هل انسحاب حتاتة من انتخابات الرئاسة كان بمثابة مؤشر على تصدع، أو انقسام المجلس العسكرى الحاكم على نفسه..؟! وفى حالة انقسام العسكرى على شخصية مجدى حتاتة، فكفة من أميل للترجح؟ وعندما تؤخذ الأصوات بالأغلبية على مثل تلك القرارات، وفى حالة تساوى الأصوات، فهل ترجح الكفة التى يصوت لصالحها رئيس المجلس - طنطاوى -..؟! أم أن القرارات تتخذ مباشرة من قبل طنطاوى، ويكون من ثم مناقشة أعضاء العسكرى حولها بمثابة تحصيل حاصل، وفقط من أجل استيفاء الشكل القانونى، أو حتى العرفى، للنقاش؟ ولماذا دائما تعلق آمال، أو حتى مهمات، كبار وجسام على شخصية رئيس الأركان، وربما أكثر من وزير الدفاع ذاته، أو القائد العام للقوات المسلحة، أو حتى القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو رئيس الجمهورية؟! فكلنا يعلم على سبيل المثال الدور المحورى، أو المفصلى للراحل، سعد الدين الشاذلى فى حرب اكتوبر عام 1973، وكيف أنه كان له دور أخطر من دور القائد الأعلى ذاته للقوات المسلحة، وهو رئيس الجمهورية، والذى كان السادات وقتها..؟! ثم لاحظنا بعدئذ الدور المحورى، والرئيسى للفريق سامى عنان رئيس الأركان فى أثناء ثورة 25 يناير، وقبيل تنحى مبارك، وسفره هو - وليس طنطاوى - مثلاً المفاجئ للولايات المتحدة، وعودته لمصر، ثم تنحى مبارك بعدئذ؟! وعندما يرشح رئيس الأركان السابق للقوات المسلحة الفريق مجدى حتاتة - وبعد تقاعده - لانتخابات الرئاسة القادمة، مدفوعاً، أو مدعوماً، من الجيش، فى بداية الأمر - حتى ولو قيل، أو ادعى، خلاف ذلك - فهناك لا شك توقعات كبيرة من قبل الطرف، أو الأطراف، التى رشح، أو دعم، من قبلها، فى فوزه فى تلك الانتخابات، ومن ثم فإن لتلك الأطراف مصلحة ما فى ترشيحه، وأيضاً فوز مرشحها فى انتخابات الرئاسة القادمة، ولكن اللافت هنا هو أن الرئيس المحتمل فوزه فى الانتخابات الرئاسية القادمة قد كان هو رئيساً للأركان، وليس أى أحد آخر، وبمن فى ذلك وزير الدفاع ذاته، أو القائد العام للقوات المسلحة. والسؤال هو: ما الذى دعا مجدى حتاتة للانسحاب من انتخابات الرئاسة فجأة، حيث لا يمكن أن يعتقد أن قرار انسحابه المفاجئ هذا يتعلق به وحده، حيث هناك شركاء أساسيون له - على الأقل فيما يتعلق بمصير استمراريته فى سباق الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة، ومن ثم فلا يحق له اتخاذ قرار انسحابه من تلك الانتخابات منفرداً - وهو «طاقم» المجلس العسكرى..؟! وقد تناقل عدد من المواقع الالكترونية بعض التكهنات حول أسباب تخلى حتاتة عن انتخابات الرئاسة، ولكنها قد أجمعت كلها على شىء واحد تقريبا، وهو قول حتاتة: إن المجلس العسكرى ارتكب العديد من الأخطاء الكبيرة فى إدارته للبلاد، لأنه غير معد، أو مؤهل، سياسياً للادارة، أو للحكم المدنى للبلاد. ويقال: إن حتاتة قد صرح بأن مؤسسة الجيش لا تخلو هى أيضاً من بعض الفساد شأنها فى ذلك شأن كل مؤسسات الدولة الأخرى، وعندئذ فقط اتصلت به شخصية معروفة وطلبت منه أن «يتنحى» - هو أيضاً، عن الترشح لانتخابات الرئاسة! لذا ففى ظل عدم الشفافية والتعتيم الاعلامى، وهو النظام الذى لايزال للأسف موجوداً ومتبعاً أو موروثاً، ومورثاً، ومنذ عهد المخلوع - ومما يعنى عملياً وبالفعل استمرار نظام مبارك فى الحكم مع غير مبارك نفسه، خاصة أن حتاتة ذاته قد أشار، وفى مداخلة مع برنامج العاشرة مساء بالفضائية المصرية الخاصة Dream2 مع المذيعة منى الشاذلى، إلى أن هناك أسباباً أخرى قد دعته لانسحابه المباغت من انتخابات الرئاسة، وأنه من غير المناسب الاعلان عنها الآن! - لا يسعنا سوى فقط تحليل المواقف بناء على حجج ورؤى منطقية وموضوعية، ومبنية كذلك على حقائق ووقائع تاريخية، وآنية، ثابتة ومحددة، ومعلومة بالضرورة. والسؤال الآخر الذى يطرح نفسه هنا هو أيضاً، ما الذى دفع حتاتة إلى قلب الطاولة فى وجه المجلس العسكرى فجأة من ناحية، وإعلانه - أو بالأحرى تبرؤه - من العسكرى، من ناحية أخرى، بزعمه - وعلى خلاف الحقيقة - إنه لم يكن مرشح الجيش أو المجلس العسكرى فى انتخابات الرئاسة، ولكنه قد رشح نفسه فقط لأنه قد رأى، ومن خلال خبرته الطويلة وتجاربه الكثيرة، والتى خاضها على مر السنين، فى الجيش انه أجدر من يخدم بلده فى تلك الفترة الحرجة، والانتقالية التى تمر بها البلاد؟! والسؤال الآخر هو: كيف يصوغ حتاتة لنفسه - وهو العسكرى - حكم البلاد مدنياً، وينكر ذلك، وفى ذات الوقت، على بقية أعضاء المجلس العسكرى؟! ربما كان السبب فى تنحى حتاتة عن انتخابات الرئاسة هو عدم الاتفاق على التوزيع الجديد للأدوار فى حال فوزه فى الانتخابات الرئاسية وصار رئيساً لمصر شكلياً، بينما العسكرى هو الذى سوف يكون الحاكم الحقيقى للبلاد..!