تنتهى اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بعد غد "الأحد" من صرف وتلقى استمارات الترشح لمنصب رئيس الجمهورية من الراغبين في خوض الانتخابات الرئاسية المصرية لعام 2012، وتجاوز عدد المرشحين من الأحزاب والقوى السياسية والأفراد الذين تقدموا من تلقاء أنفسهم حتى الآن 1200 مرشح محتمل و13 مرشحًا رسميًا. وتقوم اللجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات والتي اتخذت من قصر الأندلس مقرا لها عقب غلق الباب وانتهاء المدة المحددة لاستقبال المرشحين والتى استمرت من 10 مارس الماضى وحتى 8 أبريل الحالي بالاستمرار فى عملها لتلقى الطعون والتأكد من سلامة الإقرارات واستبعاد من لا تنطبق عليه الشروط، وربما تحمل الساعات ال 48 المتبقية على إغلاق باب الترشح مفاجآت جديدة من العيار الثقيل تقلب الموازين رأسا على عقب . وتجىء الانتخابات الرئاسية القادمة لتصل بمصر من مرحلة الى أخرى، حيث تكتسب هذه الانتخابات بعدًا جديدًا فى تاريخ مصر الحديث أصبح فيها الشعب هو الحاكم الحقيقي القادر على إسقاط الرئيس في أى لحظة، كما تعد أول انتخابات رئاسية تعددية حقيقية، تنوع فيها المرشحون حول كرسى الرئاسة ما بين شخصيات مرموقة ذات تاريخ سياسي واجتماعي وشخصيات أخرى من فئات متنوعة وبسيطة تسعى الى الشهرة والأضواء. ومع ضبابية المشهد السياسى وبدء العد التنازلي لعمل اللجنة باتت المعركة الانتخابية أشد التهابا وسخونة فى ظل ما تشهده الساحة السياسية المصرية من تقلبات ومعطيات جديدة تؤثر على ميزان التصويت وتهدد العملية السياسية التى يعول عليها الكثيرون آمالهم فى أن تحسم لصالح رئيس مدني يتولى إدارة البلاد قبل شهر يونيو المقبل . وتقع الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها مصر في المرحلة القادمة في نطاق إعادة ترتيب البيت المصري من الداخل والتى تولى مراحلها المجلس العسكرى من خلال خارطة طريق وضعها وانتهجها لضمان الانتقال السلمى للسلطة والتى قاربت مراحلها المختلفة من النهاية المفترضة بعد أقل من 3 أشهر . وتأتى مراحل ترتيب البيت المصري في ظل ظروف صعبة وتحديات خطيرة تواجه مصر خاصة في مرحلة اختيار الرئيس، حيث يعد هذا الفصل من أشد الفصول عنفا ويبقى الأمل متعلقا على الإرادة الحرة للناخب المصري وقدرته على اختيار الأصلح . ويرى المراقبون أن هوس الترشح للرئاسة والظواهر الرئاسية التى طرأت على الكثيرين ودفعتهم لدخول ماراثون الرئاسة، أشعل المعركة ونالت من هيبة المنصب الذي لا يجب التعامل معه على أنه فرصة عمل أو بوابة للشهرة باعتباره أرفع منصب في البلاد، وشتت المواطن العادي فأصبح السؤال الشائع فى الشارع المصرى بين المواطنين هو "من ستنتخب رئيسا لمصر؟" والايام القادمة هى التي ستجيب عن هذا التساؤل، فلا أحد يعلم من المرشح الذى ستمكنه قدراته بالوصول لكرسى الرئاسى المنشود، وبالرغم من وصول عدد من المرشحين المحتملين الى رقم قياسى لم تشهده مصر من قبل لدرجة أنه فاق عدد من تولى حكم مصر منذ الفتح الاسلامى وحتى الآن إلا أن ذلك يمكن اعتباره مرآة عكست تصريحات المرشحين المحتملين مطالب الشعب وأمانيهم في كافة المجالات مما يعد رسالة للرئيس القادم تناشده بالسعي الدائم والدءوب الى تحقيق آمال وطموحات البسطاء من الشعب الذين تصوروا انهم قادة التغيير القادم. ويرى المراقبون السياسيون، أن عام 2011 منح فرصة فريدة لمصر لإنجاز خطوة مصيرية بنجاح ثورة شبابها جاءت وليدة لعمل شاق وجهد ودماء الشهداء، ولكى يصل الشعب بثورته الى منتهاها ويحقق آماله فمن حق مصر الثورة أن يحكمها "رئيس" له برنامج يحقق أهدافها فى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وفى انشاء دولة ديمقراطية مدنية حديثة ومتقدمة يقودها رئيس قادر على تأسيسها. والمسلمات تجزم بأن من سيعتلى هذا الكرسى هو صاحب القاعدة الشعبية والقبول العام والاجماع في معركة يحسمها الصندوق الانتخابى ، الذى يتحكم فيه البرنامج السياسى والاجتماعى والاقتصادى لكل مرشح رئاسي ، وسيتم بموجب هذا البرنامج تحديد هوية رئيس مصر القادم واعتلائه كرسى الرئاسة ..ذلك البرنامج الذى سيحاسبه عليه الشعب وليس على مواصفاته الخطابية او الشخصية او انتمائته الحزبية والعقائدية . وصعود الرئيس الجديد لمصر رهن برضا الشعب وقدرته على تحقيق آمال وطموحات البسطاء القادرين على اسقاطه ومحاسبته فى أى لحظة من ميدان التحرير بعدما حطمت ثورة 25 يناير حاجز الخوف بداخلهم خاصة اذا تضمن الدستور الجديد صلاحيات للرئيس القادم لاتمنحه قدرات ديكتاتورية . وتكتسب الانتخابات الرئاسية القادمة بعدا جديد فى التاريخ المصرى حيث تعد نقطة تحول كبرى فى تاريخ مصر المعاصر ، واذا أحكم الشعب اختيار رئيسه فسيظل يوم 25 يناير على مدى الايام شهادة فخر واعتزاز لكل المصريين ، ويضمن له اختلافا تاما فى الأرضية السياسية فى مصر فى غضون عام . والدليل للناخب المصرى لكى يكون اختياره لرئيس مصر القادم صحيحا ، هو أن يتسم الرئيس بامتلاك رؤية استراتيجية وآفاق واسعة للتفكير والتخطيط والعمل على المدى الطويل مع معرفة عميقة بالاولويات والمسارات الرئيسية للعمل والقدرة على التفكير الابتكارى والسعى والتغيير الايجابى ، وأن تكون لديه الشجاعة للاعتراف بأخطائه والتراجع عنها وتحمل مسئوليتها الى جانب منظومة اخلاقية تتسم بالصدق والامانة والشجاعة والعدل ونظافة اليد وطهارة الضمير وتقبل الأخر والمرونة والقدرة على الصمود وقبل كل ذلك أن تكون لديه سمات القيادة والزعامة وألا يعزل نفسه خلف الأسوار.