كسباقات الماراثون بدأ التنافس على المقعد الرئاسي في مصر، إذ فتح باب الترشح، وبدأ المتسابقون العدو نحو المنصب الرفيع، وطريق السباق ليس طويلاً فقط، ولكن أيضاً غير ممهد أو «سالك»، فهو كسباقات الحواجز، وسيتعين على المرشح القفز فوق حاجز، ثم آخر ليكمل العدو، ثم يقفز مجدداً فوق حواجز أخرى، حتى يصل إلى نهاية السباق، ويعرف إذا كانت جهوده أفضت إلى الفوز بالمعقد. أم أن إنجازه اقتصر على الوصول إلى خط النهاية، ونال فقط شرف المحاولة. وبغض النظر عن قدرات كل مرشح التي تؤهله لحكم بلد بحجم مصر، فإن البداية أظهرت أن منهم من ليس لديهم قدرة أصلاً على تلبية شروط السباق رغم الضجيج الذي أحدثوه على مدى الشهور الماضية، وبينها توفير 30 ألف توكيل من المواطنين المصريين، فبدأوا يتسوَّلون التوكيلات، ونظَّموا حملات ليست للدعاية الانتخابية الرئاسية، أو الترويج لبرامجهم وخططهم ورؤاهم لحلِّ مشاكل ومعضلات مصر، وتغيير حياة المواطنين إلى الأفضل، وإنما لحثِّ المواطنين على التبرع لهم ب «التوكيلات»، وآخرون ألقوا بأنفسهم في أحضان أحزاب قائمة، لعلهم ينالون رضاها ليتفادوا مسألة التوكيلات، حيث يحق لكل حزب له نائب في البرلمان دخول السباق الرئاسي بمرشح. هناك أيضاً مرشحون أطلقوا قصائد الغزل لنواب البرلمان طمعاً في كسب تواقيع 30 نائباً، وهو البديل الثالث إذا فشلوا في جمع التوكيلات أو تمثيل الأحزاب الممثلة في البرلمان. حاجز التوكيلات يعيق بعض المرشحين ويكشف فشل «تلميعهم» رغم حملات التلميع في برامج الفضائيات لهم. ما زلنا عند هذه المرحلة ومن سيتخطاها سيواجه بعدها حواجز أخرى، منها بالطبع تدبير دعم مادي للإنفاق على حملته الانتخابية، ورغم أن اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات حددت مبلغ عشرة ملايين جنيه، كحدٍّ أقصى لإنفاق المرشح على حملته الدعائية، وحددت ضوابط لحجم التبرعات التي يمكنه تلقيها، فإن التحايل على القرار وارد، بل غالب، إذ يكون مبرر المرشح إذا سئل جاهزاً، فهو: أنفق في حدود ما أقرّته اللجنة، أما باقي نفقات الدعاية فتكفل بها وأنفق عليها محبوه ومناصروه! وقد يعتقد مرشح أنه تخطى حاجزاً مهماً إذا اتفق مع قادة حزب أو جماعة أو حركة سياسية على دعمه، لكنه سيفاجأ بأن شباب الحزب أو الجماعة أو الحركة يرفضونه واعترضوا على قادتهم، وضغطوا عليهم، وأجبروهم على تغيير القرار، والتوجه إلى دعم مرشح آخر. وقد يعتمد مرشح على كتلة تصويتية بعينها، ويعتقد أنه ضمن على الأقل أصوات أصحابها، ثم يفاجأ بأن شخصاً آخر قفز إلى الواجهة وأعلن الترشح سيجد اصواتاً من الكتلة نفسها فلا يخسر المرشح اصوات أعضاء ومناصري الحزب أو الجماعة أو الحركة فقط وإنما يُضرب وزنه النسبي في السباق، فيبدأ بإعادة حساباته ويبحث عن كتلة أخرى تدعمه فيكتشف أن الوقت فات. أما أصعب الحواجز فذلك الذي يتعلق بحملات المرشحين المنافسين ضد بعضهم البعض. فالغالب أن كل مرشح إذا حاز على رضى جهة ما سياسية أو شعبية فإنه يواجه بردود فعل قاسية من باقي المرشحين، وما إن يُعلن أن «الإخوان» أو الليبراليين أو اليساريين أو ائتلافاً من الشباب أيدوا مرشحاً ما، حتى يبدأ باقي المرشحين بالهجوم عليه والجهة التي أيدته، رغم أن كل المرشحين تقريباً كانوا سبقوا «صاحبنا» في محاولات نيل الرضا... والأصوات!. صحيح أن بعض الحواجز تنصب في الخفاء، لكن غالبيتها معروفة ومعلنة في وضح النهار وعلى رأسها تاريخ كل مرشح ودوره في الثورة وكل ما قاله منذ تعلم الكلام... وكذلك بالطبع صلته بالنظام السابق.. أو الأسبق! نقلا عن صحيفة الحياة