بوتين: العمل في مفاعل بوشهر الإيراني مستمر رغم الأوضاع الأمنية الخطيرة    إسرائيل تشن غارات تستهدف عددا من المناطق في جنوب لبنان    أردوغان ورئيس وزراء أرمينيا يبحثان تطبيع العلاقات بين بلديهما    بنفيكا يكتسح أوكلاند سيتي بسداسية ويرسله خارج مونديال الأندية    محافظ القاهرة: تشكيل لجنة هندسية لفحص العقارات المجاورة للعقارين المنهارين في حدائق القبة    120 عملا فنيا بتقنيات متعددة في معرض لقصور الثقافة بالإسكندرية    اليوم العالمي للاجئين.. الهلال الأحمر المصري يستعرض جهوده في دعم 62 جنسية    سيدة في سوهاج تقفز بطفلتها من الطابق الأول هربًا من اعتداء شقيق زوجها    ماس كهربائي وراء حريق مخزن خردة في البدرشين    «انتوا عايزين إيه؟».. شوبير ينتقد جماهير الأهلي بسبب المدرب واللاعبين    العوضي: فهد البطل ينافس ضمن قائمة الأعلى مشاهدة على مستوى العالم    يسري جبر: الابتلاء لا يتنافى مع العبادة بل هو رفعة الدرجات    قانون الإيجار القديم.. الإقرار بإجلاء العين المأجرة شرط الشقة البديلة    وفاة رئيسًا للجنة امتحانات ثانوية عامة متأثرًا بإصابته في حادث بأسيوط    النائب عماد خليل يكتب: موازنة الدولة الأكبر للحماية الاجتماعية    محافظ كفر الشيخ يوجّه بإصلاح كسر خط المياه المغذي ل معدية رشيد والجنايدة    محافظة الإسماعيلية تنظم ندوة توعوية حول التأمين الصحي الشامل    بعد صفقة جارسيا.. برشلونة يعيد هيكلة مركز حراسة المرمى    أستون فيلا يلمح لرحيل مارتينيز    طلب مناقشة أمام "الشيوخ" بشأن التنمر والعنف المدرسي الأحد    سارة وفيق بين أجواء حزينة ونشاط سينمائي.. نجوم الفن يواسون المخرجة في عزاء والدتها    رئيس وزراء صربيا يشيد بمكانة دير سانت كاترين التاريخية والدينية    الرئاسة الإيرانية: الولايات المتحدة تستطيع إنهاء الحرب مع إسرائيل بمكالمة من ترامب    العد التنازلي بدأ.. جدول امتحانات الثانوية السودانية 2025    نقابة محامي المنيا تستطلع رأي الجمعية العمومية بشأن الإضراب العام والاعتصام بالمحاكم    56 عامًا على رحيله.. ذكرى وفاة الصوت الباكي الشيخ محمد صديق المنشاوي    تشكيل مباراة بنفيكا ضد أوكلاند في كأس العالم للاندية    كسر مفاجئ يقطع المياه عن معدية رشيد والجنايدة.. ومحافظ كفرالشيخ يوجّه بإصلاحه واستئناف الضخ التدريجي    إيران تعتقل عميلين أجنبيين للموساد فى كرج غربى طهران    مصرع شاب سقطت على رأسه ماسورة ري بالوادي الجديد    إدراج جامعة سيناء بتصنيف التايمز 2025..    مصر تعرض فرص تشغيل مطاراتها على كبرى الشركات العالمية    المشهد الأخير.. هل يُنهي التصعيد بين إسرائيل وإيران الحرب في غزة؟    أزمة نفسية تقود عامل لإنهاء حياته شنقا في الهرم    مكافأة تشجيعية للمتميزين وجزاءات للمقصرين في المنشآت الصحية بالدقهلية    مانشستر يونايتد يراقب نجم بايرن ميونيخ    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    ضبط 12 طن دقيق مدعم في حملات على المخابز خلال 24 ساعة    بروتوكول بين «الثقافة» و الجيزة لإقامة تمثال ل«مجدي يعقوب» بميدان الكيت كات    مجلس الاتحاد اللوثري: خفض المساعدات يهدد القيم الإنسانية والتنمية العالمية    إزالة 93 حالة تعد بمراكز ومدن أسوان ضمن الموجة ال 26    دون تأثير على حركة الملاحة.. نجاح 3 قاطرات في إصلاح عطل سفينة غطس بقناة السويس    أحمد سعد بعد تعرضه لحادث وتحطم سيارته: "أولادي وزوجتي بخير"    بسبب دعوى خلع.. الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء سيدة على أخرى بالدقهلية    الصحة: فرق الحوكمة والمراجعة تتابع 392 منشأة صحية وترصد تحسنا بمستوى الخدمة    محافظ الإسكندرية يشهد فاعليات الحفل الختامي للمؤتمر الدولي لأمراض القلب    إيران تلقى القبض على 35 جاسوسا لإسرائيل فى همدان ومسجد سليمان    طائرة في مران ريال مدريد استعدادًا لمواجهة باتشوكا    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر    أسرار استجابة دعاء يوم الجمعة وساعة الإجابة.. هذه أفضل السنن    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    إدراج 20 جامعة مصرية في النسخة العامة لتصنيف QS العالمي لعام 2025    بدءا من أول يوليو| تعديل رسوم استخراج جواز السفر المصري "اعرف السعر الجديد"    بنجاح وبدون معوقات.. ختام موسم الحج البري بميناء نويبع    بعد قرار الحكومة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للموظفين    أتلتيكو مدريد يفوز على سياتل ساوندرز في كأس العالم للأندية    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجدى زين الدين يكتب: «اللنبى» يقمع المصريين
ثورة 1919 نهضة أمة كفاح شعب
نشر في الوفد يوم 27 - 01 - 2019


نداء الرافعى للأمة وراء عودة المنشقين للوفد
شروط «ثروت» لتشكيل الحكومة.. وسر اعتراض بريطانيا العظمى
مصر دولة مستقلة ذات سيادة طبقاً لتصريح 28 فبراير
ملخص الحلقة الماضية
فى الحلقة الماضية تم الحديث عن قيام الأمة المصرية بمواجهة سيطرة الاحتكارات الاستعمارية، وكيف تصدى الزعيم مصطفى النحاس لقوات إسماعيل صدقى وانتصر للمتظاهرين، وشملت الحلقة نضال حزب الوفد الديمطراطى وتصديه للديكتاتورية، باعتباره حزب الوطنية المصرية المعادى للاستعمار، كما تناولت الحلقة تعرض الزعيم النحاس لست محاولات اغتيال بإيعاز من القصر والجماعات المعادية.
في حلقة اليوم يدور الحديث حول تصريح 28 فبراير، وتأليف وزارة ثروت التي اعترضت عليها بريطانيا، ويدور الحديث من خلال ما كتبه الدكتور محمد عبده وما ورد في كتاب فيلد مارشال أللنبى، وكتاب في أعقاب الثورة المصرية للكاتب الكبير عبدالرحمن الرافعي، ومن خلال تعقيب للدكتور طه حسين معلقاً علي تصريح 28 فبراير والمنشور في صحيفة الأهرام عام 1922.
فى يوم 7 ديسمبر نشر سعد نداءه إلى الأمة يحثها على الوقوف ضد المحتلين الإنجليز، وقال قولته المشهورة: «فلنثق إذن بقلوب كلها اطمئنان، ونفوس ملؤها استبشار، وشعارنا: الاستقلال التام أو الموت الزؤام».
ودعا الى اجتماع كبير حدد له يوم الجمعة 23 ديسمبر 1921 للنظر فى الأحوال الحاضرة، وأرسل الدعوة الى جمهور كبير من ذوى المكانة فى البلاد.
وفى ديوم 22 ديسمبر أنذرته السلطات البريطانية بعدم إلقاء خطب ومنع الاحتفال وعدم حضور المجتمعات العامة أو الكتابة فى الصحف أو المشاركة الفعلية فى الشئون السياسية، وأمرته بمغادرة القاهرة والبقاء فى عزبته بمسجد وصيف بناحية زفتى، كذلك أبلغ بعض أعضاء الوفد كلًا على حدة بخطاب يحمل نفس المعنى.
ورد سعد على ذلك بخطابه المشهور الذى أكد فيه صموده على مبدئه، وقال فيه كلمته المأثورة: «على القوة أن تفعل بنا ما تشاء»، وكذلك فعل أصحاب سعد وكان ردهم بنفس المعنى.
عند ذلك أدرك الجنرال أللنبى أن سعداً هو المهيج الأول، وما من سبيل الى التخلص من مأزق العلاقات الإنجليزية المصرية طالما بقى سعد زغلول والمحيطون به فى مصر.
فقرر لذلك أن يتخذ خطوة جريئة، وأمر باعتقال سعد زغلول وخمسة من رفاقه فى 23 ديسمبر سنة 1921، ونقلوا الى السويس ثم الى عدن وبقوا بها حتى الأول من مارس سنة 1922 ثم الى جزر سيشل بعد ذلك.
ولقد خيف أن تنفجر مصر من تصرف أللنبى بالغ الشدة فيحدث بها ما يقلب النظام بصورة هائلة وكان هذا رأى الكثيرين، ولكن أللنبى لم يشاطرهم هذا الرأى فقد صمم كل التصميم على أن يقمع بشدة كل محاولة للإخلال بالنظام ووزعت قوات عظيمة فى شوارع القاهرة قمعت المظاهرات في الحال وأرسلت المراكب الحربية إلى السويس والإسماعيلية والاسكندرية فى الوقت الذى أخذت فيه الوحدات البحرية تزرع النيل.
إزاء هذه الاجراءات الصارمة والبطش الشديد من قوات الاحتلال عاد الهدوء النسبى فى نهاية ديسمبر 1921، ولم يكن ذلك ليعنى أن مصر ماضية الى استقرار سياسى ولكن النظام عاد بإجراءات عسكرية شديدة.
وبقيت نفس المشاكل الأساسية أمام أللنبى ليحلها فمازالت البلاد بغير وزارة بعد استقالة عدلى وبعد فشل مفاوضاته فى إنجلترا.
وقد بلغ من شدة الخواطر بعد إذاعة الوثائق الثلاث التى سبق ذكرها واعتقال سعد وزملائه ونفيهم الى سيشل أن خطرت فكرة المقاومة السلبية للأذهان، فأصدر الوفد قراراً فى 23 يناير 1922، بتنظيم هذه المقاومة وكان أساسها عدم التعاون مع الإنجليز، ومقاطعة البضائع الإنجليزية، وعدم التعامل مع البنوك الانجليزية ومقاطعة السفن فى الموانئ المصرية وكذلك شركات التأمين البريطانية وعدم شراء البضائع الإنجلزيية وتشجيع البضائع الوطنية، وكان لذلك أبلغ الأثر فى الضغط على الحكومة البريطانية، وقبولها لشروط عبدالخالق ثروت فيما بعد وكذلك ضغوط اللورد أللنبى لكى تقبل حكومته هذه الشروط.
وقد وجه المرحوم أمين الرافعى نداءً بتوحيد الصفوف و مواجهة الإنجليز خاصة بعد نفى سعد وصحبه رغم خلافه الشديد مع سعد
زغلول، وكان من أثر هذا النداء أن بذلت المساعى لعودة الأعضاء المنشقين الى الوفد مرة ثانية.
وقد اجتمعوا مع باقى أعضاء الوفد الذين لم يعتقلوا وأصدروا بياناً من بيت الأمة بأنهم منذ هذه اللحظة اجتمعت كلمتهم وتوحدت آراؤهم فى سبيل استقلال الأمة، ووجهوا الى سعد فى منفاه التحية وعاهدوه على استمرار الكفاح حتى تبلغ مصر أمانيها، ولكن للأسف لم يستمر هؤلاء الأعضاء بالوفد كثيراً واستقال منهم بعد فترة: عبدالعزيز فهمى، أحمد لطفى السيد، محمد محمود، محمد على علوبة، عبداللطيف المكباتى وحافظ عفيفى، لاختلاف فى وجهات النظر بين من بقى من أعضاء الوفد وبينهم.
مقدمة تصريح 28 فبراير:
يقول المارشال ويفل فى ترجمته أللنبى فى مصر: «انه فى الأسبوع الأخير من ديسمبر 1921 والأول من يناير سنة 1922 تحقق أللنبى عن طريق أحد معاونيه من الشروط التى يستطيع المعتدلون من السياسيين المصريين وعلى رأس هؤلاء عدلى وعبدالخالق ثروت أن يقبلوا تأليف الوزارة إذا ما قبلت شروطهم».
وفى يوم 12 يناير 1922 تم الاتفاق بين الجنرال أللنبى وثروت على صيغة يقبلها الطرفان المصرى والبريطانى وأبلغ أللنبى حكومته بالأمر، فترددت حيث كانت شروط ثروت لتأليف الوزارة كالآتى:
أولاً: عدم قبول مشروع كيرزون وكذلك التبليغ البريطانى فى 3/12/1921.
ثانياً: إلغاء الحماية البريطانية على مصر والاعتراف بمصر دولة مستقلة.
ثالثاً: إعادة وزارة الخارجية تحت السيطرة المصرية.
رابعاً: إنشاء برلمان من هيئتين للنواب والشيوخ.
خامساً: إطلاق يد الحكومة المصرية فى جميع أنحاء البلاد بلا مشارك.
سادساً: لا يكون للمستشارين فى وزارتى العدل والمالية إلا رأى استشارى.
سابعاً: حذف وظائف المستشارين ما عدا المالية والحقانية فإنهما يظلان الى ما بعد نتيجة المفاوضات.
ثامنا: أن يستبدل بالموظفين الأجانب موظفون مصريون.
تاسعاً: رفع الأحكام العسكرية وفك اعتقال المعتقلين واعادة المبعدين.
عاشراً: الدخول فى مفاوضات جديدة مع الحكومة البريطانية بعد تشكيل البرلمان المزمع لحل مشكلة السودان والضمانات التى تطلبها إنجلترا بدون شروط مسبقة.
احدى عشر: تكون هذه الشروط مقبولة كتابة وموافقاً عليها من الحكومة البريطانية ويكون مرهوناً بذلك قبول ثروت لتشكيل الوزارة.
إزاء هذه الشروط التى وضعها ثروت لتشكيل الوزارة وإجراء المفاوضات اعترضت عليها بريطانيا، وقالت: كيف نسلم ما فى أيدينا، إلغاء الحماية والاعتراف بمصر دولة مستقلة دون أن يسلم المصريون بالضمانات الضرورية لحماية مصالح بريطانيا؟! ورد أللنبي على ذلك بأن نفوذ بريطانيا لا تضمنه الحماية ولكن تضمنه قوة الأسطول الانجليزي في البحر الأبيض، وكذلك وجود الجيش البريطاني في مصر.
وليس هناك خطر من رفع الحماية والاعتراف للمصريين باستقلالهم، خاصة أن هذا الحل سيفسح المجال أمام المعتدلين من السياسيين المصريين للتعاون مع المندوب السامي البريطاني.
كان هذا هو رأي أللنبي واقتناعه وعمل جاهداً وبإصرار لإقناع حكومته بذلك دون جدوى، وكان ذلك على وشك أن يكلفه منصبه وهمت بعزله، ولكن بعد تردد استدعته إلي لندن للتشاور، وفي النهاية سلمت بمقترحاته وأعلن أللنبي عند عودته التصريح المعروف بتصريح 28 فبراير، وفيه أعلنت الحكومة البريطانية انتهاء الحماية البريطانية على مصر والاعتراف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة.
نص تصريح 28 فبراير 1922:
بما أن حكومة جلالة الملك عملاً بنواياها التي جاهرت بها ترغب في الحال في الاعتراف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة وبما أن للعلاقات بين حكومة الملك وبين مصر أهمية جوهرية للامبراطورية البريطانية فبموجب هذا تعلن المبادئ الآتية:
1- انتهاء الحماية البريطانية علي مصر، وتكون مصر دولة مستقلة
ذات سيادة.
2- تصدر حكومة عظمة السلطان قانون إقرار الإجراءات التي اتخذت باسم السلطة العسكرية نافذ الفعل على جميع ساكني مصر، وتلغي الأحكام العرفية التي أعلنت في 2 نوفمبر 1914.
3- إلى أن يحين الوقت الذي يتسني فيه إبرام اتفاقات بين حكومة جلالة الملك وبين الحكومة المصرية فيما يتعلق بالأمور الآتي بيانها وذلك بمفاوضات ودية غير مقيدة بين الفريقين، تحتفظ حكومة جلالة الملك بصورة مطلقة بتولي الأمور الآتية، وهي ما عرف بالتحفظات الأربعة:
أ- تأمين مواصلات الامبراطورية البريطانية في مصر.
ب- الدفاع عن مصر ضد أي اعتداء أو تدخل أجنبي.
ج- حماية المصالح الأجنبية في مصر وحماية الأقليات.
د- مسألة السودان.
وحتي يتم اتفاق بين الطرفين فيما يتعلق بهذه الأمور تبقي الحالة في هذه المسائل الأربع، علي ما هي عليه.
كان هذا هو تصريح 28 فبراير كما أبلغه اللورد أللنبي لعظمة السلطان يوم وصوله من لندن في نفس اليوم وأرفق بنص التصريح مذكرة تفسيرية له تتضمن ما يلي:
1- أنه قد حدث سوء فهم لتبليغ 3 ديسمبر 1921.
2- أن المصريين قد فهموا خطأ أن بريطانيا انتوت البقاء في مصر إلي ما لا نهاية دون اعتبار للأماني المصرية في الاستقلال وانهاء الحماية واستبقاء نظام سياسي وإداري لا يتفق والحريات التي وعدت بها.
3- أن الغاية من الضمانات التي تطلبها بريطانيا ليس إبقاء الحماية كنظام حكم، ولكن بريطانيا تملؤها الرغبة في أن تري مصر متمتعة بما تتمتع به البلاد المستقلة من مركز دولي.
4- إذا كان المصريون قد رأوا في هذه الضمانات أنها تجاوزت الحدود التي تنسجم مع كونها دولة مستقلة، فإن بريطانيا قد لجأت لذلك لحرصها علي مصالحها العسكرية في هذا الوقت الملئ بالصعاب، وإن هذه الأحوال هي صفة مؤقتة ولن تدوم وهي آخذة في التحسن بمرور الوقت.
5- إن انجلترا ليست راغبة في التدخل في شئون مصر، وإن لها رغبة أكيدة في أن تترك للمصريين إدارة شئونهم.
6- إن الضمانات البريطانية ليست صادرة عن رغبة في الحيلولة بين مصر والتمتع بحقوقها الكاملة في حكومة أهلية.
7- إن أعمال التهييج التي تستدعي من القوات البريطانية في مصر التدخل لحفظ النظام من شأنها أن تؤخر المناخ الملائم وتهيئة الظروف لنيل وتحقيق الأماني الوطنية.
8- الآن وقد تحسنت الأمور في مصر فإن تصريح 28 فبراير سيوفر حالة تسود فيها الثقة المتبادلة بين الطرفين ويضع الأساس لحل المسألة المصرية.
-9 لا مانع من إعادة منصب وزير الخارجية والعمل علي التمثيل السياسي والقنصلي لمصر.
10- أما إنشاء برلمان يتمتع بحق الاشراف والرقابة علي السياسة والادارة في حكومة مسئولة علي الطريقة الدستورية، فالامر فيه يرجع لرغبة السلطان والي الشعب المصري.
11- ان الامر الآن في يد مصر بعد أن عرفت حُسن استعداد الحكومة البريطانية ونواياها أن تسترشد بالعقل وحُسن التصرف لا بالاهواء والتعصب.
كان هذا ملخص مجمل المذكرة التي رفعها أللنبي للسلطان فؤاد مع نص تصريح 28 فبراير 1922.
كان للدور الذي لعبه أللنبي وتصميمه الذي لا يلين والدور الخفي الذي قام به لإقناع اللورد كيرزون وزير الخارجية ومستر أوستن تشمبرلين المتحدث باسم الحكومة، وكذلك المستر لويد جورج رئيس الوزراء الفضل في الحصول علي تصريح 28 فبراير 1922 باستقلال مصر والاعتراف بها دولة مستقلة.
ويقول المارشال ويفل في كتابه «أللنبي في مصر»:
لم تكن عظمة الخدمة التي قدمها أللنبي لوطنه ولمصر في تلك الازمة في تعرفه للحل الصواب- الامر الذي كان في مقدور أي شخص يعرف الحقائق والظروف- بقدر ما كانت شجاعته وتصميمه اللذان أظهرهما في تبين ذلك الصواب, في حمل عبء الدفاع عنه في وجه كل تلك المعارضة وذلك التشويه وكم يستحق مستشاروه الذين عرضوا مناصبهم للضياع تضامناً معه من تقدير الدولة بعملهم ذلك.
لقد عارض لويد جورج مقترحات أللنبي من البداية ولكنه اقتنع بها في النهاية وانتهي بتأييدها في شجاعة سياسية فائقة عندما ظهرت له الحقائق.
أما لورد كيرزون فكان يدرك صواب الحل الذي اقترحه أللنبي من أول وهلة- ولكن لم تكن عنده الشجاعة في مواجهة معارضي أللنبي وناقديه.
وقد أنفق أللنبي السنوات الثلاث الأولي التي قضاها في مصر معتمداً بريطانيا في الوصول إلي سياسة فعالة لبناء قواعد العلاقة بين مصر وبريطانيا بعد فترة الحرب وأنفق الثلاث الأخري في الاشراف علي رؤية النظام الذي أثمرته تلك السياسة وكانت المشكلات الرئيسية التي واجهت أللنبي بعد تصريح 28 فبراير هي وضع الدستور وإلغاء الاحكام العرفية التي استمر العمل بها قرابة ثماني سنوات.
كذلك تعويض الموظفين الاجانب وخصوصاً البريطانيين الذين استغنت عنهم الادارات المصرية ولكن كان هدفه الأهم هو عقد اتفاقية مع مصر بشأن التحفظات الاربعة هي: تأمين المواصلات الامبراطورية والدفاع عن مصر وحماية الاجانب ومسألة السودان ولو قدر أللنبي البقاء في مصر فربما لم يكن لمصر وبريطانيا أن ينتظرا أكثر من عشر سنوات قبل توقيع هذه المعاهدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.