مكة المكرمة - عبد المنعم البراشي : أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي ، المسلمين بتقوى الله - عز و جل. وقال في خطبة الجمعة اليوم: اتقوا الله فإن تقواه أفضل مكتسب، وطاعته أعلى نسب، لقد فضل الله تعالى بعض خلقه على بعض اصطفاء منه واختيارا ، وتشريفا وتكريما، فاختار سبحانه من الأمكنة : مكة والمدينة ، وبارك حول بيت المقدس ، واختار من الأزمنة أوقاتا وأياما وشهورا ، يفيض فيها على عباده بكرمه وفضله بما لا يفيض في غيرها ، فالسعيد من اغتنمها بزيادة الطاعات ، و تعرض فيها للنفحات والبركات . و أردف : إن مما اختصه الله من الأزمنة الأشهر الحرم ، والتي نص عليها في كتابه ، و حرمها يوم خلق السماوات والأرض ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : " إن الله اختص من الأشهر أربعة أشهر جعلهن حراما ، وعظم حرماتهن ، و جعل الذنب فيها أعظم ، والعمل الصالح والأجر أعظم ، وهذه الأشهر الحرم بينها الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبته العظيمة في حجة الوداع فقال : " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ، ثلاثة متواليات : ذو القعدة - ذو الحجة - المحرم ، و رجب الذي بين جمادى و شعبان . و أضاف " المعيقلي " شهر الله المحرم عظمه الله و شرفه ، وأضافه سبحانه إلى نفسه ، و كانت العرب في جاهليتهم يعظمونه ، فيا معاشر المؤمنين ،إذا كان احترام الأشهر الحرم أمرا ظاهرا متوارثا عند أهل الجاهلية ، أفلا يكون حريا بالمسلم الذي هداه الله أن يعظم ما عظم الله و رسوله ، فيحجز نفسه عن الذنوب و العصيان ، و ينأى بها عن أسباب الإثم و العدوان ، وأن يترفع عن دوافع الهوى ، و مزالق الشيطان ، و إن من أعظم ظلم النفس الإشراك بالله تعالى . و تابع بالقول : إن من عظيم فضل الله تعالى على عباده أن جعل آخر شهر في العام شهر عبادة وطاعة ، و أوله شهر عبادة وطاعة ، فيفتتح المؤمن عامه بطاعة الله ، و يختتمه بطاعة الله ، وإن من أعظم الأعمال التي يحرص عليها المسلم في شهر الله المحرم وغيره صدقه وإخلاصه في توحيد ربه ، وإفراده بالعبادة وحده لاشريك له ، والتقرب إليه بأداء الفرائض والإكثارمن النوافل ، فمن فعل ذلك فاز بمحبة الله ، و إن من أعظم النوافل أجرا صيام التطوع ، فقد قال صلى الله عليه و سلم : " من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا " وخص صلى الله عليه وسلم بذلك شهر الله المحرم ، فالصوم فيه من أفضل القربات ، و أجل الطاعات . و شدد فضيلته بأن اليوم العاشر من المحرم له فضل عظيم ، و حرمة قديمة ، فقد نجى الله تعالى فيه موسى عليه السلام من فرعون و قومه ، فكان نبي الله موسى يصومه شكرا لله تعالى ، و قال صلى الله عليه و سلم نحن أحق بموسى فصامه ، و أمر بصيامه ، و من السنة في صيام عاشوراء أن يصام يوم قبله ، و عندما سئل الرسول عن صيام يوم عاشوراء قال : أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ، فهذا من فضل الله علينا أن جعل بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة ، و الله ذو الفضل العظيم ، فلنحرص على اغتنام المواسم المباركة التي يتنافس فيها المتنافسون ، و يقبل فيها المجدون .