يخيم شبح الفوضى على مصر مع كل حادث قتل جماعى جديد منذ سقوط مبارك..وكأن الرجل الذى وعدنا بالفوضى بديلا لحكمه فى خطابه الثانى قبل التنحى، كان يعد العدة والخطة لتنفيذ هذه الفوضى على الأرض فعليا بعد مغادرته قصر الرئاسة كرها. مجزرة بورسعيد التى جاءت فى ذكرى الخطاب الثانى..جددت شبح الفوضى،فى الوقت الذى أكدت براءة شباب الثورة من تهمة إشعال الحرائق وبث الفوضى، والتى دأب بقايا النظام السابق على إطلاقها بحقهم. فى الحادث الأخير كان الطرف الثالث فى أجهزة الأمن حاضرا يشير إلى نفسه بأصابع واضحة.. خاصة مع تصاعد تنفيذ عمليات الخطف المتكررة بقصد طلب الفدية، وجرائم السطو المسلح على البنوك، وقطع الطرق والسكك الحديدية وسرقة السيارات..فيما بدا أنه عمليات متسلسلة ضمن مخطط نشر الفوضى فى محاولة أخيرة لإعادة إنتاج النظام القديم أو إحيائه من العدم. حرص جهاز مبارك الأمنى على صناعة عناصر من البلطجية على مدار ثلاثين عاما ووظفهم وتعاون معهم، وكان يسميهم فى منشوراتهم السرية فى وزارة العادلى «العناصر المتعاونة» ومازال هذا الجهاز يدفع جيوش البلطجية لاستخدام كافة وسائل بث الرعب من أجل إجهاض الثورة، وكما اقتربت الثورة من تحقيق أهدافها زادت شراستهم وخستهم فى توجيه الضربات. مشهد يتكرر بكل تفاصيله فى كل بقعة من هذا الوطن ويقع مئات القتلى والجرحى وتسيل الدماء الطاهرة بهدف خلق الفوضى المدمرة فى جميع أركان الوطن، ولكن ما يثير الغرابة هو موقف المجلس العسكرى والشرطة التى تقف فى موقف المتفرج ولا يحركون ساكنا. عام كامل ملىء بفوضى ينفذها زبانية المخلوع ،خاصة فى ظل محاكمات هزلية اعتبرها النائب سعد عبود عضو لجنة تقصى الحقائق فى أحداث بورسعيد أحد أسباب هذه الفوضى،موضحا أن الثورة هزت أركان الوطن ولابد أن تكون له توابعه، وقدرتنا على الامتصاص والتغلب على هذه الفوضى المتعمدة يجعلنا نستطيع أن نعبر هذه المرحلة المصيرية بسلام. ويؤكد «عبود» أن هذه الأحداث سوف تعيد بناء الشعب من جديد، وعلينا أن ننتبه إلى رجال المخلوع الذين يسعون إلى نشر هذه الفوضى، وإلى ضرورة تطهير المؤسسات والهيئات التى يسيطر عليها قيادات وأعضاء الحزب الوطنى المنحل وأمانة سياساته. بينما يرى وائل خليل الناشط السياسى بحركة مصرنا أن الهدف من نشر هذه الفوضى هو تخويف الرأى العام من تسليم السلطة، مؤكدا أن سعى أصحاب المصالح الذين بنوا ثروتهم ونفوذهم فى عهد مبارك، يسعون إلى الحفاظ على مكتسباتهم ويساعدهم على ذلك طريقة المجلس العسكرى فى التعامل مع الشعب التى لم تختلف كثيرا عن طريقة النظام البائد. مؤكدا أن هذه الأحداث كشفت عن ضرورة تطهير جذرى من بقايا النظام السابق يبدأ من أعلى المناصب القيادية وحتى أدناها قبل تسليم السلطة للرئيس القادم حتى يستطيع أن يمارس مهامه..وقال إن المجلس العسكرى يسير على خطى مبارك ويخير الشعب بينه وبين الفوضى فهو لا يريد تغيير النظام بقدر ماكان يريد القضاء على الثوريث، وتظل الأمور على طبيعتها. بينما يرى عصام سلطان رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الوسط أن اقتراب موعد تسليم السلطة سوف يكون سبباً فى تضاعف أحداث الفوضى الممنهجة، وظهر ذلك بوضوح فى فعاليات 25 يناير التى فشلوا فى الوقعية بين شباب الإخوان والثوار..وباءت بالفشل، وقاموا بتدبر أحداث مذبحة بورسعيد، محذرا من محاولات تكرار إشاعة الفوضى فى المرحلة المقبلة. ويصف جمال زهران أستاذ العلوم السياسة الفوضى الحالية بأنها نتيجة طبيعية لاستمرار للنظام مبارك فى الحكم، مبينا أن نتيجة ذلك كان الانحراف بمسار الثورة وتجاهل تحقيق أهدافها والمماطلة فى تعقب الفساد وعدم مبادرة المجلس العسكرى فى تطبيق قانون العزل السياسى وحل الحزب الوطنى والمجالس المحلية وعدم تشكيل محاكمة ثورية، وكل ذلك ساعد على استعادة الثورة المضادة لقوتها على عكس ما كان يحدث عقب تنحى مبارك مباشرة كان أتباع النظام السابق لا يستطيعون التحدث أو الظهور فى أى وسيلة إعلامية أو غيرها. ويؤكد زهران أن المخرج الوحيد للخروج من هذه الفوضى هو تشكيل حكومة ثورية وتشكيل محاكمة ثورية تقتص من القتلة وعملائهم الذين يسعون إلى نشر الفوضى من أجل إعادة إنتاج النظام القديم، موضحا أن 90% من رموز مبارك مازالوا فى السلطة ويسيطرون على جميع الأجهرة الحساسة فى الدولة، خاصة الأجهزة الرقابية التى ترفض الكشف على التقارير التى تدين أعمدة النظام السابق. وتحمل كريمة الحفناوى الناشطة بحركة كفاية بقايا النظام السابق الكوارث التى جرت على مدار عام من الثورة ،مؤكدة أن النظام السابق لا يزال متحكما في سياسات الحكم، وانتقدت الحفناوى محاولات ترهيب الشعب المصرى بتصريحات المجلس العسكرى بوجود مخطط لحرق مصر، مؤكدا أن دور المجلس العسكرى هو القضاء على المؤمرات التى تهدف إلى تدمير البلاد وليس تخويف الرأى العام منها.