إذا كانت الوحدة الوطنية تتجلى فى مصر بصفة عامة، فإنها تتجلى بوضوح أكثر فى محافظة سوهاج منذ الأزل، لكن هذه الروح التى تجمع أبناء الوطن تجلت بصورة جميلة فى أثناء ثورة 1919، حيث إن خطيب الثورة كان من أبناء محافظة سوهاج- مديرية جرجا آنذاك- وهو القمص سرجيوس المولود فى عام 1882 بمدينة جرجا الذى تم رسمه فى مدينة ملوى التابعة لمحافظة المنيا، ثم وكيلاً لمطرانية أسيوط فى عام 1907، ثم نقل إلى المدرسة الأكليريكية بالقاهرة، وقد كان وطنياً حتى النخاع فقد دخل المسجد الأزهر الشريف واعتلى المنبر وقام بالخطابة للدفاع عن الثورة وتذكية روح الوحدة الوطنية ثم اتجه إلى الكنيسة وقام أيضاً بالخطابة فيها، لذلك أطلق عليه المصريون لقب «خطيب المنبرين». وهذا ليس غريباً عليه لأنه من أبناء مدينة جرجا التى يوجد بها فخرى عبدالنور أحد رموز ثورة 1919، حيث كانت عائلته ومحبوه يجمعون التوكيلات للوفد للدفاع عن القضية المصرية، وقد كان الشندويلى باشا ابن مركز المراغة من أشد الناس وطنية، حيث كان يقوم بجمع تلك التوكيلات التى تفوض الوفد للدفاع عن القضية المصرية، وليس الأمر مقصورا على آل عبدالنور وآل الشندويلى بل كان أبناء سوهاج جميعاً يرفعون شعار الوحدة الوطنية الذى ظهر فى هذه الثورة «الهلال مع الصليب»، حيث تم أخذ عشرات الآلاف من التوكيلات من معظم المناطق والقرى والنجوع التابعة لمديرية جرجا- سوهاج حالياً- فقد لبى أبناء سوهاج مسلمين وأقباطاً نداء الوطن، فكانت ثورة 1919 التى يعتبرها جميع المصريين «أم الثورات».