يحل اليوم ذكرى ميلاد قيثارة الشرق أم كلثوم، التي رحلت عن عالمنا بجسدها ولكنا مازالت أعمالها خالدة في أذهان الملايين من جمهورها. فهي أسمها الحقيقي فاطمة بنت الشيخ إبراهيم السيد البلتاجي وتعُرف أيضاً بعدة ألقاب أبرزها أم كلثوم، كان لها تأثير كبير في فترة الستينات، وتستعرض "بوابة الوفد" لمتابعيها تأثير كوكب الشرق في هذه المرحلة. حيث كانت في الستينات تعيش أم كلثوم أزهى عصورها الفنية على الإطلاق، الحقيقة أن الخمسينات لم تنتهِ إلا بواقعة غريبة وهي أن كلب أم كلثوم عض أحد المارة وبرأتها النيابة.. فيما بعد كتب شاعر العامية أحمد فؤاد نجم قصيدة (كلب الست) الشهيرة. لم تمر هذه الواقعة بدون ضجيج حيث اعترض أساتذة جامعة الحقوق على قرار النيابة واعتبرته محاباة لأم كلثوم بل إن الأمر سيصل إلى صفحات الأهرام الجريدة الرسمية الأولى. وتنهي أم كلثوم عام 1959 بأغنيتها الرقيقة (هجرتك) من كلمات أحمد رامي وألحان العبقري رياض السنباطي.. وتفتح موسم الستينات بأغنيتها الشهيرة (أنت فين والحب فين). ولهذه الأغنية قصة معروفة وهي أنه في أحد اللقاءات بين أم كلثوم ومحمد فوزي صاحب شركة مصر فون قبل التأميم، عرض عليها أن يسمعها لحنا لملحن شاب يعجبه كثيرا، كان هذا الشاب هو بليغ حمدي، يسمعها بليغ حمدي اللحن، كان الهدف فقط أن تسمع لحنه الذي كانت ستغنيه إحدى المطربات إلا أنها تطلب منه أن يعيد اللحن مرة أخرى وأخرى حتى تعرض عليه أن تغني الأغنية.. منذ هذا التاريخ يلحن لها بليغ أغنية واحدة على الأقل سنويا. تنهي عام 1961 بأغنية (هوا صحيح الهوى غلاب)، يموت بيرم صاحب الأغنية قبل الحفلة التي تغني فيها هذه القصيدة ويموت بعده بشهر واحد زكريا أحمد ملحن الأغنية وصديق بيرم الوفي في 14 فبراير بعد أن انتهت مشاكله مع أم كلثوم بشكل ودي. من المؤكد ان الستينات كانت نقطة تحول في حياة أم كلثوم وبرغم أن أشهر أغانيها قد غنت في تلك الفترة إلا أن هناك الكثيرون يرون أنها كانت من أقل فتراتها الفنية باستثناء بعض الأغاني المعدودة. لو أردنا الإنصاف فإن أم كلثوم في هذه الفترة وحتى وفاتها أصحبت أيقونة مقدسة في حياة المصريين. كتب جودون جسكيل في مجلة لايف: إن تغييرا يشمل حياة الناس في الشرق الأوسط على اختلاف طبقاتهم وأعمارهم وعقائدهم مرة في كل شهر ودائما في العاشرة مساء فالمرور يكاد يتوقف في القاهرة وفي مقاهي الدار البيضاء تختفي الطاولة وفي بغداد يترك الأغنياء تجارتهم والمثقفين كتبهم وتفرغ الشوارع من المارة وكلهم آذان تتركز على إذاعة القاهرة في انتظار أم كلثوم. في عام 1960 تحصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولي. يتفتتح التليفزيون كما افتتحت الإذاعة كذلك قبل 26 عاما. في عام 1962 تغني أغنية أنساك التي لحن زكريا أحمد مذهبها قبل أن يموت وتسند بقية اللحن إلى بليغ حمدي. هذه الأغنية من كلمات مأمون الشناوي.. الحقيقة أن مأمون الشناوي حاول التعاون معها أكثر من مرة كان أولها أغنية الربيع التي ذهبت إلى فريد الأطرش، كانت المشكلة بينهما تمسك مأمون الشناوي بكلماته وتمسك أم كلثوم بتغيير الكلمات، في هذه المرة يرضخ مأمون لطلباتها كلها معلنا فوز أم كلثوم. في عام 1962 تأهب مستشفى البحرية الأمريكية لاستقبال أم كلثوم للفحص الدوري (تقديرا من الحكومة الأمريكية لمكانة أم كلثوم في العالم العربي) 1964في هذا العام تغني أم كلثوم واحدة من أشهر أغانيها على الإطلاق، الأغنية التي كانت نتاج تعاون تأخر 40 عاما كاملة أغنية (إنت عمري)، هذه الأغنية التي تحتاج إلى تدخل عبد الناصر شخصيا لتخرج إلى النور، أغنيتها مع الموسيقار المايسترو محمد عبد الوهاب. أستقبلت أم كلثوم خبر نكسة يونيو وهزيمة الجيش المصري بكل حزن واسي مثلها مثل كل المصريين وقتها إلا أنها سارعت وكانت من أوائل المطربين الذين أقاموا الكثير من الحفلات داخل مصر وخارجها للتبرع بأرباحها إلى المجهود الحربي وتغني اغنيتها الشهيرة (أصبح عندي الآن بندقية) وغنت أيضا أغنية (حبيب الشعب) لعبد الناصر بعد تنحيه وعودته ثانيا في ليلتي الإثنين 13 والأربعاء 15 نوفمبر 1967 غنت أم كلثوم على مسرح الأولمبيا أشهر المسرح على الإطلاق وكانت الحفلتان الوحيدتان التي تحييهما الست خارج العالم العربي. وإحدى أهم الحفلات التي تقام على مسرح الأولمبيا لتبقى محفورةً في أذهان كل من حضرها على مر السنين حيث يقول جان ميشال بوريس أحد مديري الأولمبيا في تلك الفترة أن 3 مغنين حفروا اسماءهم في ذاكرة الأولمبيا : أم كلثوم؛ أديت بياف وجاك برال. ومما غنت أم كلثوم في تلك الحفلتين (الأطلال)، والطريف انها سقطت من على خشبة المسرح وهي تقول هذا البيت: (هل رأى الحب سكارى مثلنا كم بنينا من خيال حولنا) عندما صعد شخص من الجمهور على المسرح وأصر على تقبيل قدميها تنتهي فترة الستينات بوفاة جمال عبد الناصر في 28 سبتمر 1970 وكانت وقتها تغني في أحد الحفلات بروسيا فعادت إلى مصر وغنت (رسالة إلى الزعيم) من تأليف نزار قباني وألحان رياض السنباطي عام 1970 ترثي بها عبد الناصر بعد وفاته.