قلت أمس إن الخلافات العربية والانقسامات الشديدة بين الدول العربية كانت وراء الجريمة الكبري التي تعرضت لها مدينة القدس، وإن هذه الخلافات الشديدة وتآمر بعض الدول العربية هي التي جرأت الكيان الصهيوني الأمريكي أن يرتكب جريمة تهويد القدس مدينة الأنبياء.. وبسبب هذه الفرقة العربية والمؤامرات التي تحيكها دول عربية ضد بعضها الآخر، جعلتهم يعتبرون الاستيلاء علي القدس صيداً ثميناً.. ولا يخفي علي أحد أن الخلافات والانقسامات العربية وتطاحن البعض الآخر، في إطار سيناريو مصر منذ عام 2011، بهدف إنهاك الأمة العربية وتفتيتها إلي دويلات عرقية، وكم حذرنا مراراً وتكراراً بأن هناك مخططات بشعة ضد العرب جميعاً بلا استثناء بهدف إنهاكهم وانشغالهم بأنفسهم، وبث الفرقة بينهم وإشعال نار الفتنة من خلال العرقيات والعصبيات. الحقيقة المرة أن تهويد القدس يأتي نتيجة هذا الضعف والهوان واستكمالا لسيناريو 2011 مثلما حدث في ليبيا وسوريا واليمن والعراق، ولا يختلف كما قلت من قبل «ترامب» عن أوباما، وهما لا يختلفان أيضاً عن بوش الذي دبر احتلال العراق تحت مزاعم واهية.. السيناريو واحد وهو إنهاك وإضعاف الأمة العربية وبث الفرقة بين جميع الدول العربية والاستيلاء علي ثرواتها حتي لا تقوم لها قائمة من أجل أن يظل الكيان الصهيوني هو الأقوي في المنطقة. إن ضعف العرب يعني منح اسرائيل القوة والهيمنة، وليس هناك أي تفسير سوي هذا الشكل، وحتي جاء اليوم الذي تم فيه توجيه طعنة غادرة في سويداء العرب جميعاً!!! هناك أيضاً حقيقة بالغة المرارة وهي أن ما حدث بشأن القدس هو نتيجة للانقسام والتشرذم داخل الساحة الفلسطينية وعدم اتمام المصالحة رغم الفرص الكثيرة التي أتيحت في هذا الصدد.. والأمر يحتاج إلي وحدة الصف العربي أولاً وقبله وحدة الصف الفلسطيني.. وهذا هو الحل الوحيد لأن مقاومة الاحتلال الإسرائيلي تتطلب وحدة هذا الصف الفلسطيني حتي يكون قادراً علي المواجهة والمقاومة والتصدي لكل جرائم الاحتلال الصهيوني.. وهذه الوحدة تتطلب ضرورة إقامة المصالحة الفلسطينية. وقد كانت مصر ولاتزال حريصة كل الحرص علي وحدة الصف، نظراً لأنها تدرك حجم الأخطار الشديدة التي تتعرض لها أولاً الدول العربية وثانياً الأشقاء الفلسطينيون. مصر قامت بدور عظيم وكبير لتحقيق المصالحة الفلسطينية، ورغم ذلك لايزال الفلسطينيون يصرون علي تعميق الانقسامات والاختلافات، وقامت دول عربية بالتآمر علي بعضها لمنع وحدة الصف الفلسطيني والعربي، تنفيذاً للمخططات الصهيونية في المنطقة. وكانت النتيجة الحتمية لهذه الكوارث أن ارتكبت واشنطن وتل أبيب هذه الجريمة بحق فلسطين والعرب جميعاً، وعندما تهون علي العرب أنفسهم ماذا ننتظر من الأعداء؟!.. هل ننتظر رحمة أو شفقة؟!... أم تضيع كل الحقوق العربية وهذا ما حدث بالفعل.. لقد نجحت الصهيونية الأمريكية في تدمير جيوش العراق وليبيا واليمن وسوريا، ونشرت بهذه الدول الفوضي والاضطراب، ونجحت الصهيونية في أن تشغل هذه الدول في مشاكلها وخلافاتها وانقساماتها، بل وصل الأمر الي التطاحن فيما بينها.. ولولا وعي وحكمة الشعب العربي وجيش مصر الوطنى الذي لا يدين لأحد إلا للشعب والوطن ولولا حرص المصريين وتكاتفهم خلف جيشهم الوطني، لكان مصير مصر مثل بغداد ودمشق وصنعاء وطرابلس.. وحدة المصريين وتماسكهم وتكاتفهم كان الحصن المنيع ولايزال ضد المخططات الصهيونية الأمريكية. ولا أحد ينكر أن القضية الفلسطينية هي قضية مصر الأولي، وأن مصر خاضت أولي حروبها في العصر الحديث سنة 1948 وضحت بالكثير من الشهداء للحفاظ علي وحدة الدولة الفلسطينية. ولا أحد ينكر أن جميع حروب مصر التي خاضتها هي أحد الأسباب الرئيسية للأزمة الاقتصادية التي عانت منها البلاد حالياً.. ولا يخفي علي أحد أيضاً أن قضية سد النهضة وبعض الإجراءات التي تم اتخاذها ضد مصر وبعض الدول العربية، والحرب الضروس ضد الإرهاب، هي بمثابة وسيلة وآلية لإنهاك وتفتيت وتشتيت الدول العربية عن قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس. الأمر الآن بات يحتاج بشدة وسرعة فائقة أن تكون هناك لحمة عربية من أجل جمع الشمل، وترك الخلافات والانقسامات جانباً، وأن يعلم الجميع أن هناك عدواً صهيونياً يتربص بكل الأمة العربية.. الوئام الفلسطيني والعربي قضية لم تعد تحتمل أدني تأجيل من أجل التصدي لجرائم الصهيونية، وبعيداً كما قلت من قبل عن لغة الشجب والاستنكار والإدانة. [email protected]