استغربت الصحف الأمريكية اعتزام مصر استئناف محاكمة المتهمين في قضية المنظمات الأجنبية، رغم قرارها قبل أيام بالسماح بسفرهم إلى بلادهم بعد دفع كفالة، خاصة وأن الموعد الجديد الذي حددته المحكمة في العاشر من إبريل يأتي قبل نحو أسبوعين من الموعد الذي حددته سابقا، وهو ما أرجعته الصحف إلى محاولة السلطات تهدئة الغضب الشعبي العارم بسبب رحيل الأمريكيين، وحفظا لهيبتها التي اهتزت كثيرا. ورغم أن الإسراع بوتيرة المحاكمة يمزق العلاقات بين الحليفين السابقين، إلا أن الكثيرين روا أنها محاولة للالتفاف على الغضب المتصاعد بإجراءات لا قيمة لها خاصة أن المتهمين الأمريكيين ليسوا في مصر ولن يعودا للمحاكمة، ولا يوجد إلا متهم واحد فقط أمريكي، والبقية مصريين، وتوقعت أن تأتي هذه المحاكم بنتائج عكسية. ففي عددها الصادر اليوم الجمعة قالت صحيفة "وول استريت جورنال" إن السلطات المصرية أعلنت أنها تعتزم محاكمة مجموعة من الأميركيين وغيرهم من موظفي المنظمة الأجنبية في 10 أبريل القادم، قبل أسبوعين من الموعد المقرر سابقا، وتسريع القضية التي تمزق تقريبا علاقة الولاياتالمتحدة مع واحدة من أقرب حلفائها في الشرق الأوسط. وأضافت إن أمريكي واحد فقط لا يزال في مصر وهو - روبرت بيكر- والذين كان ضمن 15 متهما وقفوا في قفص الاتهام الخميس الماضي، وجميعهم دفع بأنه غير مذنب، وقد تم نقل المتهمين الأمريكيين الآخرين الذين كانوا يقيمون في مصر لخارج البلاد على متن طائرة عسكرية أمريكية في 1 مارس بعد رفع حظر السفر عليهم. وتابعت إن عمال المنظمات الأجنبية يواجهون اتهامات بانتهاك القوانين في مصر، وإذا أدين، فمن الممكن أن يواجه عقوبة مالية وبجانب السجن لمدة تصل لخمس سنوات، وكان القضاة أجلوا المحاكمة من أجل إعطاء الطرفين فرصة لمراجعة الأدلة ووضع اتفاقية مشتركة في المحاكم المصرية، لكنه لم يقدم أي تفسير لماذا تم استئناف المحاكمة قبل موعدها الذي كان محدد سابقا في نهاية إبريل. وأوضحت الصحيفة إن تسريع المحاكمة يهدف إلى تهدئة الغضب الشعبي بسبب رحيل الأمريكيين، وكان زعماء في الحكومة العسكرية اتهم عمال المنظمات الأجنبية وزملاؤهم من المصريين باستخدام التمويل الخارجي لإذكاء الاحتجاجات ضد القيادة العسكرية المصرية المؤقتة، وتوصف ملاحقة العمال بأنها وسيلة للدفاع عن السيادة المصرية، لكن أحرج القرار غامض رفع الحظر على سفرهم وخروجهم السريع السياسيين المصريين والقضاة. ونقلت الصحيفة عن هاني شكر الله وهو محلل سياسي قوله:"الأمر كله للاستهلاك المحلي .. الجميع تحت ضغط ويجب أن يفعلوا شيئا". أما صحيفة "واشنطن بوست" فرأت أن قرار استئناف المحاكمة رغم عدم وجود المتهمين الأمريكيين، واقتصار المحاكمة على المتهمين المصريين فقط قد يأتي بنتائج عكسية، خاصة أنه لا يوجد في مصر من الامريكيين إلا بيكر الذي قرر البقاء في مصر لأنه واثق من أنه لم يفعل شيئا خاطئا، وأراد أن يدافع عن نفسه في المحاكمة. وأضافت إن قرار المحاكمة محاولة لتهدئة الرأي العام والغضب العارم من انتهاك السيادة المصرية بسفر الأمريكيين، حيث اعتبر المصريين سفرهم دليل على أن مصر لم تتغير وظلت كما هي تابعة للولايات المتحدة التي مازالت تتمتع بنفوذ كبير رغم تأكيد الحكام الجدد انتهاء التبعية للغرب واستقلال القرار السيادي، لذلك تسعى لاستدراك الأمور بتسريع وتيرة المحاكمة، لاستعادة الهيبة التي اهتزت كثيرا.