القشة فى البحر يحركها التيار، والغصن على الشجرة تحركه الريح والنجاح تحركه الإرادة.. صاحب الحياة السعيدة لا يكتبها، بل يحياها... وكذلك الرجل الإنسانية فى قاموسه ليس بالكمال أو العصمة من الخطأ، وإنما بالكلمة الطيبة. الذين ولدوا فى العواصف، لا يخافون هبوب الرياح أبدا، وهكذا الرجل ربما لعمله الأمنى فى مستهل حياته، ودوره الرقابى فى مرحلة أخرى السر فى واقعيته.. ممدوح أبوالعزم رئيس مجلس إدارة صندوق حماية المستثمر.. التاريخ فى فلسفته دروس، يجعله أقدر على اتخاذ القرارات الحاسمة فى الوقت المناسب، والحكمة مستمدة إما من القراءة، أو الذين عمل معهم أو التقى بهم. لم يتبدل تفاؤل الرجل منذ التقيته من عامين بمكتبه فى شارع الجمهورية، نفس الحماس والتفاؤل الذى يحمله، وقتها توقع تعافى المشهد لإيمانه بقوة الاقتصاد، واليوم يستكمل مرحلة التعافى.. يقول: «إن ما شهده الاقتصاد خلال الفترة الماضية بمثابة قفزة للامام، ويكفى أننا لم نتراجع، ويتدهور الوضع مثل دول عديدة بالمنطقة، شهدت اقتصادياتها تدهورا شديدا، وباتت معرضة للافلاس، عكس المشهد للاقتصاد الوطنى الذى يتبع المسار الصحيح». أقاطعه قائلا: لكن رغم ذلك إلا أن رجل الشارع لم يجن ثمار الإصلاح بعد. يجيبنى قائلا: إن لكل داء دواء، وغالبا ما يكون الدواء مرا، ولا مفر من تحمله، والمرحلة الماضية هى إعادة هيكلة، وثمار الإصلاح بدأت تتكشف فى العديد من القطاعات، وهو مؤشر جيد أن المواطن البسيط سوف يجنى ثمار الإجراءات الإصلاحية خلال عام 2020. الرجل يحترم التخصص، وعدم الخوض فى تفاصيل لدى غيره، لكن يتحدث عن المشهد بتحليل المواطن، يعتبر أن الإجراءات الإصلاحية تسير بالتوازى فى كافة الاتجاهات، وليس اتجاها واحدا، حيث تعمل الحكومة فى مسارات متعددة فى التعليم، الصحة، الطرق والخدمات، والكل يتحقق وفق استراتيجية متكاملة. الدقة وتحديد الكلمات فى موضعها من سمات شخصيته، حينما يتحدث عن شريحة الرجل البسيط، يتكشف فى ملامحه حزنا شديدا، يعتبر أن رضاء الفلاح وأصحاب المعاشات، هما المؤشر الحقيقى لنتائج وثمار الإصلاح الاقتصادى، خاصة فى ظل الجنون الكبير لمدخلات الزراعة، من سولار وأسمدة، وبذور، وعمالة، وكلها أعباء ثقيلة على الفلاح البسيط، الذى يواجه مشكلات بالجملة، عندما لا يسد ثمن المحصول تكاليف زراعته، وأمام الحكومة تقديم الدعم حرصا على الرقعة الزراعية، ونفس الأمر بالنسبة لاصحاب المعاشات باعتبارهما الشريحة التى تمثل قطاعا عريضا من المجتمع. الواقعية، تزيد من تقبل الآخرين للأمر، وتقلل من الجدال، من هنا يكون حرص الرجل عليها، حينما يحدد رؤيته فى السياسة النقدية، يكتفى بالقول «أنها فى مسارها الصحيح، ويكفى أن نتائجها كانت إيجابية على الاقتصاد، بعد تحرير سعر الصرف، رغم رفع الدعم عن المحروقات، وما تبعه من زيادة فى اسعار السلع، ولكن واجهت الحكومة ذلك بالإجراءات الحمائية التى خففت بعض التداعيات من خلال برامج كرامة وتكافل، من أجل العمل على تحسين جودة الحياة. نفس الأمر بالنسبة للسياسة المالية، ودورها فى استقرار المشهد الاقتصادى، من خلال الايرادات، والعمل على ضم القطاع غير الرسمى إلى منظومة الدولة، من خلال حزمة محفزات، وإعفاءات ضريبية قادرة على جذب قطاع عريضة من العاملين بهذا القطاع. لا يزال ملف الاستثمار رغم المستجدات التى مر بها، وساهمت فى دعمه، ودور عملية التطوير بالتعديلات، وتقديم المزيد من التسهيلات والمحفزات، يثير جدلا واسعا بين المراقبين، إلا أن «أبو العزم» له رؤية خاصة فى ها الملف، حيث يعتبر، أن الإجراءات، والتعديلات فى القوانين، ساهمت فى ميلاد جديد للاستثمارات، فى ظل بيئة ملائمة، لاستقطاب المستثمرين الأجانب». للتجارب حكايات فى مشواره الطويل، عندما يتحدث عن القطاعات القادرة على قيادة قاطرة الاقتصاد، يحددها فى الانتاج والتصدير، لما يحظى به من إحلال محل الواردات، والقدرة على توفير العملة الصعبة، وكذلك الصناعات الغذائية، والبترول، والسياحة. المثالية، والوضوح، والصراحة فى الرأى من أساسيات الرجل، يعتبر القطاع الخاص من الركائز الأساسية فى مستقبل التنمية، والنمو الاقتصادى، وأمام الحكومة القدرة على دعمه من خلال التيسيرات، والحوافز، فى ظل التركيز على النماذج الوطنية الجيدة، التى هدفها المصلحة العامة. يبحث عن الحكمة والواقعية، فى ظل أرتباك المشهد بملف الطروحات، يعتبر الرجل الفرصة لا تزال قائمة لاستفادة الحكومة من برنامج الطرح، نتيجة لتحسن السوق المالى مقارنة بالأسواق الأخرى. تنمية الصعيد، وملف قناة السويس من الموضوعات التى يشدد عليها، وضرورة الاهتمام بها من أجل توفير فرص عمل، والمساهم فى الحد من البطالة، بما يساهم فى التنمية الاقتصادية. هدوء الرجل لا يعنى سوى انشغاله بالعمل فى الصندوق، يفتش دائما عما يضيف للصندوق، لما يحمله من أمان للسوق، والمستثمرين، لم تعد إيرادات الصندوق بمفهومها التقليدى، من التعاملات، بل يعتمد على الاستثمار فى عوائد هذه الايرادات، وقد نجح الصندوق فى تغطية كل الحالات المتضررة من عمليات النصب، أو الاغلاق للمخالفات، والتجاوزات، وكذلك دعم عمليات التطوير والبنية التكنولوجية، والمعلوماتية لشركات السمسرة بنحو 12 مليون جنيه لنحو 132 شركة. لم يكن ذلك فقط من الاهتمامات للصندوق، ولكن الاستراتيجية المحددة تحمل المزيد من الدعم، خاصة الدراسة الجارى إعدادها عن مدى كفاية رأس المال لتعويض العملاء، والمتعاملين عن الأضرار الناتجة عن المخاطر غير التجارية، وكذلك جارى صدور قرار تخفيض الاعباء عن المتعاملين فى البورصة، بنسبة 50% لتكون واحد فى العشرة الألف من قيمة المعاملة المسجلة فى الفاتورة بدلا من 2 فى العشرة الأف، مما سوف توفر على المتعاملين أكثر من 50 مليون جنيه، وصرف تعويضات للمتضررين خلال 2018 بنحو 2.9 مليون جنيه يظل الشغل الشاغل أمام الرجل تقديم المزيد للسوق من خلال الصندوق، والعمل على زيادة الحد الأقصى للتعويضات للرصيد النقدى والمحفظة، وكذلك الوصول باجمالى حجم الأموال المستثمرة فى الصندوق إلى 3 مليارات جنيه مع النصف الثانى من العام القادم. تظل عقيدته فى العمل تقييم ما حققه، وحساب النفس أمرا لا مفر منه، لكن يظل يبحث عن تقديم كل ما يساهم فى تنمية وحماية المتعاملين بالسوق.. فهل ينجح فى تحقيق ذلك؟