8 سنوات مرت على ثورة 25 يناير المجيدة؛ تلك الثورة التي كانت الاكثر زخمًا في الاحداث السياسية في تاريخ مصر الحديث، بل كانت بداية لتغيرات عدة على المجتمع والسياسة في مصر وكان لها تأثيرًا قويًا على ملف السياسة الخارجية المصرية وعلاقات مصر مع دول الخارج. وترتبط فترات التحول في حياة الامم بالتغيير الذي يمتد ليشمل الوضع الداخلي والخارجي لها، فقد شهدت السياسة الخارجية المصرية قبل ثورة 25 يناير ولاسيما إبان حكم الرئيس الاسبق مبارك انحسارًا وقلة فاعلية تكمن في ابتعاد مصر عن القارة الافريقية وفقدانها لدورها المحوري في كافة المجالات مع هذه الدول. وتظل السياسة الخارجية المصرية من القضايا المهمة بالنسبة لمصر ولكنها تتأثر بمن يحكم مصر، فمنذ ثورة يناير حتى الان تنوعت تلك السياسة الخارجية لها وذلك وفقًا لما تشهده المنطقة العربية بل العالم من أحداث ساخنة. وفي هذا الصدد، أكد عدد من الخبراء أن من أهم ثمار ثورة 25 يناير أنها أعادت دور مصر على الخريطة الدولية واستعادت مكانتها على المستوى الدولي، وعادت بقوة للقارة الافريقية بعد غياب سنوات، مشيرين إلى أن السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة 25 يناير أصبح لها توجهات جديدة واستطاعت بناء تحالفات جديدة وقوية مع كافة دول العالم. وأشار الخبراء إلى أن مصر ملتزمة بسياسة خارجية متزنة تكمن في عدم التدخل في الشئون الداخلية لاي دولة والدفاع عن الدولة الوطنية في العالم العربي، مؤكدين أن الرئيس السيسي استطاع إقامة علاقات وطيدة مع دول كبرى وتوقيع عدة اتفاقيات تعاون مع تلك الدول، لافتيين إلى أن مصر استعادت دورها القيادي والريادي على المستوى الاقليمي. وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية، إن ملف السياسة الخارجية المصرية قد تطور ونشط كثيرًا منذ قيام ثورة 25 يناير عام 2011م، فقبل قيام الثورة كانت السياسة الخارجية المصرية أسيرة لتوجهات سياسية معينة تتبع النظام الحاكم، بل كانت سياسة تعتمد على دوائر تأثير تقليدية فلم تستطع بناء تحالفات جديدة وقوية مع دول العالم، وكان ذلك واضحًا عندما غابت مصر عن القارة الافريقية منذ حادث اغتيال الرئيس الاسبق مبارك في أديس بابا عام 1995م وأشار فهمي، في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، إلى أنه يمكن القول بأن أفضل سياسة خارجية على الاطلاق هي سياسة الرئيس السيسي واتجاهه لاستحداث دوائر جديدة، مؤكدًا أنه منذ وصوله لسدة الحكم في يونيو 2014م بدأ في استحداث دوائر نفوذ وتأثير خارج النطاقات المتعددة، وهو ما يعرف ب"الدبوماسية الرئاسية"، لافتًا إلى أن السيسي نجح في استعادة دور مصر القيادي والريادي على المستوى الدولي وأكد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية، أن من أهم مكتسبات ثورة 25 يناير هو بناء تحالفات جديدة مع دول العالم ومناطق تأثير جديدة في الاقليم منها إقليم شرق المتوسط "منطقة الغاز" من خلال شراكة مصر مع قبرص واليونان، فضًلا عن توجه مصر نحو الشراكات المتميزة مع دول القارة الاسيوية من خلال زيارات الرئيس المتعددة لدول القارة، وطرح رؤى مصر لحل الازمات السورية واليمنية والليبية، مؤكدًا أن كل هذه التحركات أعادت مصر على الخريطة الدولية. ورأى فهمي، أن مصر قبل ثورة 25 يناير كانت تغفل عن عدة دول كبرى على مستوى العالم منها الصينوروسيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدةالامريكية وغيرها من الدول وهو ما أفقدها دورها الدولي، لافتًا إلى أن مصر أقامت علاقات جديدة مع دول الجوار مستشهدًا بذلك برئاستها الاتحاد الافريقي هذا العام، وحصولها على مقعد غير دائم في مجلس الامن لعام 2016م- 2017م، مما يؤكد أن مصر استعادت دورها المحوري على المستوى الدولي وذكرت الدكتورة سكينة فؤاد، الكاتبة الصحفية ومستشار الرئيس الاسبق عدلي منصور لحقوق المرأة، أن من أهم ثمار ثورة 25 يناير هو ما حدث في مجال السياسة الخارجية المصرية من تغيير وعدم خضوع مصر لهيمنة أي قوى دولية وإقامة علاقات متوازنة مع الدول شرقًا وغربًا، مؤكدة أن مصر عادت بقوة للقارة الافريقية بعدما فقدت دورها ومكانتها داخل القارة وأوضحت فؤاد، أن العلاقات الدولية بين مصر ودول العالم قبل 25 يناير كانت تعتمد على عدم التوازن وإتباع قوى إقليمية ومعاداة القوى الاخرى، لافتة إلى أن النفوذ الامريكي كان له أسوء الاثر في علاقات مصر الخارجية ظنًا منهم بأن مصر خاضعة للادارة الامريكية، وبالتالي فإن بعد 25 يناير مصر أصبحت لها توجهات جديدة من خلال رفض التبعية لاي قوى عالمية، مشيرة إلى أن هناك تغيرات جوهرية في سياسة مصر الخارجية. وتابعت الكاتبة الصحفية، حديثها قائلة " مصر استعادت دورها الاقليمي من خلال زيارات الرئيس السيسي المتكررة لدول مختلفة، وانفتاح مصر على دول لها ثقلها الدولي مثل روسياوالصين ودول إفريقيا، مؤكدة أن مصر هي القلب النابض للمنطقة. ولفت السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الاسبق، إلى أن هناك تطورًا كبيرًا للافضل في ملف العلاقات الخارجية بين مصر ودول الخارج بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، مشيرًا إلى أن ملف السياسة الخارجية لاي دولة يتغير وفقًا للتوجهات الداخلية لها والاوضاع الاقليمية. ونوه هريدي، إلى أن سياسة مصر الخارجية متزنة مع القوى الاقليمية حيث أن مصر ملتزمة بسياسة عدم التدخل في الشئون الداخلية لاي دولة والدفاع عن الدولة الوطنية في العالم العربي، مؤكدًا أن هناك انفتاح على كافة القوى الكبرى والفاعلة على المسرح الدولي من خلال ما يقوم به الرئيس السيسي من زيارات لدول خارجية وتوقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع روسيا، فضًلا عن توقيع اتفاقيات عدة مع الدول التي يقوم بزيارتها، مشيرًا إلى أن ترأس مصر للاتحاد الافريقي لعام 2019م أكبر دليل على عودة مصر إلى قلب القارة الافريقية.