الحوار الذي أجراه وأداره المحاور خيري رمضان على قناة cbc مع الممثلة غاده عبد الرازق قبل أ يام كان من الممكن أن يمر مرور الكرام باعتبار الدردشة مع الفنانات من جيل غاده عبد الرازق لون من ألوان التسلية الإعلامية بعد أن تعودنا على سطحية عدد كبير منهن وأن الحوار مع هذه أو تلك لايتعدي كونه فقره تلميعية للفنانة ووقتها مقصود وأنا شخصيا استطيع أن أتفهم ذلك – لكن عندما يسأل المحاور خيري رمضان ضيفته غاده عبد الرازق عن الحزب الذي أعطته صوتها في الانتخابات البرلمانية ويكون ردها " الحرية والعدالة " فالأمر هنا يحتاج لوقفه خاصة أنها علقت قائلة " أنا قلت أجرب حاجه جديدة وأدي صوتي للبعبع اللى خايفين منه " .. إلى هنا انتهى كلام غادة وليتها ماتحدثت نهائيا في أي شأن سياسي أو عام لأنها عندما خرجت بمحض إرادتها مع المؤيدين لمبارك قبل اسقاطه بأيام قليلة لم تسأل نفسها إن كانت ستستفز مشاعر الملايين أم لا .. وعندما تقول إنها أعطت صوتها للحرية والعدالة فلم تسأل نفسها من سيصدقها حتى لو كانت أعطت صوتها فعلا لحزب الإخوان – في كل الحالات من مظاهرات مصطفي محمود المعيبه الى تملق الاخوان فهذه الممثلة تصر على أمرين بجهل أو بقصد .. استفزاز عموم المصريين وتملق من بيده السلطه وأعتقد ان غادة عبد الرازق ليست بحاجه لهذا أو ذاك والأفضل لها ولنا أن تمارس عمل واحد هو التمثيل وتترك الشأن السياسي العام لأهله وإن شاءت أن تتحدث ففي مجالسها الخاصة وليس محموله على الأعناق مع فلول مصطفى محمود أو ضيفة على خيري رمضان .. ولاأعرف لماذا ذكرتني غزوة غادة لصناديق الاخوان بقصة "الراقصة والسياسي " للرائع إحسان عبد القدوس.. الحقيقة أن الوسط الفني في مصر مابين اربعينيات وستينيات القرن الماضي قدم لنا نجوما كبار مثل معظمهم للمصريين جميعا قيمة فنية وثقافية كبيرة وكانت صالونات أكبر الأدباء والمفكرين لاتخلوا من الفنانين والفنانات وتشهد على ذلك صالونات العقاد وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ واحسان عبد القدوس ويوسف ادريس وسعد الدين وهبه ونعمان عاشور وكثيرين آخرين .. في ذلك الزمان فاض أهل الفكر على أهل الفن بالثقافة والعمق والقيمة وفاض أهل الفن على أهل الفكر بقيم الحرية والتجارب الانسانية البديعة –وخلال تلك الحقبة انعكست اهتمامات الفنانين والقيم الرفيعة التي أمنوا بها على الانتاج السينمائي والتلفزيوني في صورة أعمال كبيرة وعظيمة وخالدة .. ومما يؤسف له أنه خلال العشرين سنه الماضية دخل الوسط أرباع فنانين رجالا ونساء وتصدر بعضهم الساحه أبطالا لأعمال في الغالب الأعم هابطة وخالية من أي قيمة فنية أو وطنية وتراجعت السينما وطفى على السطح الغث من الأعمال والابطال باستثناءات لايمكن تجاوزها مثل مخرجين أمثال عاطف الطيب ورضوان الكاشف رحمهما الله .. والمخرج والمبدع والمبشر الأول فنيا بثورة 25 يناير من خلال ثلاثيته الرائعة ( هي فوضى – حين ميسره – دكان شحاته ) المخرج الجميل والمثقف والوطني خالد يوسف .. أيضا لايمكن تجاوز فنانين كبار ومثقفين مثل الرائع محمود حميدة والمرحوم أحمد زكي وعبد العزيز مخيون وخالد أبو النجا وعمرو واكد وآثار الحكيم وهند صبرى .. وقد ظلمت الظروف البائسة قبل ثورة يناير هؤلاء الفنانين وغيرهم من المبدعين الحقيقيين ولم يستفد من هذا البؤس إلا من تسللوا للوسط الفني في ساعات متأخرة من ليل القيم ولذلك كانت صدمتهم كبيرة عندما سقط الزعيم الذي افقر شعبه ولم يمنح هذا الشعب من وقته إلا دقائق ليصفق له المنافقون ، واليوم تبدل غاده الوطني بالاخوان كما تبدل ملابس أدوارها .. افرحوا يامشايخ .. --------- *إعلامي