قصة حب كما نشاهدها فى الأفلام نشأت بين جمال وأميرة بدأت بنظرة وابتسامة وانتهت فى بيت الزوجية بعد ان أوفى بوعده لها وتقدم لخطبتها من أهلها. ما بين أول لقاء لهما وحتى زواجهما كان الحب على أشده، ويصعب على الآخر رؤية الثانى على حقيقته، فكما يقولون « مراية الحب عمياء»، كانت أميرة على ثقة فى نفسها أنها اختارت الزوج الصالح التى حلمت به وأنها بعد سنوات من الدعاء رزقها الله به، ليكون سنداً لها. فى حفل عائلى بسيط تم زفاف العاشقين وسط حالة من الفرح والحب غمرت الجميع، فى تلك الليلة وضعت أميرة رأسها على المخدة لتنام قليلاً وتتأمل حلاوة الأيام فمن عشقته وتمنته يرقد بجوارها بعد أن أوفى بوعده لها، باتت ليلتها الأولى والابتسامة مرسومة على وجهها بعد أن وضعت يدها على قلبها الذى كاد يفارق مكانه من شدة الفرح. مر الشهر الأول من الزواج فى حالة من السعادة الغامرة، تمنت أن تحدث كل من تقابله عن السعادة التى تعيش فيها، فلمَ لا وهى تملك كل ما تريد بين يديها. سرعان ما تبدلت الأحوال، فلا شىء يبقى جميلاً إلى الأبد وكأن عين الحسد أصابتهما، تغير الحال وبدأت صفاته الحقيقية تظهر مع الأيام دون تجمل، فما عشقته فيه فى فترة الخطوبة وما قبلها أصبح يتلاشى أمام أعينها رويدًا رويدًا، وصارت تحدث نفسها من هذا الشخص الذى أعيش معه أنه غريب عنى، لم تتقبل تلك الشخصية الجديدة ولم تتمكن من التعايش معها. أصبح السباب والشتائم هى لغة جمال بعد الشهور الأول من الزواج حتى على أتفه الأسباب ولم يكتف للأمر عند ذلك الحد بل باتت أصابعه تعرف طريق وجهها حتى سئمت تلك الحياة وفكرت فى الانتحار أكثر من مرة، لأنها كانت تتراجع فى اللحظات الأخيرة. حدثته كثيراً حتى يتراجع عن الطريقة التى يتعامل بها معها، فهى لم تعهد منه على ذلك الأسلوب المهين، لكنه كان يرى أن ذلك هو أنسب طريقة حتى يظهر أمامها بمظهر «سى السيد» ولم يكن يعلم أنه بذلك سيخسرها ويصلان سوياً إلى طريق مسدود، فهى ليست الست أمينة التى تنصاع لأوامر زوجها بالضرب والإهانة. حافظت الزوجة الصغيرة على بيتها قدر استطاعتها ولم تخبر أحداً من أهلها عن المشكلات التى وقعت بينهما، فكيف تحدثهم عن مشكلات زوجية وهى ما زالت فى شهور الزواج الأولى، كانت الابتسامة ترتسم على شفاهها بمجرد أن يضرب زائر جرس بيتهما. مرت هكذا الأيام بينهما فى خصام حتى جاء يوم وعاد فيه الزوج من عمله مبكراً وطلب منها الغذاء فطلبت منه أن ينتظرها بضع الوقت فهى لم تنته من تحضيره وهو الذى عاد مبكراً، وقعت على أذنها وصلة اعتادت عليها من السباب والشتائم انتهت بعلقة ساخنة فقدت معها الزوجة قدرتها على التحكم بنفسها، واستلت سكيناً من المطبخ وطعنته فى صدره ليسقط غارقاً فى دمائه وبعد لحظات فارق الحياة. صرخات مكتومة انطلقت فى صدر الزوجة فهى غير مستوعبة أن الحال قد وصل بها إلى ذلك الأمر، انهمرت الدموع من عينيها وأخذت تضرب خديها بكفيها حسرة وألماً، تمنت أن تتوقف عجلة الزمن بها وتعود إلى الوراء. أغمضت عينها قليلاً لا تدرى ماذا تفعل فى تلك المصيبة وكيف تتخلص من الجريمة التى ارتكبتها دون قصد، فهى كانت فى حالة غضب ودفاع عن النفس، فتحت عينها لأنها فى أمر واقع عليها أن تواجهها ولا يمكنها أن تهرب منه... راودتها فكرة شيطانية للخلاص من الجريمة والهروب من العقاب، أحضرت جركناً من البنزين وأشعلت النار بالشقة وبعد أن تفحمت جثة الزوج أسرعت للاتصال برجال الإطفاء الذين حضروا للسيطرة على الحريق ووجدوا جثة الزوج، فادعت أنه حاول إطفاء الحريق قبل قدومهم، فأمسكت النار بملابسه فاحترق داخل الشقة. أيام قليلة ظنت فيها أنها نجت بفعلتها لكن التحريات وتقرير الطب الشرعى أثبتا أن الزوج مات مقتولاً بطعنة فى الصدر قبل حدوث الحريق مع تضييق الخناق عليها اعترفت بارتكابها الواقعة. لم اكن أعتزم قتله ولا أعرف كيف غرست السكين فى صدره «كانت تلك أولى كلماتها عن الجريمة، حالة جنون انتابتنى لم أستطع بعدها السيطرة على نفسى بعد أن أوسعنى ضرباً وكاد يقتلنى داخل المطبخ وجدت السكين فى يدى غارقة فى الدماء لم أشعر إلا وأنا أراه فى أرضية المطبخ والدماء قد أغرقت الحوائط»، واصلت: ربنا يسامحه هو الذى دفعنى دفعاً إلى هذا الوضع مات هو وتحولت أنا إلى مجرمة.. تحولت إلى قاتلة.. ولكن فى الحقيقة لست أنا التى قتلته بل هو من قتلنى حتى لو كان هو المقتول.. فقدت حياتى ومستقبلى وربما يحكم على بالإعدام.. ولكن هذا أصبح لا يفرق معى فقد دمرنى وحولنى إلى خيال حزين لا أعرف للحياة طعمًا.. هكذا أنهت الزجة القاتلة حديثها وأسلمت يديها لأمين الشرطة كى يضع أساوره الحديدية فى يديها.. وألقت نظرة تحمل البؤس والاستسلام لمحققها تقول له إننى بريئة.. إننى لست قاتلة!!