لقد ثبتت الرؤية وأثبت الإخوان بما لا يدع مجالاً للشك أنهم يريدون السيطرة على كل مقدرات الوطن والتكويش على كل السلطات.. يقولون مالا يفعلون ويمارسون السياسة بميكيافيلية بحتة «الغاية تبرر الوسيلة».. يتحدثون عن المصداقية ويمارسون عكسها تماماً حين قالوا إنهم لن يرشحوا أكثر من 35٪ من أعضاء مجلس الشعب للحصول على نسبة 30٪ من المجلس.. راحوا ورشحوا مرشحين على كل المقاعد وحصلوا على ما يقرب من 45٪ من أعضاء المجلس.. وحصلوا على أكثر من 50٪ من مقاعد مجلس الشورى.. صدعونا بالحديث عن المشاركة وليس المغالبة وقد كان فعلهم عكس كلامهم عندما سيطروا هم والسلفيون علي أكثر من 70٪ من الجمعية التأسيسية للدستور مما أثار غضب كل القوى السياسية والشارع المصري لأنهم يريدون تفصيل دستور على مقاسهم ومزاجهم.. ثم كانت الطامة الكبرى حين أعلنوا ترشيحهم للمهندس خيرت الشاطر كمرشح لرئاسة الجمهورية.. رغم انهم وعلى كل المستويات في جماعة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعادلة أكدوا مرات ومرات أنهم لن يرشحوا أحداً لرئاسة الجمهورية.. إنها تمثيليات وسيناريوهات وتوزيع أدوار بينهم وبين المجلس العسكري في اطار من عدم الشفافية وعدم الوضوح ومصارحة الشعب بالحقائق.. لأن المجلس العسكري لو كان يرفض دخول خيرت الشاطر كمرشح للاخوان في الانتخابات الرئاسية لما رفع عنه الأحكام وعفا عنه.. ولظل الشاطر مدانا ومحظوراً عليه ممارسة العمل السياسي.. ولكنها تمثيليات وتوزيع أدوار بين الاخوان والمجلس العسكري. زعموا كثيراً أن الاخوان لن يقبلوا على السيطرة على مقاليد الحكم في البلاد ولكنهم يفعلون عكس تصريحاتهم.. سيطروا على البرلمان ويريدون تشكيل الحكومة وهذا حق لهم لأنهم حصدوا الأغلبية في مجلس الشعب وقد يحصلون على ما يريدون ثم جاء الدور للحصول على مقعد رئيس الجمهورية.. هل هذا هو هدفهم؟ ليس ذلك سعياً للسلطة كما يزعمون.. وإذا كان حصولهم على كل المقدرات في الوطن أليس هذا تكويشاً وسيطرة على الوطن؟.. من يكشف لنا حقائق التمثيلية بين الاخوان والمجلس العسكري؟.. وإذا كان ما يقولونه ويفعلونه غير متسق تماماً أليس هذا كذباً.. وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؟.. الاخوان متعجلون وطموحهم جارف في السيطرة على مقدرات الوطن.. وما لم يدركوا خطورة الموقف لأصبحت هناك ثورة وبالتالي تكون مصر على موعد جديد مع ثورة شعبية للتخلص من ديكتاتورية حزب الحرية والعدالة، كما تم التخلص من الحزب الوطني المنحل والرئيس المخلوع حسني مبارك.. تصرفات الاخوان تثير غضب القوى الوطنية وخاصة عندما شكلوا الجمعية التأسيسية ب 50٪ من داخل البرلمان و50٪ من خارجه.. ولكن المحصلة النهائية هو سيطرتهم على لجنة اعداد الدستور ضد ارادة كل القوى الوطنية والأحزاب الليبرالية.. ترى ماذا سيفعل تحالف الاخوان والسلفيين؟.. رغم أن كل الشواهد تؤكد عدم توافقهم لاختلاف الرؤى.. ولكنهم توافقوا من أجل عمل دستور على هواهم وعلى طريقتهم الخاصة!! ما فعله الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب والشورى لانتخاب اللجنة التأسيسية للدستور هو جريمة في حق الوطن وتمثل احتكاراً غير مسبوق للجنة اعداد الدستور.. كما كان يفعل الحزب الوطني المنحل.. وهذا حتماً سيجعل نهايتهم محتومة ونفس المصير.. لقد جاءوا ب 50 نائباً من مجلسي الشعب والشورى أغلبيتهم ينتمون الى حزبي الحرية والعدالة والنور السلفي.. بل جاءوا بال 50٪ الاخرين ممن ينتمي الى الاخوان أو يتوافق معهم من الاحزاب والقوى السياسية الاخرى.. ها هو برلمان الجنة والنار يذهب الى وضع دستور الجنة والنار «للموحدين» وليذهب جمهور المواطنين الى الجحيم.. انهم يضعون مصر بسبب محاولات الاستيلاء على مقدراتها السياسية والاقتصادية.. هناك عوار في مسألة الأغلبية التي تهيمن وتسيطر وتقرر لأن هناك 270 عضواً هم اعضاء مجلس الشورى المنتخبون جاءوا بنسبة 7٪ من اصوات الناخبين بسبب رفض المواطنين لهذا المجلس الذي لا يحقق نفعاً للوطن.. فهل نريد دستوراً مشكوكاً فيه وسيلقي حتفه متى عرضت الطعون عليه أمام المحكمة؟ ليس من العدل أن يتحكم البرلمان في وضع الدستور لأن هذا البرلمان مطعون عليه أمام المحاكم وقد يتم حله إذا ما صدرت احكام قضائية في هذه الوقائع.. وبالتالي تصبح اللجنة التأسيسية مطعوناً عليها أيضاً.. ثم أليس هناك مبدأ قانوني صدر في حكم عن المحكمة الدستورية العليا في تسعينيات القرن الماضي والتي تؤكد أن المخلوق وهو البرلمان لا يصنع الخالق وهو الدستور.. فكيف يصنع البرلمان الدستور ولماذا لا نتقي الشبهات؟ لقد قام الإخوان بحشد أعضاء البرلمان من أجل السيطرة علي الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.. وكانت «البطاقة الدوارة» حيث تم وضع أسماء بعينها يتم اختيارها وقد كان لهم ما اختاروا حيث تم اختيار الأسماء التي وضعوها اضافة الي القائمة الاحتياطية أيضا.. لقد ألغوا شخصية النواب في البرلمان من خلال التعليمات ومبدأ السمع والطاعة الذي يتعاملون به «الطاعة العمياء»، ولقد عمد الدكتور سعد الكتاتني الي ترشيح نفسه لرئاسة اللجنة التأسيسية للدستور رغم مشاغله كرئيس لمجلس الشعب في هذه الظروف الصعبة ولكن لأن الهدف هو السيطرة والتكويش علي السلطات كان قرار الكتاتني كما كان يفعل الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب السابق لقد فسروا المادة 60 من الإعلان الدستوري على هواهم حين فرضوا 50٪ من أعضاء مجلسي الشعب والشوري كأعضاء في البرلمان.. أما وضع الدستور فله رجاله وخبراؤه القانونيون والدستوريون وعلماء طب وهندسة واجتماع وآداب وفنون.. هل يمكن أن تكون هناك لجنة تأسيسية لإعداد الدستور دون مشاركة قوية للأزهر الشريف والكنيسة الأرثوذكسية وكتاب مصر وأدبائها.. كيف تكون هناك لجنة لإعداد الدستور دون مشاركة الدكاترة ابراهيم درويش ونور الدين فرحات ويحيي الجمل وغيرهم من أساطين القانون الدستوري؟ كيف تكون هناك جمعية تأسيسية للدستور لا تضم الدكاترة أحمد زويل ومجدي يعقوب وفاروق الباز ومحمد النشائي ومصطفي السيد؟ ويضمون في عضويتها صول سابق في الجيش حاصل علي ليسانس حقوق!! لقد قامت ثورة 25 يناير لإعلاء مبادئ العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية ورغم مرور أكثر من 16 شهرا عليها لم يتحقق هذا الحلم.. بل زاد الخراب الاقتصادي والغلاء الفاحش ولم تتحقق العدالة الاجتماعية من قريب أو بعيد.. تحدثوا عن الحد الأدني والأقصي من الأجور ولم يتحقق شيء علي أرض الواقع.. حكومة نائمة وبرلمان تحول الي مكلمخانة ونواب كل همهم الظهور الإعلامي داخل المجلس مساء وصباحا علي شاشات الفضائيات.. فهل ضاعت الثورة وسط هذا الضجيج وذهبت دماء الشهداء والمصابين هباء منثورا.. ماذا تغير في مصر منذ قيام الثورة رغم وجود برلمان جاء من خلال انتخابات حرة وشفافة غير مسبوقة في تاريخ البلاد؟ لا شىء تغير لأن هذا البرلمان حصل التيار الإسلامي علي أغلبيته وعملوا من أجل مصلحتهم علي حساب مصالح الوطن والمواطنين! لقد جاء الإخوان بمبدأ المشاركة لا المغالبة ولكن حقيقة الأمر انهم أصبحوا يختارون كل شيء بدءا من مجلس الشعب ثم الشوري ثم الجمعية التأسيسية للدستور ثم يعملون علي سحب الثقة من الحكومة وبالتالي التوجه الي تكليفهم بتأسيسها ثم الآن يرشحون خيرت الشاطر رئيسا للجمهورية،.. فهل يأتي الدور عليهم لترشيح واحد منهم لمنصب شيخ الأزهر.. أطال الله بقاءه.. وها هو المقعد البابوي شاغرا فالباب مفتوح أمامهم أن يرشحوا أحدهم ليكون بابا للأقباط المصريين خلفا للبابا شنودة.. ماذا يريد الإخوان وماذا سيفعلون بمصر في ظل احتكارهم لكل شيء في مصر؟ الأمر بات خطيرا وينذر بصدام خطير داخل المجتمع بين مختلف القوي الإسلامية وغير الإسلامية لابد من عقلاء في الوطن ينشلونه من الكارثة التي يقوده الإخوان اليها.. مصر تعود الي زمن الحزب الواحد، انقذوا الثورة من احتكار الإخوان المسلمين.