"فاضل جثة.. فين جثة عبد الله؟.. أين هو؟.. كان بجواري".. صراخات ممزوجة بالألم أطلقتها أسر الضحايا في حادث تصادم قطاري الإسكندرية بالأمس، فبينما تسلمت العديد من الأسر جثامين زويهم، إلا أن هناك جثث اختفت لتبدأ مأساة جديدة.. "الوفد" رصدت معاناة العديد من الأسر الذين ذهبوا للبحث عن جثث زويهم.. أطفال يبحثون وهم يبكون عن آبائهم وأماتهم.. وأخت تبحث عن شقيقها الذي راح منها في الحادث المروع الذي خلف عشرات القتلى والمصابين. انخرط الحاج عطية السيد- 65 سنة، أمام مشرحة كوم الدكة، في البكاء أثناء تسلمه جثث أبناء شقيقه وأحفاده.. وخلال فحص الجثث وجد 6 جثث فقط صاح باكيًا أين جثة عبد الله؟.. اندهش الجميع مين عبد الله؟، فهو ليس بين المصابين ولا المتوفين، تساؤال ظل يتناوبه جميع أفراد أسرته فاضل جثة، فين جثة عبد الله؟.. صراخات ألم أطلقتها أسرة "عطية"، الذي خطف الموت 7 من أبنائها. فبينما تسلمت الأسرة جثامين 6 من أفرادها، بينهم 3 أطفال من مشرحة كوم الدكة، اختفت تمامًا الجثة السابعة لتبدأ مأساة جديدة للأسرة؛ ولأن إكرام الميت دفنه قررت الأسرة نقل الجثامين ال 6، لتوارى الثرى بمثواها الأخير بمقابر الأسرة بمنطقة خورشيد، بالقرب من موقع كارثة القطار، الذين لفظوا فيه أنفاسهم الأخيرة، على أن يعودوا مجددًا للبحث بين المشارح عن جثمان "عبدالله". امتزج الصراخ والعويل، خلال الموكب الجنائزي، وظل السؤال الحائر "فين جثة عبد الله؟. "عطية" قال نادمًا بعد فوات الآوان، يا رتنى ما كنت سمحت لهم بالسفر. وأكمل "عطية"، الذي غلبته أحزانه: شقيقي توفى منذ 15 يومًا، وحضرت ابنته "منى" التى تقيم بالإسكندرية لتودع والدها وتركت منزلها في محرم بك بالإسكندرية، وجاءت إلى قرية الرحمانية بالشرقية لتكون في وداعه، ومع انتهاء جنازة والدها ظلت "منى" التى اصطحبت نجليها "ياسين" 4 سنوات، و"بسملة "8 سنوات، إضافة إلى طفلتي زوجها "جودى" 8 سنوات، و"لوجى" 7 سنوات، ونجلتي شقيق زوجها "شمس" 10 سنوات، و"دنيا" 15 سنة، في انتظار زوجها ليعيدها إلى الإسكندرية، ومع انشغاله بعمله، وعدم تمكنه من السفر اصطحب "عبد الله" شقيقته "منى" ومعها الأطفال إلى محطة قطار أبوكبير، ليستقلوا جميعًا القطار رقم 576 لينقلهم إلى الإسكندرية، إلا أن الإهمال أراد لهم أن تكون رحلتهم إلى الآخرة بدلًا من الإسكندرية، بعدما اصطدم قطار القاهرة بالقطار الذي يستقلونه أثناء توقفه بمنطقة خورشيد. "عطية": "إحنا استلمنا الجثث ال 6 فاضلنا جثة عبد الله ابن عمي"، وأشار إلى أنه لم يترك مستشفى أو ثلاجة حفظ موتى، إلا وبحث فيها عن عبد الله، قائلا: "روحت مستشفيات البحيرةوالإسكندرية مالوش أثر، حتى مكان الحادث أخدت الرجالة ودورت فيه، دفنا أبوه من 15 يومًا وأمه وأخوه الصغير ملهمش غيره". طفل يبحث عن والديه: لم يكن الطفل محمد خالد محمد عبد العظيم- 7 سنوات، يعتقد أن الرحلة التى كان يقصدها لقضاء يومين في الإسكندرية ستكون بمثابة رحلة ألم ومشقة، إذ يرقد الآن في طوارئ مستشفي الأميري الجامعي الجديد بمنطقة سموحة في الإسكندرية، بعد إصابته في حادث تصادم قطاري خورشيد. يرقد الطفل بين الحياة والموت على سرير غارقًا في دمائه، وكل محاولات الوصول إلى معلومات عن الطفل هي أنه من منطقة الأغنامية بمحافظة الشرقية، ولم يتم التأكد إذا كان برفقة أسرته أم لا، وقال الفريق الطبي إن حالته حرجة، ولا يوجد مرافق من أهله، وتم تداول صوره على شبكات التواصل الاجتماعي، حتى تتعرف عليه أسرته. لبنى: "عاوزه ماما" بعيون تملأها الصدمة والدهشة، تجولت الطفلة الصغيرة "لبني"، لم تتخط السادسة من عمرها، فاحصة وجوه الحاضرين بغرفة طوارئ المستشفى الأميري الجامعي، بعد أن فاقت من غيبوبة استمرت لساعات متأثرة بإصابتها في الحادث، تحدثت الطفلة، بجملة واحدة:" ماما فين؟"، قبل أن تروح في نوبة بكاء هيستري، اسمها لبني عبداللطيف، كانت قادمة للإسكندرية، للاستمتاع مع أسرتها على شواطئ البحر، لتتحول الرحلة لمأساة، وبحسب الأطباء فإن الطفلة دخلت قسم الطوارئ بالمستشفي، بين مصابي حادث اصطدام قطاري خورشيد شرق الإسكندرية، مصابة بكسر في الساق اليسرى وكدمات وتجمعات دموية. تامر: "ابني راح في غمضة عين" وفي نظرات حائرة للبحث عن ابنه قال "تامر" 38 سنة، من قرية شنتنا الحجر بمركز بركة السبع في محافظة المنوفية،: "حضرت إلى الإسكندرية ومعي طفلي "فؤاد"- 12 سنة، لكي أحقق حلمه بالتنزة في الإسكندرية مكافأة نجاحه في الشهادة الابتدائية، انتفض ابني من الفرحة بعد أن أخبرته بالتنزه في الإسكندرية، انطلق الأب ونجله بحقيبة سفر صغيرة تكفي ليوم واحد، لم يدرك كلاهما أنهما بصدد الإقبال على "رحلة موت"، وأثناء استقلالهما القطار وعلى وشك تحقيق الحلم، كان الصغير ينظر من نافذته ومخيلته ترسم صورة للشاطئ وسماء عروس المتوسط، بينما كان الأب يحسب تكاليف الرحلة وما يمكنه أن يفاجئ به الصغير بعد دقائق قليلة، قبل أن يوقظهما ارتطام "تطايرت معه الأجساد"، قائلًا: "الصدمة كانت شديدة، والجثث حوالينا، وكنت بدور على ابني بين الضحايا الدماء انتشرت حولنا والصراخ لم يهدأ وآهات المصابين لم تكف"؛ وكأنني فى كابوس.. ابني راح مني في دقائق، ده هو حياتي كلها أنا بدونه لم أستطع العيش". سعيد: "هاتولى ولادى" "هاتولي ولادي.. أنا مقدرش أعيش من غيرهم.. إن شاالله تموتني بعدها"، كانت تلك صرخات ودموع "سعيد"، الذي فقد ابناءه الأربعة "محمد ومنة ومي وخالد" وقال باكيًا: "أخذتهم لقضاء إجازة المصيف ولم أعلم أنها ستكون نكبة، إيه ذنب أطفالي يدفعوا ثمن إهمال غيرهم، جثث أطفالي مختفية ولا أحد يعلم أين مكانها". وأضاف "سعيد": الجميع من حولي مصدومين وبيسألوني أنت متأكد إن أطفالك كانوا معاك؟.. هو ده سؤال؟! بدل ما تبحثوا على أطفالي تشككوا في أقوالي؟، الرحمة من عندك يارب. صفحة "الحملة الشعبية تراقب الإسكندرية" عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" نشرت صورة لطفل من مصابي الحادث يبحث عن زوجته في المستشفى الإيطالي. وأكدت الصفحة، أن الطفل بحالة صحية جيدة، وموجود بالمستشفى الإيطالي، ويبحث عن والدته التي فقدها في الحادث، وتفاعل عدد كبير من متابعي الصفحة في محاولة لإيصال الطفل لأهله.