قضت اليوم الأربعاء، محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطرة، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية المستشارين الدكتور عادل السيوي وحسن السايس، وأمانة سر حمدي الشناوي، بمعاقبة محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان، ونائبه خيرت الشاطر، و4 آخرين بالسجن المؤبد. كما قضت ببراءة محمد البلتاجي وعصام العريان وسعد الكتتاني و3 آخرين من قيادات الجماعة، فضلًا عن انقضاء الدعوى الجنائية عن محمد مهدي عاكف، المرشد الأسبق للجماعة لوفاته، في إعادة محاكمتهم بالقضية المعروفة إعلاميًّا ب "أحداث مكتب الإرشاد". واستهل المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس محكمة جنايات القاهرة، حُكم اليوم بتلاوة الآية الكريمة " وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ". وتواصلت كلمة القاضي بالإشارة الى أنهم يعلمون بداخل أنفسهم أن نفوسهم الحاقدة، وضمائرهم الميتة، واستعدادهم الفطري للخيانة هي السبب في المصير الذي وصلوا إليه، وتابعت بأنهم دومًا في خصومة مع وطنهم يبحثون عن موقف ينصبون فيه أنفسهم رموزًا وطنية. وتتابع القاضي بأنهم مبدون في تأجيج الصراع، وتزييف الحقائق، وتضليل الرأي العام، ويتفنون في المغالطات، وركوب أمواج التزلف وتشويه صورة الوطن، وتواصلت الكلمة القوية بتأكيد القاضي "لا يحملون أي رسالة بل يؤدون دورًا كلفوا به". ولفت رئيس المحكمة إلى تغنيهم بشعارات براقة تجذب البسطاء ومنها حقوق الإنسان و الحرية، وتابع :"تمادوا في غيهم، دمروا الأمنة وروجوا الضلالات". وشددت الكلمة على أن سعيهم لم يأتي لإصلاح خطأ، ولكن لتفريق أمة وتدمير شأنها، ونشر الفتن و الفوضى، وأن غايتهم كانت الاستيلاء على الحكم ولو بهدم الوطن و نسف استقراره، وهاجمت الكلمة فكرة الاقتتال الداخلية لما لها من آثار وتبعات سلبية، واصفة إياها بال"الهوجاء" التي تشيع الفوضى في المجتمع وتثير الذعر و تفرق الأمة، وتسمج للأعداء بالتدخل في شئون الأمة. وانتقلت كلمة القاضي إلى سرد وقائع القضية مشيرةً الى أنه في بداية 2013، ونتيجة فشل الرئيس الأسبق محمد مرسي في إدارة شئون البلاد ظهرت حركات تدعو للتظاهر ضد حكمه و جماعة الإخوان التي ينتمي لها للمطالبة بعزله ورحيله عن الحكم، وتحدد يوم 30 يونيو لخروج الشعب في جميع أنحاء البلاد للتعبير عن رأيه. ولفتت الكلمة إلى أنه وفي خضم ذلك تملك قيادات الجماعة و على رأسهم المرشد محمد بديع الرغبة في إخماد المظاهرات بالتعدي عليهم للحيلولة دون عزل رئيسهم، وكان ذلك بحث أنصارهم ضرب أي متظاهر يحضر أمام مقر الجماعة لبث الرعب فيهم. وانتقل سرد المحكمة للأحداث بالإشارة الى احتشاد 200 شخص مدججين بالسلاح الناري و الخرطوش داخل مقر الجماعة بالمقطم، وما إن بدأ المتظاهرون السلميون في التجمع حتى بادر المتحصنون بقذفهم بالحجارة، وتابعت الكلمة مؤكدة بأنهم أحدثوا إصابات بسبعة أشخاص إصابات أودت بحياتهم، لم يقصدوا قتلهم ولكن الضرب أفضى إلى موتهم، فضلًا عن إصابة 4 أشخاص بعاهة مستديمة، إضافة الى إصابة 36 شخصًا. وأشارت المحكمة إلى دورها في البحث عن الحقيقة خلال جلسات متعاقبة بلغ عددها 46 جلسة، وقامت باستدعاء 24 شاهدًا، للإحاطة بالدعوى عن بصر وبصيرة، رأت في شهاداتهم إحقاقًا للحق، وأتاحت كل الفرص لهيئة الدفاع للدفاع عن موكليهم شفاهة وكتابة، وحققت المحكمة كل قواعد المحاكمة العادلة، مراعية كافة ضمانات الحقوق الحريات، وأن الأصل البراءة في المُتهم، وبلغت الصفحات ما يزيد 400 ورقة، عكفت على دراسة الوقائع دون كلل أو ملل. وأشارت المحكمة بأنه استقر يقينًا ثابتًا، بأن الواقعة ثابتة في حق بعض المتهمين، فاطمأنت المحكمة لما شهد به شهود الإثبات ومن استمعت إليهم المحكمة، والأدلة الفنية، واقتنعت بالأدلة، وشددت على أنها لن تعول على إنكار المتهمين، ورأت أن ذلك هو وسيلتهم في الدفاع لردء الاتهام عنهم بغية الإفلات من العقاب. وذكرت في ذات السياق، بأنه وبخصوص بعض المتهمين فإن الدعوى حمل صورًا شتى بخصوصهم، وإن كانت تصلح لتكون أساسًا للاتهام، فإنها لا تصلح لأن تكون حكم بالإدانة، فهي لا تؤدي لليقين القضائي الذي يجب أن يتأكد بأدلة مباشرة و غير مباشرة، واقتناع القاضي يجب أن يكون عن يقين.