"أخو البنات".. ثقافة موروثة منذ القدم في البيوت المصرية، فبعض الأسر تجعل الولد ،حتى لو كان الأصغر، هو الآمر الناهي في البيت بحجة أنه أفضل من يقوم بمراقبة سلوك شقيقته ، وأنه القادر على جعلها "تمشي على العجين متلخبطوش"..! تقول أروى مصطفى ،طالبة بالثانوية العامة، : والدتي تجعل أخي التوأم هو الرقيب على كل تصرفاتي لينقلها لها، وتثق به ثقة عمياء في كل ما ينقله ، وهو ما جعله يهددني بالإيقاع بيني وبينها بنقل أشياء بالكذب إذا لم أستمع لأوامره في طريقة لبسي وكلامي وصداقاتي للبنات. بينما تشكو دعاء مصطفى ،13 سنة ، : كلمة ماما على طول ،عندما أشتكي لها من تصرفات أخويا وإعتدائه علي بالضرب بدون سبب أو بسبب، "ده أخوكي الكبير انتِ اتجننتي" ، وطبعا لو رديت أبقى بنت قليلة الأدب . وتصرخ شيماء علي ،27سنة وتعمل بمجال الاتصالات، : والدتي دائما ما تجعل أشقائي الذكور يتدخلون بحياتي بالرغم من أنهم أصغر مني بفارق كبير، 7 سنوات والآخر 10سنوات، لدرجة جعلت أحدهما يضربني على باب الشقة عندما تأخرت في العمل نتيجة زحام الطريق والمواصلات، وذلك بعد أن أعطت له التصريح بذلك قائلة: "إتصرف انت معاها " أما سارة أحمد ،20 سنة طالبة بالجامعة، فقد ظل أخوها الكبير يمارس تسلطه عليها بمباركة والديها، وإذا ما اشتكت لهما يقولا: هو يعلم المصائب التي تحدث في الشارع ولازم يحميكي، ولم ينقذها منه ،على حد قولها، إلا زواجه واستقراره للعمل في دولة عربية. بدورها ياسمين أحمد ، 16 سنة بالمرحلة الثانوية، تعاني من تحكم أخيها الأكبر في كل ما يتعلق بشئونها، بالرغم من تفوقها الدراسي وإلتزامها الأخلاقي الذي يشهد به الجميع ، وبالرغم من أنه فاشل دراسيا ،بياخد السنة في سنتين، مما جعلها تسبقه بالدراسة.. تؤكد ياسمين أن أخاها يدخن السجائر ويصاحب شبابا سيئي السمعة وبرغم ذلك يتحكم في مواعيد خروجها ودخولها ويستمع لمكالماتها التليفونية مع صديقاتها، ويمنعها كثيرا من التحدث معهن بحجة أنهن سيفسدن أخلاقها.. والغريب أن والدتها تقتنع بكلامه.. بنت مسترجلة يشير د وائل أبو هندي ،أستاذ علم النفس، أن ثقافة " أخو البنات" هو أحد تجليات المجتمع الذكوري، وهي مشكلة موجودة في بيوت كثيرة حيث يعتبر الولد نفسه صاحب حق خاصة إذا استعانت به الأم كنوع من المحافظة على البنت ، فتنحاز له سواء كان على حق أو على خطأ، ولا ترفض أن يضرب الولد البنت في حين ترفض أن تشتم البنت شقيقها للتعبير عن غضبها. ويوضح أبو هندي أن تلك الطريقة تجعل بعض الفتيات يلجأن للتفكير في تغيير جنسها، بينما يتولد لدى أخريات شعورا بالانكسار وفقدان الثقة والتقليل من النفس، وأحيانا يحدث عند البنت حالة من الاسترجال فتصبح "بنت مسترجلة"، خصوصا أن المجتمع يرحب بذلك النمط من الفتيات المسترجلة عكس رفضه للرجل المتشبه بالنساء . ولد متسلط ويوضح د.منصور مغاوري ،بمعهد بحوث العلوم الاجتماعية والجنائية، أن "أخو البنات" موروث ثقافي قديم ناتج عن حب البعض للذكور عن الإناث ، ورغبة بعض الأسر للتعامل مع الأخ على أنه رب الأسرة المستقبلي في حالة غياب الأب ، مشيرا إلى أن تلك الطريقة تفسد الولد قبل البنت، فيصبح الولد متسلط الشخصية في الحق وغير الحق، وهو ما يقابله إحباط لدى البنت. ويؤكد في ذات الوقت أنه من الصعب تغيير ثقافة "أخو البنات"، ولذا ينصح كل أسرة أن تتعامل بوعي في التربية ولا تفرق بين البنت والولد، وأن تجعل الأخ صديقا لشقيقته مما يخلق بينهما جوا من المحبة والود، وهو بالطبع ما سيحمي الفتاة أكثر ويجعل شقيقها عونا وسندا حقيقيا لها.