الانتخابات الرئاسية التى تمت مؤخراً هى أول انتخابات رئاسية حقيقية تجرى فى مصر والوطن العربى منذ فجر التاريخ، باستبعاد لبنان التى يتم اختيار الرئيس فيها من قبل البرلمان طبقاً لنظام المحاصصة الطائفية، وتونس التى تم اختيار رئيسها بعد ثورة الياسمين من أحد أعضاء البرلمان، وهكذا تتفرد التجربة المصرية فى اختيار الرئيس عن كل التجارب العربية رغم كل الظواهر والملاحظات حول الانتخابات الرئاسية قبل وأثناء الانتخابات، والمهم الآن تقبل النتائج أياً كان الرئيس سواء أحمد شفيق أو محمد مرسى، والاستعداد لمرحلة ما بعد الرئيس.. إلى مرحلة مصر المستقبل. إننى لم أتقبل فكرة اتحاد الثوار والإسلاميين معاً ونزولهم إلى الشارع فى ثورة جديدة إذا فاز أحمد شفيق بالانتخابات، ساعتها سوف ينزل الجيش إلى الشارع لضبط النظام وربما يفرض الأحكام العرفية، ويعلن حالة الطوارئ والخسارة سوف تشمل الجميع فى ألف باء الديمقراطية، وبالتالى يجب احترام نتيجة الصندوق كما تم احترامها بعد فوز الإسلاميين بانتخابات مجلسى الشعب والشورى، رغم الانتهاكات التى حدثت وأبرزها إقحام الدين فى السياسة واستخدام المنابر فى الدعاية الانتخابية وشراء الأصوات بالزيت والسكر. مصر اليوم تتطلب تصحيح المسار والانطلاق إلى آفاق التقدم السياسى والاجتماعى والاقتصادى بعد ثورة 25 يناير، ولن يتحقق هذا بدون استقرار الحالة الأمنية والوضع الاقتصادى وتقنين والاعتصامات والتظاهرات الفئوية فى الشوارع والميادين، وقبل هذا كله إتاحة الفرصة للرئيس الجديد لكى يعمل وينفذ برنامجه الانتخابى، وفى تقديرى أن كل مرشح رئاسى لم يحالفه الحظ للفوز فى الانتخابات مطالب بتقديم برنامجه إلى مجلس الوزراء أو الرئيس الجديد بعد انتخابه للاستفادة منه ودراسة إمكانية تطبيقه، لأن هذا البرنامج لم يعد ملكاً له، بل ملك لمصر. التحديات كثيرة أمام الرئيس القادم ولا أول لها ولا آخر، كما قال أستاذنا محمد حسنين هيكل فى حواره الممتع إلى صحيفة «الأهرام» مؤخراً، وزاد أن الرئيس القادم بحاجة إلى معجزة لكى ينجح فى مهمته، ومن جانبى أعتقد أن عصر المعجزات لم ينته بعد، بدليل نجاح ثورة 25 يناير فى الإطاحة بالرئيس السابق مبارك، وبدليل المعجزة التنموية الهائلة التى حققها كل من دا سيلفا فى البرازيل، سابع دولة صناعية فى العالم، ومهاتير محمد فى ماليزيا الدولة ال 17 فى التصنيع بالعالم، بدون موارد تقريباً، وكان سلاحها الوحيد هو الإرادة الوطنية وحب العمل والوطن فقط. الرئيس الجديد مطالب بالبحث عن أسئلة المستقبل، وأبرزها سؤال الهوية والانتماء، ولمن يتم التوجه أولاً: للمحيط الأفريقى أم العربى أم الإسلامى أم الثلاثة معاً فى وقت واحد؟ وكيف تتم إعادة صياغة العلاقة مع الغرب وخصوصاً أمريكا وأوروبا لأنه لا مشكلة لنا مع آسيا؟ وقبل هذا.. كيف يتم إقرار الحالة الأمنية فى البلاد؟ وما الأسلوب الأمثل لذلك، هناك خطط وبرامج واضحة يمكن الاستعانة بها، مثل برنامج الدكتور محمد سليم العوا، الشق الأمنى منه، كذلك يمكن الاستفادة من برنامج عبدالمنعم أبوالفتوح لتطوير المجرى الملاحى لقناة السويس لأنه يمكن أن يزيد دخل القناة إلى 50 مليار دولار، أيضاً يمكننا الاستفادة من البرنامج الاجتماعى لحمدين صباحى لأنه يركز على علاج الفقر والبطالة والعشوائيات. الأموال المنهوبة الحكم بتسليم إسبانيا رجل الأعمال الهارب حسين سالم إلى مصر خطوة كبيرة لمعرفة ثروة المخلوع وأولاده ورموز نظامه بالخارج وإعادتها إلى الوطن بعد أن تفاوتت التقديرات حول حجمها، تارة بمليارات قليلة وتارة أخرى بعشرات المليارات، وفى تقديرى أن الخطوة الأولى لاستعادة تلك الأموال هو الحكم القضائى العادل حول جرائم الكسب غير المشروع وغسيل الأموال المتهم فيها أركان النظام السابق، لأن الغرب لا يتصرف إلا وفقاً للقوانين والأحكام القضائية الدامغة بالفساد، أما المناشدات والمحامون والمراسلات فلن تجدى شيئاً، وبعد إجراء انتخابات الرئاسة تبدو الفرصة مهيأة الآن لاستعادة تلك الأموال، ومن المهم أيضاً كشف كل أسرار حسين سالم الصندوق الأسود لمبارك وخازن أسراره. الجاهلية فى اليمن فى الجاهلية وقبل الإسلام اشتعلت حرب داحس والغبراء ناقتين بين قبيلتى عبس وذبيان لمدة 40 عاماً، وهى تلك الحرب التى كتب فيها الشاعر الكبير زهير بن أبى سلمى معلقته الشهيرة، ورغم مرور أكثر من 14 قرناً على تلك الحرب، إلا أن أوزارها اشتعلت مؤخراً فى اليمن بعد اغتصاب حمار تملكه عشيرة «مكابس» لحمارة «أتان» تملكها عشيرة «بنى عباس» فى الهواء الطلق، الأمر الذى دفع صاحب الحمارة إلى ضرب الحمار، وهو ما أجج غضب بنى «مكابس» ودعاهم إلى التجمع والاعتداء على الرجل صاحب الحمارة، وتطور الأمر فيما بعد بين العشيرتين إلى حد استخدام الأسلحة النارية والقنابل اليدوية، ما أدى فى النهاية إلى سقوط 15 شخصاً من الطرفين بين قتيل وجريح. هل هناك تخلف وجاهلية أكثر من هذا؟ آخر الليل لا تاسفن لغدر الزمان لطالما.. رقصت على جثث الأسود كلاب لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها.. تبقى الأسود أسوداً والكلاب كلاب تموت الأسود فى الغابات جوعاً.. ولحم الضأن تأكله الكلاب وذو جهل قد ينام على حرير.. وذو علم مفارشه التراب