حوار - صلاح الدين عبدالله: عندما يخطئ سهمك لا تفكر ما سبب الخطأ، ولكن اسحب الثانى وفكر كيف تصيب بطريقة صحيحة، فأعظم متعة أن تنجز شيئًا قال عنه الكثيرون إنه مستحيل، وكذلك الرجل حينما حدد طريقه بنى فلسفته على القناعة، باعتبارها حجر الفلاسفة، والسير بثقة للوصول إلى أبعد نقطة. رحلة النجاح، فى عقيدته لا تتطلب أرضًا جديدة، ولكنها تحتاج إلى الرغبة فى تحقيقه، وكل خطوة تكمل ما قبلها،.. لم يدرك أن دراسته فى التعليم الخاص، سوف ترسم له مساره فى بيزنس التعليم ليس بهدف الربح، وإنما بحثًا عن رسالة تسطر فى أجندة ذكرياته، بما ساهمت فى تأهيل جيل يرفع مكانة الوطن. الدكتور وليد يوسف رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة المصرية لنظم التعليم الحديثة... أسلوب حياته ينبئ عن الدراسة بتأنٍ وبطء، وعند اتخاذ القرار يكون الحسم فى سرعته... من يريد معرفة الرجل، عليه أن يفتش عن سر حبه لعمله، فتتكشف أن متعته فى الانشغال بمدرسته وطلابه. الوصول إلى غرفة مكتبه ليس بالأمر الصعب، قد تنتظر وقتًا طويلاً، فلا شىء لديه أهم من انشغاله بالنظام، وسير العملية التعليمية، لون الأتوبيسات الأحمر بالمدرسة، أول ما يلفت الانتباه، وحينما تسأل عن السر، يكون الرد "للحافز والطاقة دور كبير فى النجاح، لذلك سر اللون". عند مدخل غرفة مكتبه، تتبدى صورة تحمل ذكريات حدث هام بحياته، ويبدو أنه قرأ ما بداخلى ليبادرنى قائلاً: تلك أول «طوبة» شاهد على رحلة معاناة طويلة لهذا الصرح التعليمى. جلسنا، وبدأ الرجل أكثر اهتمامًا بمجال عمله، قائلاً «العلم يرفع بيتًا لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف.. نعم العلم يرفع لأعلى المراتب والجهل يرمى بنا إلى أدناها» من هنا كانت نقطة الحوار. يتبدى فى ملامح الشاب الأربعينى اصرار على استكمال حلم سنوات عمره الأولى، بتحقيق رسالته نحو الوطن، وتأهيل أجيال فى كل مراحل التعليم قادرة على الارتفاع بمكانته، وليس رغبة فى المال، فالتعليم لديه ركيزة أساسية فى مجالات الحياة، وبدون خطة تطوير للتعليم، لن تتحقق التنمية، والنمو المستدام. أقاطعه قائلاً إذن كيف يتحقق ذلك؟ يجيبنى قائلاً: إن «أسلوب مناهج التعليم الوطنى يتطلب ثورة تغير شامل تتواكب مع المعايير العالمية فى عملية التعليمية، بالتعليم عن بعد، واستخدام أفضل التقنيات الحديثة، وهو ما تخطط له الدولة، وحال تنفيذها سوف تتغير خريطة التعليم إلى الأفضل. «القُلوبُ البيضاء تكون بلونِ الثلج، والأحلام بنقاء الماء، خيالهم باتساع السماء» هكذا كان أول درس تعلمه من والده فى سنوات عمره الأولى، ليسعى دائمًا إلى تحقيق أهدافه، لكن رغم ذلك، لا ينسى الرجل الخطوات القوية والجريئة للإصلاح الاقتصادى، والتى سوف تعمل على استكمال الحلم، بمستقبل أفضل، بسبب حزمة الإجراءات، التى غيرت خريطة الاقتصاد. يقول «إن المؤشرات تحمل الاطمئنان، مع استقرار سعر الصرف، وانطلاق المشروعات القومية، وتحسن الصادرات، والحد من الواردات، وكذلك التحسن الكبير فى معدلات البطالة والتضخم، ومبادرة البنك المركزى بدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والأمر يختلف عما شهدته المؤشرات فى السنوات الماضية». أقاطعه مرة أخرى لكن ارتفاع معدلات التضخم ساهمت فى زيادة الأعباء على البسطاء. يرد قائلاً: «نعم رغم ارتفاع معدلات التضخم إلا أن الحكومة تسعى فى معالجة ذلك من خلال برامج الحماية الاجتماعية، ولكن مع انحسار الموجة التضخمية، بدأت السياسة النقدية فى الاتجاه التوسعى، بخفض أسعار الفائدة، مما يساهم فى توفير فرص عمل». فى جعبة «يوسف» العديد من الروايات حول السياسة النقدية، حيث يعتبرها تسير فى مسارها الصحيح، خاصة بعد خفض سعر الفائدة، والذى سوف يساعد على جذب الاستثمار المباشر، ليحل محل استثمارات المحفظة التى تعد مؤشر ثقة فى الاقتصاد، رغم الانتقادات التى واجهتها لكونها أموالاً ساخنة لديها القدرة على التخارج سريعًا. «أدرس بتأنٍ شديد، وعند اتخاذ القرار، سارع بالتنفيذ» هو ما تعلمه من والده، حينما يتحدث الرجل على السياسة المالية، يعتبر أنها قادرة على تحقيق استراتيجيتها، من خلال العمل على ضم القطاع غير الرسمى إلى كيان الحكومة، من خلال محفزات، وإعفاءات ضريبية، تعمل على تشجيع هذه القطاعات بالدخول تحت مظلة القطاع الرسمى، على أن تصل الإعفاءات إلى 10% لتشجيع أصحاب الحرف والمهن، وللرجل مقترح فى هذا الصدد يقوم على تخصيص سيارات من هيئة الاستثمار والانتقال إلى هذه المحلات والمصانع للعمل على توفيق اوضاعها. ملف الاستثمار من الملفات التى تشهد جدلاً مثيرًا بين الخبراء حول مدى فاعلية الملف، إلا أن «يوسف» له وجهة نظر خاصة فى هذا الصدد، يؤسس على الاهتمام ببيئة الاستثمار، والعمل على تغيير ثقافة العاملين، بالجهات الحكومية التى تعتمد على سيادة الروتين. يظل السؤال الذى يشغل الاهتمام حول توقيت جنى ثمار إصلاح الاقتصادى.. يجيب «يوسف» قائلاً: «إن المواطن سوف يحصد ثمار الإجراءات الإصلاحية، عندما يصل إلى نقطة الإشباع لمتطلباته الأساسية». حينما سألته عن دور القطاع الخاص فى التنمية.. توقف الرجل لحظات، مستغرقًا وقتًا من التفكير ليقول إن «للقطاع الخاص وجهين الأول حريص على تقديم كل ما يفيد الاستثمار، ويساهم فى النمو الاقتصادى، بهدف وطنى، والآخر همه تكوين الثروات، دون مراعاة المصلحة العامة». حرص الرجل على الدراسة المتأنية فى قراراته جعله أكثر دقة فى تحديد القطاعات القادرة على قيادة قاطرة الاقتصاد، يتصدرها قطاع التعليم، والصحة، التى تستحوذ على قدر كبير من الربحية، وكذلك القطاع الغذائى، والطاقة مستقبل الاقتصاد الوطنى. لاتزال بورصة النيل الشغل الشاغل ل«يوسف» باعتبارها المنصة التمويلية الهامة للشركات الصغيرة والمتوسطة، والرجل يحدد مقترحات حتى تحقق بورصة النيل أهدافها التى تواجدت من أجلها، من خلال الفحص الدقيق للشركات التى يتم قيدها، خاصة أن العديد من الشركات أساءت لبورصة النيل، ولا بد أن تكون هذه الشركات قائمة على مشروعات واقعية، وليست وهمية، مما تسبب فى إحجام المؤسسات المساهمة فيها، وكذلك العمل على وجود صناديق استثمار، بهذه الشركات، مما يساعد على دعمها، بالإضافة إلى وجود شركات رعاية قوية، على غرار بنوك الاستثمار التى تقوم بعملية القيد، والطرح لشركات السوق الرئيسى. نجح «يوسف» فى تحويل حلمه فى مرحلة الجامعة بتأسيس مؤسسة تعليمية، تساهم فى تأهيل نشأ يفيد الدولة، بالمستقبل، وتحقق حلمه فى عام 2005، ليؤسس قواعد واستراتيجية تقوم على الاستثمار فى العنصر البشرى، مما يحقق إضافة للدولة، بالإضافة إلى التوسع فى قطاع التعليم، وتقديم أفضل الأساليب الدولية الحديثة فى مجال التدريس، واللغات الدولية. الرجل لا يعرف للفشل طريقاً، يهوى التحدى والإصرار على تحقيق هدفه، رغم تحقيق إيرادات بلغت فى 12.2 مليون جنيه فى 30 يونيو 2017، إلا أنه لم يصل إلى مرحلة الرضاء عن النفس، إلا مع الوصول بالشركة إلى المقدمة، وإدراجها بالسوق الرئيس. عشق الرجل للقراءة والاطلاع سر ثقافته، ومرونة شخصيته، محبًا للرياضة، خاصة الشطرنج لما تمنحه من قدرة على إيجاد الحلول البديلة، مغرمًا بالألوان التى تمنحه الحافز، والطاقة مثل الأحمر، وكذلك التى تحمل درجة الوقار كاللون الأزرق القاتم.. لكن يظل شغله الشاغل شركته ووضعها فى قائمة الشركات الرائدة فى مجال التعليم.. فهل يحقق ذلك؟