أجاب الظروف قبل ان يتولي اردوغان الحكم كانت تشبه إلي حد بعيد الظروف في مصر قبل ثورة يناير.
وكان من الطبيعي ان اسأل، فكيف إذا تسني لكم إحداث هذا التغيير الخطير والجوهري ليس فقط في التنمية الاقتصادية ودعم الديمقراطية علي الساحة السياسية؟ أجاب الرجل وضعنا في الحسبان موقف المواطن العادي. فإذا استطعنا أن يشعر هذا المواطن العادي ان أحواله المعيشية قد بدأت تتغير إلي الأفضل في كل اتجاه فسوف ننجح في الحصول علي دعم شعبي قوي يمكننا من الاستمرار في التطوير في كل اتجاه.
وبالفعل فقد نال اردوغان في أول انتخابات نسبة لا تصل إلي 25٪ من مقاعد البرلمان التركي، واستطاع ان يشكل تحالفا حاكما نفذ تغييرات جوهرية شعر بها المواطن العادي في حياته اليومية، وكانت النتيجة تصاعد نسبة مقاعد البرلمان لحزب اردوغان في البرلمان الثاني وزادت معدلات التغيير لصالح عموم الشعب وازداد الشعب اقتناعا بصدق توجهات هذه الحكومة فضاعف تأييده لها مما اطلق يدها في الدخول إلي مناطق التغيير الصعبة خاصة تلك التغييرات المتعلقة بتغلغل نفوذ الجيش في السياسة وأضاف الرجل هذا الدرس التركي قابل للتنفيذ في أي بلد له ظروف مشابهة.
وعقبت أي أنه قابل للتنفيذ في مصر فابتسم الرجل وقال مصر بلد له تاريخ عريق وموروث حضاري عميق يجعل الشعب المصري قادرا علي ابتكار أروع وأدق الطرق والأساليب للتغيير، اتوقع ان تصبح مصر في بضع سنوات من أهم الدول ليس فقط في محيطها العربي والأفريقي بل علي الصعيد العالمي.
وقبل ان نترك الرجل أكد في عبارات وداعه لنا ان التعاون المصري التركي في جميع المجالات يمكن ان يكون حجر الزاوية في الوصول إلي نتائج باهرة لكلا البلدين.
سفير فوق العادة
أعزائي هذا الحديث عن التعاون المصري. إلي العودة للسفير المصري الأستاذ عبدالرحمن صلاح عبدالرحمن لأجد عنده دراسات محددة وأرقاما موثوقة عن هذا التعاون. وهذه هي لغة الأرقام. بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا في عام 2011 «4.1» مليار (أربعة مليارات ومائة مليون دولار أمريكي) مع ملاحظة ان الاستثمارات الأجنبية في هذه الفترة تراجعت عدا الاستثمارات التركية. وتؤكد الدراسات الاقتصادية الموثوقة ان حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا سوف يزيد علي ضعف هذا الرقم ليصل في عام 2015 إلي عشرة مليارات دولار سنويا. وتؤكد هذه الدراسات ان نصيب مصر من هذا الرقم سيكون متوازنا مع نصيب تركيا.
مصر همزة الوصل
أحد أهم الدراسات في هذا المجال بدأ تنفيذه بالفعل خلال الشهور القليلة الماضية والمشروع الذي تتحدث عنه هذه الدراسات هو ما يعرف بخط ال «roro» والكلمة هي اختصار لعبارة «Rollon Roll off».
يعتمد هذا المشروع ببساطة علي اعتبار مصر «المعبر» الأكثر أمنا والأرخص تكلفة لنقل الصادرات التركية إلي الشمال الأفريقي وإلي وسط أفريقيا وإلي دول الخليج والجزيرة العربية.
وبتفاصيل أكثر، فان تركيا شأنها شأن الدول الصناعية تتطلع إلي تصدير منتجاتها إلي دول أفريقيا. وبدلا من أن ترسل سفنها لتعبر بهذه الصادرات قناة السويس ثم تفرغ حمولاتها في مواني شرق أو جنوب أفريقيا فالأفضل والأسرع والأرخص ان يتم نقل «الشاحنات التركية» المحملة بهذه الصادرات علي سفن تحملها من ميناء «مرسين» التركي إلي ميناء بورسعيد أو الإسكندرية. ويتم انزال الشاحنات التركية بأحد الميناءين لتنطلق الشاحنات بحمولتها برا إلي ليبيا وتونس والجزائر أو إلي «نويبع» لتنقل بالعبارات إلي الأردن وتواصل رحلتها البرية إلي السعودية أو دول الخليج.. أما الخط الآخر فتتجه الشاحنات المحملة بالصادرات التركية إلي السودان وتواصل رحلتها البرية إلي دول وسط أفريقيا ومن المأمول ان تصل بعد تطوير الطرق البرية بتلك الدول إلي جنوب أفريقيا.
وتؤكد الدراسات ان عدد الشاحنات التركية في السنة الأولي سيصل إلي مائة ألف شاحنة سنويا مرشحة للزيادة في حالة تطوير الطرق البرية من مصر إلي السودان وإلي باقي الدول الأفريقية.
هذا المشروع الذي بدأت رحلاته الأولي بالفعل سيحقق لمصر مكاسب هائلة.
ستحصل مصر علي رسوم عبور هذه الشاحنات.
سيساهم تدفق هذا العدد من الشاحنات في تطوير المواني المصرية المعنية بسرعة وبأعلي المستويات لأداء هذا الدور بكفاءة وتكلفة معقولة.
ستصبح مصر المعبر الأكثر أمنا ويسرا لنقل البضائع بين دول أوربا (عبر تركيا) ودول الخليج والجزيرة العربية والدول الإفريقية مما يسمح لمصر بأن تكون دولة المرور والمعابر الأهم عالميا بحرا «قناة السويس» وبرا من خلال خط «RORO» هذا.
ستحتاج هذا المشروع في مراحل تطويره المختلفة إلي عمالة عالية التدريب وعمالة عادية وبهذا يسهم المشروع في امتصاص نسبة من بطالة الشباب.
مسلسلات مصرية ناطقة بالتركية
بقي من التعاون المصري التركي جانب كان هو الهدف من الرحلة إلي تركيا وهو تنمية التعاون في مجال الإنتاج الإعلامي والدرامي بين مدينة الإنتاج الإعلامي ومؤسسة الإذاعة والتليفزيون التركي والشركات الخاصة التركية المنتجة للأعمال الدرامية.
في هذا المجال كان اللقاء الأول مع المسئولين عن مؤسسة الإذاعة والتليفزيون التركية في انقرة ثم لقاءات مع عدد من أهم شركات الإنتاج الدرامي الخاصة في اسطنبول.
كان من الطبيعي ان يلتفت أي إنسان مهتم بالنشاط الإعلامي عامة والإنتاج الدرامي خاصة إلي ظاهرة تدفق المسلسلات التركية علي شاشات القنوات العربية مدبلجة بلهجة سورية أو لبنانية، ولم يكن غياب الجهات المصرية المعنية بهذه النوعية من الإنتاج، لم يكن هذا الغياب طبيعيا، ولهذا قرر رئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي الأستاذ حسن حامد أن تتحرك مدينة الإنتاج الإعلامي لعقد اتفاقات مع المنتجين الأتراك لتبادل الإنتاج الإعلامي والدرامي (مسلسلات وأفلام) مع المنتجين الأتراك. وأيضا عرض إمكانات مدينة الإنتاج الإعلامي علي المنتخبين الأتراك إذا رغبوا في تصوير بعض أعمالهم بمصر وتعريفهم بما تملكه المدينة من إمكانات هائلة في مجال الإنتاج الدرامي - وأيضا استطلاع إمكانية إنتاج درامي مشترك متميز مصري تركي.
كان الاستقبال سواء في المؤسسة الرسمية أو الشركات الخاصة استقبالا حارا وودودا.
وأسفرت اللقاءات عن تفاهمات مبدئية لتشجيع هذا التعاون، ولمسنا إمكانية عرض الأعمال الدرامية المصرية علي شاشات القنوات التركية بعد «دبلجتها» باللغة التركية.
ويحقق هذا الاتفاق - في حالة تنفيذه - أكثر من فائدة لكلا البلدين.
أولا: عرض أعمال درامية مصرية مدبلجة بالتركية في تركيا وفي بلاد آسيا الوسطي الناطقة بالتركية بفتح سوق جديدة تماما للدراما المصرية.
ثانيا: دبلجة أعمال درامية تركية باللهجة العامية المصرية سيعيد للهجة العامية المصرية مكانتها باعتبارها اللهجة العامية القياسية التي يسهل علي المواطن العربي في جميع البلاد العربية متابعتها وفهمها.. وبهذا يعود إلي الساحة العربية أحد أهم عناصر الميزة النسية للدراما المصرية والتي ساهمت بقوة في دعم النفوذ الأدبي لمصر عربيا.
ثالثا: عرض الأعمال الدرامية المصرية في تركيا والبلاد الناطقة بالتركية سيتيح لهذه الشعوب التعرف عن قرب بتفاصيل الحياة المصرية للمواطنين المصريين وهو الأمر الذي يساهم بقوة في تقارب هذه الشعوب مع مصر.
يبقي ان أؤكد ان آفاق التعاون المصري التركي مفتوحة بلا حدود وفي جميع المجالات وان نمو هذه العلاقات وتقويتها يجعل من مصر وتركيا بالفعل رمانة الميزان في منطقة الشرق الأوسط، ويجعلها رقما بالغ الأهمية لا تستطيع أية قوة عالمية ان تتجاهله في أي معادلة سياسية أو اقتصادية تتعلق بهذه المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.