عاد طفلك من المدرسة وبحقيبته أدوات أحد زملائه ، أو من الحضانة وجيبه ملىء بالألوان والمكعبات ، أو كنت فى السوق وأخذ بعض الحلوى بين يديه ، كيف سيكون رد فعلك ؟! هل ستصابين بالصدمة والخجل لكون طفلك " لصاً صغيراً "؟! هل ستكتفين بالصمت والتكتم ؟! أم ستنهرين طفلك وتزيدين المشكلة سوءاً ؟! هذه ليست الحلول ، فالسرقة مشكلة يجب أن تعرفى الدافع وراءها حتى تصلى إلى طريقة علاجها..
لماذا يسرق طفلي ..؟! سؤال يسأله الوالدان ممزوجاً بمشاعر الخوف والقلق على مستقبل طفلهم وإحساس بالتقصير فى تربيته، ولكن الخبراء يؤكدون أنه لا ينبغى تفسير السرقة عند الأطفال على أنها عمل لا أخلاقى ، أو أنها مؤشر لمستقبل الطفل الإجرامى ، ولكنها قد تكون مشكلة عاطفية عند طفل المدرسة ترجع إلى عدة أسباب ودوافع ، أما بالنسبة لطفل الحضانة دون الأربعة أعوام فهى مرحلة نمو عقلى وإدراكى ليس إلا. وكما جاء في مجلة الزهور فإن الطفل فى عمر الثالثة عندما يأخذ شيئاً لا يخصه فهو يفعل ذلك دون تفكير وبناء على فهمه بأن العالم كله ملك له ، لذا على الوالدين أن يتحدثا معه بالحسنى وبالطريقة التى تناسب عمره، لأنه على الرغم من صغره قد يعاند ويصر على فعله إذا وجد رد فعل مبالغاً فيه ، فهو لايدرى السلوك المقبول اجتماعياً والسلوك غير المقبول كما أنه لا يفهم أن هناك أشياء تخص أحداً غيره، فكل ما يعرفه أن كل شىء أعجبه لابد ببساطة أن يأخذه . ظاهرة صحية وقد يتعجب البعض من قول: إن وجود الدافع لدى الطفل فى ذلك العمر أن يرغب فى الحصول على شىء علامة صحية ؛ لأن ذلك يعنى أن ذكاء الطفل مناسب لسنه ، وأنه على درجة من الإدراك تجعله ملماً بالعالم الخارجى من حوله فالأطفال بطبيعتهم يحبون البحث والتفتيش. ومع مرور الوقت يكبر طفل الحضانة الصغير ويدخل المدرسة وعندها يجب أن يعرف أن السرقة وأخذ أشياء الغير وما ليس ملكه أمر خاطىء وسلوك مشين، أما إذا اعتاد الطفل السرقة عند عمر الثامنة فأكثر ففى هذه الحالة يكون هناك ما يدعو إلى القلق لأن الطفل فى ذلك العمر يستطيع أن يفرق بين الخطأ والصواب وأنه غالباً ما يسرق لدوافع أكثر تعقيداً، ومهما كان الدافع الذى يجعل من صغيرك لصاً فعليك النظر إلى المشكلة بحكمة محاولة علاجها لأنه إذا نظرت إليها على أنها كارثة لا يمكن علاجها فغالباً سيكون رد فعلك خاطئاً وصادماً وعنده بالفعل ستحدث الكارثة . أسباب ودوافع كل ما يزيد عن حده ينقلب إلى ضده.. فالإفراط فى التدليل لا يجعل لدى الطفل معايير أخلاقية، فهو يرى كل شىء مباحا وعندماً يريد شيئاً يجب أن يحصل عليه حتى لو على حساب غيره.. وبذلك فهو يدمر نفسه ومن حوله. وكذلك الحرمان المفرط .. لأن الطفل يعتمد بشكل كامل على والديه لتلبية احتياجاته والطفل الذى يشعر بأن حاجته لن تقابل بالتلبية سيأخذها هو بيديه، فهذا هو الطريق الأسهل لديه. وما يحتاج إليه الطفل عادة فى تلك المرحلة العمرية هو أن يكون لديه حاجته الشخصية وهو ما قد لا يشعر به الوالدان على الرغم من أنها قد تكون حاجة ملحة ومهمة لطفلهما لكنهما لا يدركان ذلك. فإذا كان زملاء طفلك في المدرسة، على سبيل المثال، لديهم مصروفهم الخاص يشترون به ما يريدون وهو ليس لديه، فسيشعر بالنقص حتى لو كان والداه قد أعطياه كل شيء قد يحتاج إليه في المدرسة، فهذا الطفل عرضة لسرقة المال فقط ليكون مثل بقية زملائه. الحاجة إلى الاهتمام وقد يكون سبب قيام الطفل بالسرقة حاجته لمزيد من الرعاية والحنان، وغالبا ما يكون ذلك هو السبب الأكثر شيوعا، وذلك لشعور الطفل بأن لديه فراغا عاطفيا في حياته وأن احتيجاته العاطفية لا تقابل بصورة صحيحة وكاملة، لذا فيصبح هنا المصروف بديلا عن الحب والعاطفة. وفي هذه الحاله يجب على الوالدين أن يبذلا جهدهما لاعطاء طفلهم مزيد من الرعاية والاهتمام بوصفه عضوا مهما في الأسرة وإشراكه في حواراتهما وتكليفه ببعض المهام والمسئوليات المنزلية حتى يشعر بالثقة وبدوره المثمر في الأسرة. سيطرة وتطلعات.. أيضا قد يلجأ الطفل إلى السرقة إذا كان ينتمي إلى طبقة اجتماعية متوسطة ويخالط زملاء في المدرسة أو النادي من طبقات اجتماعية عالية، وذلك ليثبت لهم أنه في مستواهم، وهنا يجب على الوالدين محاولة إدخال طفلهم في الوسط الذي يناسبهم وإبعاده قدر المستطاع عن المغريات التي قد يتعرض لها. كما أن الطفل أحيانا قد يشعر بضعفه لأنه يفتقر إلى السيطرة على حياته، وبعض الأطفال يكون لديهم بعض الصعوبة في التعامل مع ذلك، وافتقار الطفل إلى الاستقلالية قد يسبب له مشكلة تدفعه إلى السرقة لإثبات ذاته وإكسابه الشعور بالسيطرة والقوة. أصدقاء السوء.. وقد يكون سبب السرقة هو وقوع الطفل تحت سيطرة مجموعة من الأصدقاء يفوقونه قوة وذكاء، فيوجهونه نحو السرقة على أنها مغامرة ممتعة ودليل على القوة والشجاعة، مما يدفعه إلى السرقة ليكون جزءا من هذه المجموعة المسيطرة ويستعرض هو الآخر قوته أمامهم، وهنا يجب معالجة المشكلة الأساسية وهي (أصدقاء السوء)، ثم معالجة نتاجاتها المتمثلة في السرقة. التخلص من مأزق.. قد يفقد الطفل النقود التي أعطاها له أحد والديه ليشتري بها شيئا فيخاف من العقاب ويفكر في السرقة للتخلص من ذلك المأزق، وغالبا ما يرجع ذلك إلى طريقة العقاب الخاطئة التي يتبعها بعض الآباء والتي تسبب حالة من الرعب والهلع عند الطفل إذا ارتكب أي خطأ مهما كان صغيرا. الإصابة بمرض نفسي.. فالطفل المصاب بمرض نفسي قد يدفعه هذا المرض إلى السرقة غير الإرادية أو مايسمى بالسرقة القهرية . خطوات للتعامل ولكي تعالجي طفلك من داء السرقة عليك اتباع ما يلي : - تعاملي بهدوء وابحثي عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء سلوكه، والتي قد تكون من داخل المنزل أوخارجه ،مشاكل زوجية بين الوالدين أو مشاكل مع الإخوه والأصدقاء. - وضحي لطفلك مدي قبح السرقة واضربي له دوما المثل الأعلى في الأمانة خاصة وهو في سن صغيرة. - أشبعي رغبته في الدفء العاطفي والحنان حتى يشعر بالثقة في النفس ولا يشعر بأي نقص قد يدفعه للسرقة. - تجنبي إعطاءه دروسا تظهر له المستقبل المظلم الذي ينتظره إذا استمر على حاله، أو القول له: كم أنا مصدومة فيك وأنه ولد سيء ولص وسيدخل السجن.. فتلك السيناريوهات ستسبب له الرعب، وتأكدي من أنه لا أحد في المنزل أو المدرسة يقول له ذلك. - علميه آداب الاستئذان قبل أن يأخذ أشياء لا تخصه أو حتى استخدمها داخل المنزل أو في المدرسة. واسأليه: "ماذا سيكون شعورك إذا أخذ أحد لعبتك أو أشياءك دون علمك؟ - لا توجهي لطفلك اتهاما بسرقة أي شيء إلا عند رؤيته أثناء قيامه بذلك لكي يتحدث الموقف عن نفسه، لأنه سينكر ويكذب وبذلك ستعززي عنده الكذب والخوف وعدم الأمانة، وإذا اعترف وقمت بمعاقبته فسيكذب عليك المرة القادمة لأنك لم تعالجي أساس المشكلة. - عند قيام طفلك بإرجاع ما سرقه لا تثيري الموضوع مرة أخرى، وذلك من أجل مساعدته على بدء صفحة جديدة. - أما إذا كانت السرقة متواصلة وصاحبتها مشكلات في السلوك وأعراض انحراف فإن السرقه في هذه الحالة دليل على وجود مشكلات أكبر خطورة في النمو العاطفي للطفل، لذلك يجب عرضه على اختصاصي نفسي في مشكلات وسلوكيات الطفولة.