أكد الدكتور محمد مختار جمعه وزير الأوقاف أن التحول الرقمي من متطلبات بناء الدولة الحديثة، لافتا إلى أن قضية محو الأمية لم تعد قاصرة على محو أمية القراءة والكتابة , إنما تتطلب ايضا محو الأمية الرقمية , وهذا يتطلب منا مسابقة الزمن في مجالات التأهيل والتدريب والتثقيف الرقمي. وأشار فى تصريحات له أن العالم اصبح كله قرية رقمية كبيرة ولا مجال للتعامل الجاد مع هذه القرية دون الدخول من باب التحول الرقمي , وكلما كانت الخطى أسرع والتقنيات أحدث كان ذلك في صالح الأفراد والمؤسسات والشعوب. وقال الوزير ان الدولة المصرية يحسب لها توجهها الكبير والسريع نحو التحول الرقمي في جميع المجالات , لافتا الى ان التحول الرقمي يقضي على كثير من سلبيات العمل الإداري من الواسطة ، والمحسوبية ، والتعويق الممنهج أحيانًا ، والبيروقراطية أحيانًا أخرى , ويضع آليات وتوقيتات محددة لإنجاز الأعمال , ويسد الطريق ويغلق المنافذ أمام ضعاف النفوس الذين كانوا يتاجرون بقضاء حوائج الناس التي هي جزء لا يتجزأ من صميم عملهم . وأوضح أن التحول الرقمي الذي نسعى إليه هو التحول الجاد نحو العمل والإنتاج وتقديم الخدمات بسهولة ويسر , وتسويق المنتجات فكرية أم مادية على نطاق واسع من خلال الوسائل الأكثر دقة وحداثة وإنتاج التكنولوجيا الرقمية , إن مفهوم عصر العلم يتطور تطورًا مذهلا ، ومن الخطأ البين قصر مفهوم العلم الذي حثنا القرآن الكريم على الاهتمام به على العلوم الشرعية فحسب ، بل يشمل كل ما يحمل نفعًا للناس في شئون دينهم ، وشئون دنياهم ، في العلوم الشرعية أو العربية , أو علم الطب , أو الصيدلة , أو الفيزياء , أو الكيمياء , أو الفلك , أو الهندسة , أو الميكانيكا أو الطاقة , وسائر العلوم والمعارف الذي أصبح عالم الرقمنة يتبوأ موقع الصدارة منها , وقال إن قيمة العلم تشمل التفوق في كل العلوم التي تنفع الناس في شئون دينهم أو شئون دنياهم وفى قول الله (عز وجل) : " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" جاء في معرض الحديث عن العلوم الكونية , حيث يقول سبحانه : " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ " , ويقول سبحانه : " إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ" ، ويقول سبحانه "يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ"(الرحمن : 33) قال كثير من أهل العلم إن المراد بالسلطان هنا هو سلطان العلم. وقال جمعه ان تاريخنا الإسلامي والعربي حفل بأسماء علماء كبار في العلوم الشرعية واجتهدوا في تحصيلها وعرفوا بمؤلفاتهم حتى صاروا أعلامًا في الفنون والعلوم التي تصدروا فيها من أمثال : الإمام الشافعي ، وابن حجر العسقلاني الذي يفرض نفسه على شروح البخاري ، والسيوطي ، والزرقاني في علوم القرآن ، والشاطبي في موافقاته ، وابن خلدون والطبري في علم التاريخ . واشار الى انه فى المجالات العلمية عرف تاريخنا العلمي علماء عظماء من أمثال : ابن النفيس ، وابن سينا ، وابن الهيثم ، وأبو بكر الرازي ، وابن البيطار وغيرهم . وطالب بضرورة أن نضع بصماتنا في التاريخ الإنساني وندخل إليه من باب العلم الحديث الذي أصبح التحول الرقمي أحد أهم معالمه. وقال إن شباب الدعاة من الأئمة والوعاظ ، والواعظات في حاجة ملحة إلى اقتحام عالم التحول الرقمي ونظم وتكنولوجيا المعلومات وإتقان إحدى اللغات الأجنبية حتى يستطيعوا التفاعل مع العصر بأدواته الأمر الذى نسعى لترسيخه من خلال أكاديمية الأوقاف لتأهيل الأئمة والدعاة والواعظات.