لم أشعر بالمرارة والمهانة كما شعرت بها بعد فضيحة سفر المتهمين الأجانب فى قضية التمويل الأجنبى وأعتقد أن كل الشعب المصرى كان لديه نفس هذا الشعور والغضب الجارم تجاه ماحدث وكأن لاثورة قامت ولاكرامة استرددت ولا استقلال حدث! فمازلنا ننزح تحت الاحتلال الأمريكى ومازلنا قابعين لنفوذه وهيمنته مطأطئين رؤوسنا أذلاء نظير معونة حقيرة لاتتعدى المليار ونصف دولار! أمن أجل هذا المبلغ التافه الذى لايساوى واحداً من مئة مما سرقته عصابة مبارك نبيع كرامتنا ونهين قضاءنا بهذا الشكل المُذل ؟! لم نكن نحلم أو نتوهم بعد ثورة 25 يناير أننا استردنا قرارنا الوطنى النابع من إرادتنا الحرة المستقلة بعد سنوات من التبعية والخضوع الذليل لأمريكا بل كان هذا الوضع الشاذ من أهم الأسباب الذى ثار الشعب وانتفض من أجلها ولما أطحنا بمبارك كانت رؤوسنا تناطح السحاب ونحن نهتف ارفع رأسك فوق انت مصرى، كنا على يقين أن مصر العظيمة قد عادت إلينا، مصر التى لاتنحنى ولاتخضع ولاتركع أبداً ولكن يبدو أن مَن تعود على الانحناء والخضوع والركوع عز عليه أن يرى مصر عزيزة أبية قوية واكتفى أن يسمع عنها فى عصور خلت وفى أزمنة ولت!! هانت عليكم أنفسكم فهنتم على الآخرين ولاتلومنَّ إلا أنفسكم ولكنكم ظلمتم الشعب المصرى كله معكم ولطحنتوه بالعار بلا ذنب ارتكبه ولاخطيئة اجترفها، الإثم والعار يجب أن يوصم بكم أنتم ولايتحمل الشعب أوزار خطاياكم نحن بُراء من عملكم الفاضح هذا ومصر العظيمة التى فى خاطرنا لن تعود هكذا إلا إذا حكمها من ايليق بعظمتها هذه أما مَن يقف ويقول «لن نركع» وكأنه يقف على خشبة المسرح ليستجدى عواطف الجمهور ويحظى بتصفيقه حتى تنتهى المسرحية ويخلع ثوب الممثل ليعود إلى ذاته وإلى سيرته الأولى ويخضع ويركع فليس له مكان فى مصر العظيمة بل إن مصر العظيمة لن تعود ومثل هؤلاء الخانعين الأذلاء يحكمونها !! مَن يطالع الصحف الأجنبية يدرك مدى فداحة الجُرم الذى ارتكبوه فى حق مصر العظيمة وشعبها العظيم، لم نكن نطلب المستحيل ، كل ما أردناه أن تكون علاقة دولة مصر بدولة الولاياتالأمريكيةالمتحدة علاقة ندية وليست علاقة تبعية وأن يكون قرارنا حراً مستقلاً لايخضع لأى ضغوطات أو إملاءات وأن يحكمنا القانون وليس الصفقات والمواءمات أيا كان شكلها أو نوعها وخاصة أن أمريكا دولة قانون وتدعى الديمقراطية وتريد أن تعلمنا إياها ومنظماتها هذه سبب المشكلة تنطوى تحت هذا اللواء ولكن ساعة الجد لاقانون يُذكر ولاديمقراطية زعمت فشريعة الغاب هى الغالبة والأسد لابد أن يفترس النعام بعد أن يكون قد اقتحم حصنها وأهان حرمتها !! وهذا مافعلته أمريكا بالضبط معنا هبطت الطائرة الحربية الأمريكية أرض مطار مصر بلا إذن أو تصريح مسبق وماهى إلا ساعات معدودة إلا وكان على متنها رعاياها التسعة عشر المتهمين فى القضية خارجين من قاعة كبار الزوار ملوحين بعلامات النصر ولمَ لا إنه نصر حقيقى لهم وهزيمة ساحقة لنا! أعجزنا أن نكون أسوداً نناطح هذا الأسد الجامح وإذا كنا كذلك لماذا ناطحتموه منذ البداية وعبأتم الشعب كله وراءكم بعدما جعلتموه يسترجع الأيام الخوالى أيام عبد الناصر ووقوفه فى وجه المعونة الأمريكية ومواقفه المشهودة التى علت من كرامة وعزة الشعب المصرى، كانت أمامكم فرصة تاريخية كى تُعيدوا هذه الكرامة والعزة والشعب كله يؤيدكم وكان التاريخ سيسجلها لكم بدلا من أن يسجل انبطاحكم وخضوعكم وركوعكم المُذل! لك الله يامصر العظيمة ولن تركعى إلا لله سبحانه جل جلاله وعز شأنه ولكن حكامك ركعوا لأمريكا وهذا هو الفرق بينك وبينهم فاشهد يا الله وسجل يا تاريخ!