تحقيق: نشوة الشربينى / إشراف : نادية صبحي لا ترتقى الأمم إلا بالعلم وعقول علمائها النابغة.. فبذلك تبنى الدول وتتقدم فى كافة المجالات العلمية، وهو ما يؤكد أهمية الاستفادة من العقول والكفاءات العلمية المهاجرة إلى الخارج، باعتبارهم عماد الأمة وأملها فى بناء الوطن وتقدمه - وفق التوسع لتنمية مستدامة اقتصادياً وصناعياً وزراعياً وبيئياً وصحياً، ومن ثم يؤدى تطبيق الإبتكارات العلمية، لإحداث نقلة تكنولوجية كبيرة، وتحقيق السيادة الوطنية، مما يدفع عجلة التقدم والتطوير والتنمية المستدامة. فى مصر، يوجد 127 ألف باحث فى كافة القطاعات.. و73.2% منهم حاصلون على درجة الدكتوراه، يواجهون حزمة من العراقيل والصعوبات فى مجال الاختراعات الابتكارية - ما يؤدى إلى تعثر المشاريع التنموية، أبرزها البيروقراطية، وغياب التمويل، وضعف آليات التطوير والتحديث، مما تسبب فى هروب الكفاءات العلمية للخارج. وذلك يستلزم وجود خطة استراتيجية قادرة على دعم ورعاية الباحثين والمبتكرين المصريين، وتعزيز قدراتهم على الإبداع والاختراع داخل وطنهم، وتوفير الميزانية الكافية للبحث العلمى فى مصر، وكذلك تطوير التشريعات المصرية، التى تحكم التنظيم والإدارة، والأداء فى المعاهد والمراكز البحثية، والتنسيق بين جهاته المتعددة، مما يساهم فى تطوير المخترعات الحديثة، وحماية الحقوق الملكية الفكرية، بما يتلائم مع الظروف الحالية. وإجمالى الكفاءات العلمية المهاجرة - حسبما يؤكد إحصاء صادر عن جهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء - فإن 318 ألفاً فى الولاياتالمتحدة، و90 ألفاً فى إيطاليا، و70 ألفاً فى استراليا، و60 ألفاً فى اليونان، و40 ألفاً فى هولندا، و36 ألفاً فى فرنسا، و35 ألفاً فى بريطانيا، و25 ألفاً فى ألمانيا، و14 ألفاً فى سويسرا، و12 ألفاً فى أسبانيا، و10 آلاف فى كندا. جامعة الطفل.. مشروع «عالم كبير» «جامعة الطفل» هى بمثابة الحاضنة للموهوبين والمبتكرين الصغار ولتزويدهم بالمهارات والمعرفة العلمية والعملية، وذلك بمساعدة مجتمع الجامعة، وهو ما يمثل حافزاً لتشكيل وعى الطلاب، وتنميتهم فكرياً وإبداعياً فى المجالات كافة، وإخراج الابتكارات الواعدة إلى حيز التنفيذ، بما يساهم فى خدمة المجتمع. الدكتور ممدوح نصار، عضو لجنة المشاريع البحثية، المنسق العام لمشروع جامعة الطفل بجامعة القاهرة، يقول: مشروع جامعة الطفل يعمل وفق برنامج علمى ثقافى لاكتشاف المواهب فى سن مبكرة للأطفال الموهوبين، ونرعى 120 طفل سنوياً أى ما يقرب من نصف عدد المتقدمين، وينفذ هذا المشروع المجانى فى كافة محافظات مصر.. وإن كانت الجامعة تهدف إلى تنمية وتطوير مهارات الصغار فى 8 مجالات، تشمل العلوم التاريخية والتكنولوجية والإبداعية والهندسية والطبية، وكذلك مجالات المياه والطاقة والبيئة وتدوير القمامة، عبر إجراء التجارب والمشاريع العلمية فى كافة المجالات، من خلال ورشات عمل متخصصة ومعامل الجامعات، حتى يمكن تزويدهم بالمعرفة والأدوات اللازمة والتوصل إلى استنتاجات عملية، ويستمر هذا البرنامج لمدة شهر كامل، ويشرف عليه مجموعة من أساتذة الجامعات فى جميع التخصصات. أفكار المستقبل.. دعامة التنمية وأوضح – عضو لجنة المشاريع البحثية - أن كل طفل لديه اختراع أو فكرة مبتكرة، يتقدم بطلب الانضمام إلى المشروع عبر الموقع الإلكترونى للأكاديمية، التى تقوم بدورها بإرسال الطلبات إلى الجامعة، لكى يمكننا مساعدته على تنفيذها، وهذه الخدمة تقدم للمتقدمين بالمجان، الذين تتراوح أعمارهم من ( 8 - 14) سنة. وأشار – عضو لجنة المشاريع البحثية - إلى أن مشروع جامعة الطفل كبرنامج قومى، يسعى عبر آلياته إلى فتح باب الأمل أمام عدد كبير من صغار المبتكرين، ودعم أفكارهم الناجحة وتحويلها إلى ابتكارات ذات قيمة اقتصادية، ونشر ثقافة الابتكار والتواصل مع الطلاب وأعضاء التدريس والموظفين والمجتمع، والمساهمة فى نقل الإبداعات أو الابتكارات الواعدة من الجامعة إلى الصناعة، والعمل ضمن منظومة الابتكار بالجامعة والتميز فى خدمة المبتكرين. ويؤكد – عضو لجنة المشاريع البحثية - أن الأبحاث والدراسات العلمية يمكنها أن تلعب دوراً مهماً، للمشاركة فى التنمية الشاملة، وتنمية موارد الدولة وقدراتها، ومن هنا يجب توفير فرص عمل للمبتكرين، عن طريق إتاحة آليات تنفيذ وتطور البحث العلمى فى مراحله المختلفة وصولاً إلى مرحلة إنتاج المشاريع، والقضاء على الروتين الزمنى الذى يعوق إنجازه، وزيادة الدعم اللازم للنشر العلمى المتقدم، ومحاولة عمل بحوث متميزة من خلال المختبرات وحقول التجارب الموجودة فى مراكزها ومعاهدها البحثية، وتوسيع نطاق الحماية ليشمل كافة الاختراعات بما فيها الاختراعات المتعلقة بالمواد الصيدلانية والكيميائية والكائنات الحية الدقيقة، لأغراض المصلحة العامة، وأن تخصص الميزانيات الكافية للابتكار وتحويل مصر إلى مركز للاختراع، والتركيز بجدية من أجل الحصول على السبق والأولوية فى الاختراعات والاكتشافات الجديدة والحصول على براءة اختراع، باعتباره نتاج جهد وابتكار مخترعين، وتوفير رعاية اجتماعية وتأمين صحى وعلاجى شامل للباحث، مع أهمية تعديل تشريعاتها المتعلقة ببراءات الاختراع، واستحداث أحكام قانونية جديدة تلبى متطلبات التنمية بالمجتمع، واتخاذ التدابير اللازمة لإنقاذ هذه الحقوق من الاستغلال. مشيراً إلى أن مصر فى طريقها لتطوير المنظومة البحثية، حيث حصلت على الترتيب 35 دولياً فى النشر العلمى من بين 233 دولة، والمرتبة 22 عالمياً فى الكيمياء، والمرتبة 31 فى الطاقة، والمرتبة 32 فى العلوم الهندسية، والمرتبة 30 فى الطب، والمرتبة 15 فى العلوم الصيدلانية. أيمن غازى: 7 مراحل للحصول على الاختراع.. ومصر ال17 عالمياً فى علوم الأدوية والسموم الدكتور أيمن غازى، الباحث الاقتصادى، أكد أهمية وجود خطة وطنية شاملة للاستفادة من عقول المخترعين، لنهضة وتقدم أى مجتمع، لكنهم بحاجة إلى من يشعرهم بالأمان والنجاح والتقدير، وإلى من يعطيهم الفرصة الحقيقية للابتكار والاختراع، خاصة أن مصر جاءت فى المركز ال 17 فى علوم الأدوية والسموم. مشيراً إلى أن عدد الباحثين فى مصر بلغ 127 ألف باحث فى جميع القطاعات، منهم 4 آلاف و653 باحثاُ فى القطاع الخاص، كما وأن نسبة 73.2% من عموم الباحثين حاصلون على الدكتوراه – وفقاً لمؤشرات رسمية. وأوضح - الباحث الاقتصادى – ضرورة الاهتمام بملف التعليم والبحث العلمى، وتقديم الدعم والتوجيه خلال كافة المراحل وصولاً إلى مرحلة إنتاج المشاريع التنموية بالتركيز على نقل المهارات، وذلك عن طريق البدء فى تنفيذ برامج طموحة لنقل أساليب التكنولوجيا المتقدمة والملائمة لبناء قاعدة تطوير ونقل واستحداث تكنولوجيا يكون لها دور فى تطوير الإنتاج، وإعداد أجيال جديدة من أصحاب المهارات القادرين على استيعاب تكنولوجيا المعلومات وتوظيفها فى خدمة التنمية، مع وجود ميزانية كافية للبحث العلمى فى مصر، وأيضاً الاستفادة من خبرة العاملين المصريين فى الخارج، والذين يعملون فى مجال الأبحاث والدراسات التكنولوجية التى تساهم فى تطوير المخترعات الحديثة بما يتلاءم مع الظروف الحالية، بما يمكننا من تطوير المنتجات المحلية للمنافسة فى الأسواق العالمية، بالإضافة إلى تطوير التشريعات المصرية التى تحكم التنظيم والإدارة والأداء فى المعاهد ومراكز البحث العلمى والتنسيق بين جهاته المتعددة، وكذلك إصدار تشريعات جديدة فى مجال حقوق الملكية الفكرية، بما يتوافق مع القوانين الدولية للمساهمة فى تطوير مختلف المجالات. تجارب ناجحة ونوه بأن معظم دول العالم تقوم على تطوير البحث العلمى منها دول سنغافورة وماليزيا وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية وإسرائيل فى مجال رعاية المخترعين، ومصر يمكنها الاستفادة من الصناعات الحيوية القائمة على التكنولوجيا العالية لخدمة أهداف التنمية الشاملة، وكذلك مشاريع المياه والطاقة والزراعة والصحة والبيئة، التى لم يكتب لها الخروج إلى النور حتى الآن، وهو أمر ضروري. وأشار – الباحث الاقتصادى – إلى أن تجاهل الدولة طوال الأعوام الماضية بمجال البحث العلمى، وضع الكثير من العراقيل والصعوبات أمام المخترعين والباحثين، مما جعل الكثيرين منهم فضل الهجرة إلى الخارج، بعدما عانوا من التهميش وعدم الاهتمام فى مجال الاختراعات الابتكارية. «جسور التنمية» لدعم المخترعين بالخارج شيرين صبرى: نبذل كل الجهد للقفز عبر الزمن.. ولدينا 43 مشروعاً يكلفنا 41 مليون جنيه «آلاف المبتكرين والمخترعين المصريين الأكفاء فى كل بلدان العالم، يجتمعون على هدف واحد وهو المشاركة فى العلوم البحثية والابتكارات المؤثرة فى حياة الفرد، والمعززة للاقتصاد المصرى، وهو ما يعكس فى مجمله صورة واقعية لكل الجهد المبذول للقفز عبر «جسور التنمية»، وهى مبادرة إيجابية، أطلقتها أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، للوصول إلى علمائنا فى الخارج، وتقديم الدعم والمساندة لمشاريعهم المبتكرة، وتحويلها إلى واقع فعلى، واكتشاف المبدعين الصغار، وتطوير مهاراتهم وأفكارهم فى مجال الابتكارات، بما يساهم فى خدمة المجتمع. شيرين صبرى، المشرف الإعلامى، المتحدث الرسمى بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، قالت: نعمل وفق مبادرة «جسور التنمية»، وهو برنامج يربط العلماء المصريين فى المهجر بوطنهم الأم، من أجل تنفيذ مشروعات تنموية مشتركة بين علماء الداخل والخارج، حيث يوجد عدد 43 مشروعاً بحثياً بتمويل 41 مليون جنية، للمساهمة فى تطوير الجهود الذاتية، وإحداث التنمية المستدامة فى جميع مجالات الحياة، بالإضافة إلى نقل أحدث المعارف الفنية والتكنولوجيا الحديثة من الدول المتقدمة إلى مصر. وأوضحت - المتحدث الرسمى بأكاديمية البحث العلمى – أن هذه المبادرة تمثل أحد المبادرات التى تمولها أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا بمبلغ يصل إلى مليون جنية للمشروع الواحد، وهو ليس برنامج إعادة توطين الخبراء المصريين فى الخارج ولا مخطط للتوظيف، ولكن لتطوير علاقات قوية والسماح لآلية يمكن أن تسهم بسهولة فى مواجهة التحديات والمشكلات المحلية، كما يتمثل الهدف الرئيسى من البرنامج فى تزايد ارتباط الخبراء المصريين فى الخارج بالمجتمع البحثى الوطنى، بالإضافة إلى العمل على جذب المغتربين ذوى الكفاءات الكبيرة، وذلك باستخدام آلية محددة قادرة على ذلك، كما أن يسمح للمؤسسات البحثية فى مصر بالاستفادة من خبرات المغتربين المصريين فى مجال البحث العلمى، ورؤية التحديات والمتطلبات الخاصة بعملية التنمية على المستوى المحلى، فكلاً من المؤسسات البحثية وعلمائنا بالخارج يستطيعون التقدم وإنشاء ائتلاف خاص بحل مشكلات راهنة. وأشارت إلى أن هذه المبادرة مبنية على الخبرات المتراكمة لبرامج مختلفة مثل برنامج توكتن «نقل المعرفة من خلال المغتربين»، الذى بدأ عام 1980، كما تم تمويله من جانب ال UNDP، فيما بين عامى «1992 – 1994»، اشتركت الحكومة المصرية وال UNDP، فى تكاليف البرنامج، ثم تم تمويل البرنامج بالكامل من جانب الحكومة المصرية منذ عام 1995، كما أصبح البرنامج فيما بين عامى « 2005 – 1980 « قادراً على جذب 443 مغترب مصرى من أمريكا الشمالية، استراليا، أوروبا، والتى تعد الجهات الرئيسية التى تتوجه إليها الهجرات المستمرة. صلاح الدسوقى: تعزيز فرص المبتكرين.. السبيل الوحيد للتنمية والتطور وتحدث الدكتور صلاح الدين الدسوقى، رئيس المركز العربى للدراسات التنموية والإدارية عن أهم العناصر التى تضمن تميز ونجاح المراكز البحثية الدولية. فطالب بضرورة توافر الموارد المالية المستقرة، ومؤسسة علمية متكاملة ومتوازنة لمساندة الباحثين، حتى لا يضطروا للهجرة إلى الخارج، وبما يساعد على تنفيذ مشاريع البحث والتطوير العلمى والتقنى، باعتبارها الدعامات الأساسية للاقتصاد والتنمية المستدامة، وهى ثروات مفقودة.. إذ أحسن استغلالها يمكن أن تحقق الوفرة الإنتاجية فى كافة مجالات الحياة، ولسد الاحتياجات الأساسية، وحل الكثير من المشكلات الحياتية، بما يحقق الكثير من الموارد الاقتصادية للدولة المصرية.