حيثيات «الإدارية العليا» لإلغاء الانتخابات بدائرة الدقي    وزيرتا التنمية المحلية والتضامن ومحافظ الغربية يتفقدون محطة طنطا لإنتاج البيض    تعرف على مشروع تطوير منظومة الصرف الصحي بمدينة دهب بتكلفة 400 مليون جنيه    نائب محافظ الجيزة وسكرتير عام المحافظة يتابعان تنفيذ الخطة الاستثمارية وملف تقنين أراضي الدولة    إما الاستسلام أو الاعتقال.. حماس تكشف سبب رفضها لمقترحات الاحتلال حول التعامل مع عناصر المقاومة في أنفاق رفح    الجامعة العربية تحتفى باليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى    شبكة بي بي سي: هل بدأ ليفربول حياة جديدة بدون محمد صلاح؟    إبراهيم حسن يكشف برنامج إعداد منتخب مصر لأمم أفريقيا 2025    وادى دجلة يواجه الطلائع ومودرن سبورت وديا خلال التوقف الدولى    الأهلي أمام اختبار صعب.. تفاصيل مصير أليو ديانج قبل الانتقالات الشتوية    أحمد موسى: حماية الطفل المصري يحمي مستقبل مصر    حكم قضائي يلزم محافظة الجيزة بالموافقة على استكمال مشروع سكني بالدقي    خطوات تسجيل البيانات في استمارة الصف الثالث الإعدادي والأوراق المطلوبة    الثقافة تُكرم خالد جلال في احتفالية بالمسرح القومي بحضور نجوم الفن.. الأربعاء    مبادرة تستحق الاهتمام    مدير وحدة الدراسات بالمتحدة: إلغاء انتخابات النواب في 30 دائرة سابقة تاريخية    انطلاق فعاليات «المواجهة والتجوال» في الشرقية وكفر الشيخ والغربية غدًا    جامعة دمنهور تطلق مبادرة "جيل بلا تبغ" لتعزيز الوعي الصحي ومكافحة التدخين    أسباب زيادة دهون البطن أسرع من باقى الجسم    مصطفى محمد بديلا في تشكيل نانت لمواجهة ليون في الدوري الفرنسي    رئيس الوزراء يبحث مع "أنجلوجولد أشانتي" خطط زيادة إنتاج منجم السكري ودعم قطاع الذهب    هل تجوز الصدقة على الأقارب غير المقتدرين؟.. أمين الفتوى يجيب    "وزير الصحة" يرفض بشكل قاطع فرض رسوم كشف على مرضى نفقة الدولة والتأمين بمستشفى جوستاف روسي مصر    محافظ جنوب سيناء يشيد بنجاح بطولة أفريقيا المفتوحة للبليارد الصيني    أمينة الفتوى: الوظيفة التي تشترط خلع الحجاب ليست باب رزق    وزير العدل يعتمد حركة ترقيات كُبرى    «بيت جن» المقاومة عنوان الوطنية    بعد تجارب التشغيل التجريبي.. موعد تشغيل مونوريل العاصمة الإدارية    عبد المعز: الإيمان الحقّ حين يتحوّل من أُمنيات إلى أفعال    استعدادًا لمواجهة أخرى مع إسرائيل.. إيران تتجه لشراء مقاتلات وصواريخ متطورة    دور الجامعات في القضاء على العنف الرقمي.. ندوة بكلية علوم الرياضة بالمنصورة    الإحصاء: 3.1% زيادة في عدد حالات الطلاق عام 2024    الصحة العالمية: تطعيم الأنفلونزا يمنع شدة المرض ودخول المستشفى    الرئيس السيسي يوجه بالعمل على زيادة الاستثمارات الخاصة لدفع النمو والتنمية    وزير التعليم يفاجئ مدارس دمياط ويشيد بانضباطها    من أول يناير 2026.. رفع الحدين الأدنى والأقصى لأجر الاشتراك التأميني | إنفوجراف    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره الباكستاني    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لتطوير المناطق المحيطة بهضبة الأهرامات    إعلان الكشوف الأولية لمرشحي نقابة المحامين بشمال القليوبية    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا.. 80 يومًا تفصلنا عن أول أيامه    وزير الثقافة يهنئ الكاتبة سلوى بكر لحصولها على جائزة البريكس الأدبية    رئيس جامعة القاهرة يستقبل وفد جودة التعليم لاعتماد المعهد القومي للأورام    الإسماعيلية تستضيف بطولة الرماية للجامعات    وزير الإسكان يتابع تجهيزات واستعدادات فصل الشتاء والتعامل مع الأمطار بالمدن الجديدة    دانيلو: عمتي توفت ليلة نهائي كوبا ليبرتادوريس.. وكنت ألعب بمساعدة من الله    ضبط 846 مخالفة مرورية بأسوان خلال حملات أسبوع    تيسير للمواطنين كبار السن والمرضى.. الجوازات والهجرة تسرع إنهاء الإجراءات    مصطفى غريب: كنت بسرق القصب وابن الأبلة شهرتى فى المدرسة    شرارة الحرب فى الكاريبى.. أمريكا اللاتينية بين مطرقة واشنطن وسندان فنزويلا    صندوق التنمية الحضرية : جراج متعدد الطوابق لخدمة زوار القاهرة التاريخية    وزير الخارجية يلتقي أعضاء الجالية المصرية بإسلام آباد    صراع الصدارة يشتعل.. روما يختبر قوته أمام نابولي بالدوري الإيطالي    إطلاق قافلة زاد العزة ال83 إلى غزة بنحو 10 آلاف و500 طن مساعدات إنسانية    اتحاد الأطباء العرب يكشف تفاصيل دعم الأطفال ذوي الإعاقة    تعليم القاهرة تعلن خطة شاملة لحماية الطلاب من فيروسات الشتاء.. وتشدد على إجراءات وقائية صارمة    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 30نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا.... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك « ميدوزا - 14»    مركز المناخ يعلن بدء الشتاء.. الليلة الماضية تسجل أدنى حرارة منذ الموسم الماضى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر .. بعيون تركية
نشر في الوفد يوم 21 - 06 - 2012

- مصر المعبر والممر الأكثر أمنا والأقل تكلفة للتبادل الأوربي الأفريقي الآسيوي.
- حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا يتضاعف خلال سنوات قليلة ليصل إلي عشرة مليارات دولار سنويا.
- أفلام ومسلسلات مصرية ناطقة بالتركية.
إعلان قائد الطائرة التركية اننا نوشك ان نهبط في مطار أتاتورك باسطنبول حرك ذكريات سنوات بعيدة زرت فيها أسطنبول لأول مرة.
تدفقت الذكريات عن هذه المدينة الصغيرة الفقيرة التي تصدم زوارها برائحة كريهة تملأ أجواءها، خاصة وكنت يومها قادما من رحلة أوروبية أقود فيها سيارتي من فرانكفورت في ألمانيا مرورا بالنمسا وريفها الرائع.
ومرة أخري ازاح هذه الذكريات بعيدا صوت مضيفة الطائرة وهي تطلب منا المغادرة.
للوهلة الأولي يكتشف الزائر ان اسطنبول أصحبت مركزا بالغ الأهمية اقتصاديا وسياحيا بمجرد أن يحاول الزائر إحصاء العدد الضخم من الطائرات الرابضة علي أرض المطار «وطابور الطائرات» التي تتهيأ للطيران أو تلك التي تهبط تباعا. حركة مذهلة لا يمكن ان نراها إلا في المدن المزدهرة اقتصاديا والمستقرة سياسيا.
مشاعر عفوية
سائق التاكسي الذي أقلنا الي الفندق سأل «عرب؟» وأجنباه «مصريون» تهلل وجه الرجل وتدفقت عبارات بالتركية لم نفهم منها كلمة واحدة لكننا أدركنا انه يتحدث بحماس عن مصر، فكلمة «مصر» تتردد بكثرة في حديثه وتقترن بها إشارات من يده بعلامة النصر المعروفة. وصلنا الفندق وودعنا السائق بمزيد من اشارات النصر مقترنة بعبارات لم نفهم منها إلا كلمة واحدة هي «مصر». بنفس الطريقة تقريبا كان استقبال عمال الفندق أما موظفون الاستقبال بالفندق فقد بادرونا بطوفان من الأسئلة باللغة الإنجليزية حول ثورة مصر ومستقبل مصر، والانتخابات الرئاسية في جولة الإعادة؟! أسئلة كثيرة متلاحقة وكلها تكشف عن معرفة بالكثير من تفاصيل الأحداث السياسية في مصر بعد ثورة يناير، وعن رغبة حقيقية في الاطمئنان علي مستقبل الثورة.
المشهد نفسه يتكرر في العاصمة السياسية «انقرة» واستوقفني مشهد خلال زيارة لقبر اتاتورك. أمام الماكيت الذي يجسد أجنحة المكان اقتربت منا أسرة تركية تتكون من ثلاث فتيات صغيرات وامراتين في منتصف العمر. إحدي السيدتين اقتربت وسألت «عرب؟» وأجبنا «مصريون» وأسرعت السيدة تنادي باقي أفراد الأسرة ليلتفوا حولنا ويرددوا عبارات بالتركية لم نفهم منها شيئا سوي ما سبق وفهمناه في مشاهد مماثلة وهو تكرار كلمة «مصر» مع اشارات تفيد النصر، ثم طلبت السيدتان باشارة مهذبة ان تلتقط لنا بعض الصور بهاتفها المحمول وحرصت أن تضم الصورة الفتيات الصغيرات معنا، ثم تلقينا وداعا حارا ونحن نغادر المكان، لم نفهم منه كلمة لانه باللغة التركية، فقط كلمة «مصر» التي تتكرر في الحديث هي ما فهمناه وكانت الوجوه المتهللة بفرحة واضحة تؤكد ان العبارات التركية التي لم نفهمها هي عبارات ترحيب أو اهتمام بنا كمصريين.
المشاهد المماثلة لعامة الشعب ممن نلقاهم في مختلف الأماكن العامة وفي الشوارع هذه المشاهد تكشف عن اهتمام شعبي واضح بالشأن المصري وتعاطف ملحوظ مع ثورة يناير في مصر.
هذه المشاعر العفوية من الجماهير العادية آراها أصدق تعبير عن مدي الاهتمام التركي بالشأن المصري، لانني اعتقد ان الاهتمام الشعبي هو الركيزة الصلبة التي تمنح اي اهتمام رسمي الأساس الصلب والمتين الذي يضمن استمراره وتطوره.
مع مستشار رئيس الوزراء التركي
لم أكن بعيدا عن متابعة الرؤية الرسمية للعلاقات المصرية التركية، فالصحف ووسائل الإعلام تتكفل بتقديم الكثير من المعلومات والتصريحات لكبار المسئولين في كلا البلدين، وهي معلومات وتصريحات تؤكد متانة هذه العلاقة خاصة بعد ثورة يناير.
لكنني رغبت في ان اكتشف المزيد، وان اتعرف علي أبعاد تفصيلية لهذه العلاقات في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية.
حقق لي هذه الرغبة بامتياز السفير المصري لدي تركيا الأستاذ عبدالرحمن صلاح عبدالرحمن. وقد حاولت جاهدا ألا أتوقف أمام الجهود الرائعة لهذا الرجل فلدي حساسية تجعل عبارات الثناء والتفريط للأشخاص عصية علي قلمي. ورغم ذلك فان الجهد الممتاز الذي يبذله السفير عبدالرحمن بفهم واقتدار لتنمية العلاقات المصرية التركية في مختلف المجالات يجعلني أتجاوز هذه الحساسية فهذا النموذج من الرجال الأكفاء والمدركين لخطورة مسئولياتهم تجاه مصر، هو من النماذج التي يجب أن نتوقف أمامها.
قام الرجل بترتيب عدد من الاجتماعات واللقاءات مع قيادات مسئولة سياسيا وقيادات إعلامية.
أبرز من التقيته من المسئولين السياسيين مستشار رئيس الوزراء للشئون الثقافية وهو الدكتور إبراهيم كمال والرجل أستاذ.
في مكتبه بمباني رئاسة الوزراء بادر الرجل بالسؤال عن توقعات جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة المصرية.. ثم بدأ يتحدث عن أهمية التعاون الوثيق بين مصر وتركيا مؤكدا ان مصر وتركيا هما رمانة الميزان في منطقة الشرق الأوسط وان البلدين لديهما الإمكانات البشرية والموقع الجغرافي والثروات الطبيعية التي تمكنهما من تشكيل ثنائي يتمتع بقوة سياسية هائلة ونفوذ واسع يستطيع ان يواجه بنجاح محاولات كثيرة تبذلها دول كبري للهيمنة علي المنطقة لتحقيق مصالحها الحيوية.
ويؤكد الدكتور إبراهيم ان كلا من البلدين يتمتع بموقع جغرافي له أهمية خاصة، فمصر دولة أفريقية آسيوية، وتركيا دولة آسيوية أوروبية. والتكامل بين مصر وتركيا يجعلهما همزة الوصل سياسيا واقتصاديا وثقافيا بين هذه القارات الثلاث. وعندما علقت بان التفاوت الإعلامي والثقافي والفني بين الدولتين مازال متخلفا عن مستوي التعاون السياسي والاقتصادي الذي حقق طفرة واضحة وافقني الرجل علي هذه الملاحظة. وأكد الدكتور إبراهيم انه سيعمل جاهدا من جانبه علي ان تقوم تركيا بتنمية التعاون في هذه المجالات، وطلب ان يعمل المثقفون والإعلاميون والفنانون المصريون في نفس الاتجاه. وأبدي الرجل استعداد تركيا الكامل لبذل كل جهد ممكن في هذا المجال.. وأضاف الرجل انه يعلم انني وزميلي محمد المورلي رئيس قطاع التسويق بمدينة الإنتاج الإعلامي اتينا إلي تركيا في مهمة لتطوير وتنمية هذه العلاقات خاصة في مجالات الإنتاج الإعلامي والدرامي وأنه سيدعم مهمتنا هذه بكل قوة لدي المؤسسة الإعلامية الرسمية والمؤسسات الخاصة.
أوجه شبه بين مصر وتركيا
سألت الرجل.. هذا التطور المذهل الذي تلاحظه في كل ركن في انقرة كم استغرق من وقت؟! أجاب الرجل تركيا كلها وليس انقرة وحدها حدثت بها طفرة هائلة في جميع المجالات في فترة لم تتجاوز العشر سنوات. وأضاف الرجل كانت تركيا قبل هذه السنوات تعاني من اضطرابات سياسية حادة. وكان حالها يشبه إلي حد ما حالة مصر في عهد الرئيس السابق من حيث سيطرة رأس المال المستغل ومعه المافيا وإهدار ثروات البلاد والاعتماد علي النشاط الاستهلاكي وكانت الفروق الطبقية بشعة وبالطبع فقد تطلب هذا كله وجود قبضة أمن حديدية تحمي مصالح الفئة السياسية والاقتصادية التي تستغل الشعب.
قلت له كأنك تتحدث عن مصر. أجاب الظروف قبل ان يتولي اردوغان الحكم كانت تشبه إلي حد بعيد الظروف في مصر قبل ثورة يناير.
وكان من الطبيعي ان اسأل، فكيف إذا تسني لكم إحداث هذا التغيير الخطير والجوهري ليس فقط في التنمية الاقتصادية ودعم الديمقراطية علي الساحة السياسية؟ أجاب الرجل وضعنا في الحسبان موقف المواطن العادي. فإذا استطعنا أن يشعر هذا المواطن العادي ان أحواله المعيشية قد بدأت تتغير إلي الأفضل في كل اتجاه فسوف ننجح في الحصول علي دعم شعبي قوي يمكننا من الاستمرار في التطوير في كل اتجاه.
وبالفعل فقد نال اردوغان في أول انتخابات نسبة لا تصل إلي 25٪ من مقاعد البرلمان التركي، واستطاع ان يشكل تحالفا حاكما نفذ تغييرات جوهرية شعر بها المواطن العادي في حياته اليومية، وكانت النتيجة تصاعد نسبة مقاعد البرلمان لحزب اردوغان في البرلمان الثاني وزادت معدلات التغيير لصالح عموم الشعب وازداد الشعب اقتناعا بصدق توجهات هذه الحكومة فضاعف تأييده لها مما اطلق يدها في الدخول إلي مناطق التغيير الصعبة خاصة تلك التغييرات المتعلقة بتغلغل نفوذ الجيش في السياسة وأضاف الرجل هذا الدرس التركي قابل للتنفيذ في أي بلد له ظروف مشابهة.
وعقبت أي أنه قابل للتنفيذ في مصر فابتسم الرجل وقال مصر بلد له تاريخ عريق وموروث حضاري عميق يجعل الشعب المصري قادرا علي ابتكار أروع وأدق الطرق والأساليب للتغيير، اتوقع ان تصبح مصر في بضع سنوات من أهم الدول ليس فقط في محيطها العربي والأفريقي بل علي الصعيد العالمي.
وقبل ان نترك الرجل أكد في عبارات وداعه لنا ان التعاون المصري التركي في جميع المجالات يمكن ان يكون حجر الزاوية في الوصول إلي نتائج باهرة لكلا البلدين.
سفير فوق العادة
أعزائي هذا الحديث عن التعاون المصري. إلي العودة للسفير المصري الأستاذ عبدالرحمن صلاح عبدالرحمن لأجد عنده دراسات محددة وأرقاما موثوقة عن هذا التعاون. وهذه هي لغة الأرقام. بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا في عام 2011 «4.1» مليار (أربعة مليارات ومائة مليون دولار أمريكي) مع ملاحظة ان الاستثمارات الأجنبية في هذه الفترة تراجعت عدا الاستثمارات التركية. وتؤكد الدراسات الاقتصادية الموثوقة ان حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا سوف يزيد علي ضعف هذا الرقم ليصل في عام 2015 إلي عشرة مليارات دولار سنويا. وتؤكد هذه الدراسات ان نصيب مصر من هذا الرقم سيكون متوازنا مع نصيب تركيا.
مصر همزة الوصل
أحد أهم الدراسات في هذا المجال بدأ تنفيذه بالفعل خلال الشهور القليلة الماضية والمشروع الذي تتحدث عنه هذه الدراسات هو ما يعرف بخط ال «roro» والكلمة هي اختصار لعبارة «Rollon Roll off».
يعتمد هذا المشروع ببساطة علي اعتبار مصر «المعبر» الأكثر أمنا والأرخص تكلفة لنقل الصادرات التركية إلي الشمال الأفريقي وإلي وسط أفريقيا وإلي دول الخليج والجزيرة العربية.
وبتفاصيل أكثر، فان تركيا شأنها شأن الدول الصناعية تتطلع إلي تصدير منتجاتها إلي دول أفريقيا. وبدلا من أن ترسل سفنها لتعبر بهذه الصادرات قناة السويس ثم تفرغ حمولاتها في مواني شرق أو جنوب أفريقيا فالأفضل والأسرع والأرخص ان يتم نقل «الشاحنات التركية» المحملة بهذه الصادرات علي سفن تحملها من ميناء «مرسين» التركي إلي ميناء بورسعيد أو الإسكندرية. ويتم انزال الشاحنات التركية بأحد الميناءين لتنطلق الشاحنات بحمولتها برا إلي ليبيا وتونس والجزائر أو إلي «نويبع» لتنقل بالعبارات إلي الأردن وتواصل رحلتها البرية إلي السعودية أو دول الخليج.. أما الخط الآخر فتتجه الشاحنات المحملة بالصادرات التركية إلي السودان وتواصل رحلتها البرية إلي دول وسط أفريقيا ومن المأمول ان تصل بعد تطوير الطرق البرية بتلك الدول إلي جنوب أفريقيا.
وتؤكد الدراسات ان عدد الشاحنات التركية في السنة الأولي سيصل إلي مائة ألف شاحنة سنويا مرشحة للزيادة في حالة تطوير الطرق البرية من مصر إلي السودان وإلي باقي الدول الأفريقية.
هذا المشروع الذي بدأت رحلاته الأولي بالفعل سيحقق لمصر مكاسب هائلة.
ستحصل مصر علي رسوم عبور هذه الشاحنات.
سيساهم تدفق هذا العدد من الشاحنات في تطوير المواني المصرية المعنية بسرعة وبأعلي المستويات لأداء هذا الدور بكفاءة وتكلفة معقولة.
ستصبح مصر المعبر الأكثر أمنا ويسرا لنقل البضائع بين دول أوربا (عبر تركيا) ودول الخليج والجزيرة العربية والدول الإفريقية مما يسمح لمصر بأن تكون دولة المرور والمعابر الأهم عالميا بحرا «قناة السويس» وبرا من خلال خط «RORO» هذا.
ستحتاج هذا المشروع في مراحل تطويره المختلفة إلي عمالة عالية التدريب وعمالة عادية وبهذا يسهم المشروع في امتصاص نسبة من بطالة الشباب.
مسلسلات مصرية ناطقة بالتركية
بقي من التعاون المصري التركي جانب كان هو الهدف من الرحلة إلي تركيا وهو تنمية التعاون في مجال الإنتاج الإعلامي والدرامي بين مدينة الإنتاج الإعلامي ومؤسسة الإذاعة والتليفزيون التركي والشركات الخاصة التركية المنتجة للأعمال الدرامية.
في هذا المجال كان اللقاء الأول مع المسئولين عن مؤسسة الإذاعة والتليفزيون التركية في انقرة ثم لقاءات مع عدد من أهم شركات الإنتاج الدرامي الخاصة في اسطنبول.
كان من الطبيعي ان يلتفت أي إنسان مهتم بالنشاط الإعلامي عامة والإنتاج الدرامي خاصة إلي ظاهرة تدفق المسلسلات التركية علي شاشات القنوات العربية مدبلجة بلهجة سورية أو لبنانية، ولم يكن غياب الجهات المصرية المعنية بهذه النوعية من الإنتاج، لم يكن هذا الغياب طبيعيا، ولهذا قرر رئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي الأستاذ حسن حامد أن تتحرك مدينة الإنتاج الإعلامي لعقد اتفاقات مع المنتجين الأتراك لتبادل الإنتاج الإعلامي والدرامي (مسلسلات وأفلام) مع المنتجين الأتراك. وأيضا عرض إمكانات مدينة الإنتاج الإعلامي علي المنتخبين الأتراك إذا رغبوا في تصوير بعض أعمالهم بمصر وتعريفهم بما تملكه المدينة من إمكانات هائلة في مجال الإنتاج الدرامي - وأيضا استطلاع إمكانية إنتاج درامي مشترك متميز مصري تركي.
كان الاستقبال سواء في المؤسسة الرسمية أو الشركات الخاصة استقبالا حارا وودودا.
وأسفرت اللقاءات عن تفاهمات مبدئية لتشجيع هذا التعاون، ولمسنا إمكانية عرض الأعمال الدرامية المصرية علي شاشات القنوات التركية بعد «دبلجتها» باللغة التركية.
ويحقق هذا الاتفاق - في حالة تنفيذه - أكثر من فائدة لكلا البلدين.
أولا: عرض أعمال درامية مصرية مدبلجة بالتركية في تركيا وفي بلاد آسيا الوسطي الناطقة بالتركية بفتح سوق جديدة تماما للدراما المصرية.
ثانيا: دبلجة أعمال درامية تركية باللهجة العامية المصرية سيعيد للهجة العامية المصرية مكانتها باعتبارها اللهجة العامية القياسية التي يسهل علي المواطن العربي في جميع البلاد العربية متابعتها وفهمها.. وبهذا يعود إلي الساحة العربية أحد أهم عناصر الميزة النسية للدراما المصرية والتي ساهمت بقوة في دعم النفوذ الأدبي لمصر عربيا.
ثالثا: عرض الأعمال الدرامية المصرية في تركيا والبلاد الناطقة بالتركية سيتيح لهذه الشعوب التعرف عن قرب بتفاصيل الحياة المصرية للمواطنين المصريين وهو الأمر الذي يساهم بقوة في تقارب هذه الشعوب مع مصر.
يبقي ان أؤكد ان آفاق التعاون المصري التركي مفتوحة بلا حدود وفي جميع المجالات وان نمو هذه العلاقات وتقويتها يجعل من مصر وتركيا بالفعل رمانة الميزان في منطقة الشرق الأوسط، ويجعلها رقما بالغ الأهمية لا تستطيع أية قوة عالمية ان تتجاهله في أي معادلة سياسية أو اقتصادية تتعلق بهذه المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.